"مصر احتلت الجزيرتين".. جملة رددها كثيراً الحاضرون عن هيئة قضايا الدولة، أمام المحكمة الإدارية العليا للتأكيد على أن الجزيرتين سعوديتين، وذلك خلال مرافعتهم على مدار عدة جلسات قبل أن تصدر المحكمة حكمها اليوم برفض الطعن وتأييد حكم بطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
الجملة تسببت حينها في حالة غضب كبيرة من قبل مقيمي الدعاوى أمام المحكمة واعترضوا على الوصف، أثناء مرافعة الممثلين عن هيئة قضايا الدولة، رغم أنه جاء في عدد من الأوراق والمستندات الرسمية التي قدمتها الهيئة لإثبات سعودية الجزيرتين.
وفي حيثيات حكم اليوم تطرقت المحكمة إلى هذه الجملة التي ذكرت في عدد من المراسلات، وعرفت كلمة احتلال وفقا للمنظور العسكري، حيث قالت إنذكر كلمة "احتلال" فى المكاتبات العسكرية إذ أن ذلك له مدلول فى المصطلحات العسكريةTerms Militaryفالاحتلال العسكرىMilitary occupationغير المشروع هو المحظور دولياً، وهو الاحتلال الناجم عن حالة الحرب غير المشروعة كأحد أشكال الاستعمار، الذى تحظره القواعد الدولية الحديثة، أى الاحتلال كنتيجة للحربOccupation as an aftermath of war ومثلها احتلال القوات الإسرائيلية لأرض فلسطين العربية، إذ تبقى سيادة فلسطين الشرعية على إقليمها قائمة لكنها لا تمارسها لسبب مانع هو غل سلطتها عن الإقليم المحتل.
وأضافت في حيثياتها أما إذا لم تكن هناك حالة حرب بين دولتين فإن لفظ الاحتلال لا يعدو أن يكون مصطلحاً عسكرياً تعرفه جيوش شعوب العالم أجمع فيما بينها، لدى تسكين جنودها أحد المعسكرات التابعة لإقليمها وهو المعروف باحتلال موقع المدافعoccupation of gun position ، وهذا المعنى الأخير هو المقصود فى الحالة الماثلة ويتفق مع السيادة الدائمة التى مارستها مصر منذ 1906 على هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم المصرى حتى الاَن، ولم تكن سيادة مصر عليهما عارضة أو مؤقتة ناجمة عن حالة حرب غير مشروعة.
قالت كذلك إن قول الجهة الإدارية أنه قد ورد بمستند أن الجيش المصرى قد احتل جزيرتى تيران وصنافير فمعناه الحقيقى - فى ضوء ما تقدم من مفاهيم عسكرية عالمية مستقرة - الاحتلال بالمفهوم الميدانى للجيوش على جزء من إقليمها وليس استيلاءً على أرض غير مملوكة له، وظاهر العبارة – كما أرادته الحكومة – تحمل سوءاً فى القصد أو معنى غير مقصود فنياً، ذلك أن لفظ احتلال فى عرف الجيوش هو الانتشار أو السيطرة وهو لفظ – كما سلف البيان – يطلقه الجيش على عملياته العسكرية داخل أرضه ويختلف اختلافاً جوهرياً عن احتلال الأرض والأوطان للغاصب الذى عانى منه الشعب المصرى عقوداً ودفع جيشه وشعبه ثمناً غالياً من دمه، الذى ارتوى بأرضه فى حروب انهزم وانتصر ليبقى على حدوده ويرد عنها كل عدوان ولا يسوغ لنعت تصرفه بالاحتلال بمجرد إخطار دولة مجاورة بأنه يتم السيطرة على الجزيرتين، بحسبان ذلك لا يخرج عن كونه إخطاراً، وهو أمر متعارف عليه بين جيوش الدول حال إجراء مناورتها أو القيام بأعمال مشابهة، خاصة وأن مستندات الطعن قد افصحت دوماً على أن مصر تستحوذ على الجزيرتين من تاريخ سابق، أخذاً فى الاعتبار أن مستندات الطعن خلت من أيةوثيقة مكتوبة باتفاق دولى بالمعني السالف الإشارة له بين دولتي مصر والمملكة العربية السعودية يُنبئ على أن الجزيرتين كانتا ضمن الحدود السياسية أو الجغرافية للدولة الأخيرة.