دخلت محادثات السلام لحل الأزمة فى سوريا مرحلة الضبابية فى المشهد والأفق السياسى، لاسيما فيما يتعلق بمشاركة الهيئة العليا للمفاوضات والتى لم تتخذ قرارها من المشاركة فى محادثات "جنيف-3" وعدم تسلم حزب الإتحاد الديمقراطى دعوات للمشاركة واعتذار البعض.
صالح مسلم: حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى لم يتسلم دعوة للمشاركة فى مباحثات جنيف
ومن جانبه، قال الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطى السورى، صالح مسلم، إن الحزب لم يتسلم دعوة للمشاركة فى مباحثات جنيف المقررة الجمعة المقبلة، مؤكداً أن تركيا لا ترغب فى إرساء السلام فى سوريا وتتعامل بعنصرية تجاه الأكراد.
وأكد "مسلم" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، مساء أمس الثلاثاء، أن رغبة الغرب فى إقرار السلام والحل السياسى فى سوريا عليه أن يشرك الأكراد فى العملية، موضحاً أن الفصيل الكردى هو القوة الفعالة التى تعمل على الأرض وتسيطر على أكثر من 15 % من مساحة سوريا، مشيراً إلى أن جدية الغرب أصبحت على المحك فيما يخص مشاركة الأكراد فى جنيف.
أحمد دواود أوغلو: تركيا تعارض بشدة مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطى بمحادثات السلام السورية
وقال رئيس الوزراء التركى أحمد داود أوغلو، إن تركيا تعارض بشدة مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطى في صفوف المعارضة بمحادثات السلام المقررة هذا الأسبوع، وهدد وزير خارجية أنقرة بمقاطعة أنقرة للمحادثات حال تم دعوة حزب الاتحاد الديمقراطى.
فيما قال مسئول الإعلام بحزب الاتحاد الديمقراطى السورى فى أوروبا "PYD" إبراهيم إبراهيم، إن إعلان تركيا مقاطعتها لمباحثات جنيف حال مشاركة حزبه يؤكد أن أنقرة لا تقبل بالآخر المختلف، وخاصة إذا كان المختلف كردياً، والحقيقة ما يقوى موقف تركية هو الائتلاف الوطنى السورى المقيم بأسطنبول الذى يشارك الدولة التركية فى معاداة الشعب الكردى، فضلاً عن أن تركيا تستفيد من استمرار نزيف الدم السورى، مؤكداً أن نظام أردوغان مستفيد من استمرار الحرب بسوريا على كافة الأصعدة.
وأكد "إبراهيم" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، من الدنمارك، مساء أمس الثلاثاء، أن تركيا لم ولن تقبل بمن يمثل الأكراد فى مباحثات جنيف، لأنها تعتبر أعضاء الائتلاف من الأكراد الذين صنعتهم هم من يمثلون الكرد، مشيراً إلى أن الائتلاف السورى المعارض لا يمثل سوريا، لأنه صنيعة تركية قطرية، وأن أنقرة ترغب فى مصادرة القرار الكردى، موضحاً أن الحزب ينتظر تسلمه دعوة رسمية للمشاركة فى المباحثات.
وأشار إلى أن روسيا والدول الأوروبية تعى أن حزب الاتحاد الديمقراطى السورى يمتلك مشروعاً تعددياً ديمقراطياً فى سوريا، مؤكداً أن تركيا تستخدم كل الأوراق لإقصاء الأكراد، موضحاً أن قوات سوريا الديمقراطية تسيطر على أكثر من 15% من مساحة البلاد، مشيراً إلى أن الفصيل المسلح يتكون من عناصر تركمانية وعربية وآشورية وكردية، وكشف عن مشاركة فصائل إرهابية مسلحة فى جنيف لا تؤمن بالحل السلمى، لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية، مؤكداً أنهم يمارسون الإرهاب وحصار المدنيين مثلما حدث فى مدينة عفريم التى يقصفها داعش والنصرة أيضاً، مؤكداً أن العمليات تتم بدعم جبهة النصرة وتنظيم داعش ويحاصرون من مليون ونصف مليون مواطن، مشيراً إلى أن جيش الإسلام المشارك فى جنيف يعتقل المدنيين، وأن جبهة النصرة وجيش الإسلام وأحرار الشام يمثلون مرجعية اتفاق بين النصرة وجيش الإسلام وأحرار الشام فهم مرجعية للتطرف الدينى.
بدورها عقدت الهيئة العليا للمفاوضات اجتماعها مساء أمس الثلاثاء لمناقشة ترتيبات المفاوضات المزمع عقدها نهاية الشهر الجارى، حيث توجه منسق الهيئة رياض حجاب بالشكر للأمم المتحدة والدول الصديقة على الجهود التى تبذلها للدفع بالعملية السلمية والسعى للتوصل إلى حل سياسى ينهى معاناة الشعب السورى.
وأعربت الهيئة فى بيان صحفى عن استعدادها لأن تنظر بإيجابية فى الموافقة على المشاركة فى العملية السياسية المفضية إلى بدء مسار الحل السياسى للأزمة السورية استناداً إلى بيان جنيف 30 2012، وقرار مجلس الأمن 2118 لعام 2013 كمرجعية للتفاوض، وذلك عبر إنشاء هيئة حكم انتقالى كاملة الصلاحيات التنفيذية مع الحفاظ على مؤسسات الدولة وإعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية على أن يتم تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015، دون أى استثناءات أو انتقائية فى التنفيذ على أرض الواقع، كما أبلغت الأمين العام للأمم المتحدة أنها أرسلت رسالة إلى المبعوث الأممى لسوريا تطلب منه توضيح بعض النقاط التى وردت فى خطاب الدعوة.
وشددت الهيئة على "ضرورة تحقيق تحسن حقيقى على الأرض قبل الشروع فى العملية التفاوضية، وذلك من خلال فك الحصار عن المدن، وإيصال المساعدات إلى المناطق المنكوبة، وإطلاق سراح السجناء وخاصة منهم النساء والأطفال، ووقف تنفيذ أحكام الإعدام، مؤكدة ضرورة فصل العملية التفاوضية عن الحالة الإنسانية المروعة التى يجب معالجتها وفق المادتين 12 و13 من قرار مجلس الأمن 2254، وأن العائق الحقيقى لتحقيق بنود هذا القرار الأممى الملزم هو من يضع شروطاً مسبقة لتنفيذه، وذلك من خلال ربط معالجة القضايا الإنسانية بتحقيق تقدم فى المسار السياسى، ولا شك فى أن مقايضة المواقف السياسية بمعاناة الشعوب هى سلوكيات لا إنسانية ولا يسوغ للمجتمع الدولى أن يقبل بها تحت أى ظرف.
جهاد مقدسى يعتذر عن حضور مؤتمر جنيف
ومن جانبه، اعتذر عضو لجنة مؤتمر المعارضة السورية بالقاهرة، جهاد مقدسى، مساء أمس الثلاثاء، عن المشاركة فى الجولة الأولى من مفاوضات جنيف، معرباً عن شكره وتقديره للمبعوث الخاص لسوريا ستيفان دى مستورا لتوجيه الدعوة وجهود المنظمة الدولية فى مساعدة سوريا لوقف الحرب وإنجاز الانتقال السياسى المطلوب.
وأكد "مقدسى" فى تصريح صحفى، أنه تسلم دعوة للانضمام لمسار المفاوضات فى شكل مشاورات غير مباشرة حول كيفية إنهاء النزاع ووضع أسس لتسوية مستدامة فى سوريا بناء على مرجعية جنيف وورقة فيينا وقرار مجلس الأمن الدولى 2254.
وأوضح أن عملية تشكيل وفود المعارضة السورية قد شابها الكثير من الاشكالات بين مختلف أطياف المعارضة السورية، وكذلك تجاذبات على صعيد الدول المعنية فى الأزمة السورية، الأمر الذى أدى فى نهاية المطاف إلى تشكيل سريع لوفود لا تحظى حتى اللحظة بالانسجام المرجو فى ضوء هذا الاستحقاق الوطنى الهام والمصيرى.
وتابع "أعتقد أن غيابى المؤقت عن هذه الجولة الأولية قد يساهم فى تخفيف حدة التجاذبات الحالية، على أن أساهم لاحقاً فى أى جهد إيجابى وبناء يخدم القضية السورية حصراً".
بدوره، قال عضو الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن لقاء المعارضة السورية فى الرياض سالم المسلط، إن الهيئة ستعقد اليوم الأربعاء اجتماعاً آخر لتحديد موقفها النهائى من المشاركة فى مفاوضات جنيف المرتقبة الجمعة.
وكانت خلافات حول الجهات التى ستشارك فى المفاوضات قد أدت إلى تأجيلها بعدما كان مقرراً انطلاقها الاثنين الماضى.
ومن بين العقبات كانت مسألة مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطى، الذى يقاتل ذراعه المسلح (وحدات حماية الشعب الكردية) مع قوات سوريا الديمقراطية تنظيم داعش الإرهابى شمال سوريا.
قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دى ميستورا، إن مفاوضات السلام بين قوى المعارضة والحكومة ستعقد فى 29 يناير الجارى فى جنيف، مشدداً على أن الأمم المتحدة تركز فى هذه المرحلة على ضمان وقف إطلاق النار ووقف زحف تنظيم داعش فى سوريا للسماح بمرور مزيد من المساعدات.
وبخصوص فترة المفاوضات، أكد المبعوث الدولى أنها ستدوم ستة أشهر، قال إنها ستعقد من دون شروط مسبقة.