بلهجة صعيدية محببة، وقفت هناء فى منتصف قاعة جمعية "تلا" الزراعية بمركز المنيا، تروى قصة نجاحها لزوار الجمعية الأجانب، قائلة: "اسمى هناء ناجى" أعمل عضوًا بمجلس إدارة الجمعية العامة لمزارعى المنيا وسكرتير تنفيذى لها، ووقعنا بروتوكول لتنمية المرأة الريفية مع وزارة الرى"، وقبل أن تكمل حديثها قاطعها الزوار الدنماركييون بالتصفيق، حيث كانت "تلا" تنتظر زيارة وفد هيئة دينمشن الدنماركية وهى أحد الهيئات المانحة الكنسية التى تعمل على تنمية مجتمعات العالم الثالث عبر شركاء محليين حيث تعمل فى مصر بالشراكة مع الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية التى يتولى فرعها فى المنيا الإشراف على جمعيات أهلية صغيرة ودفعها وتطويرها عبر برامج ودورات تدريبية.
"هناء ناجى" عضو مجلس إدارة الجمعية الزراعية باختيار الرجال
تكمل هناء التى تقترب من الثلاثين بثقة كبيرة فى نفسها وتقول: بعدما أسسنا جمعيتنا الصغيرة فى القرية بمشاركة الهيئة الإنجيلية بدأنا مرحلة بناء الوعى المؤسسى لصغار المزارعين وحصلنا على دعم من وزارة الزراعة لتسويق المنتجات الزراعية وبدأ شكل الحياة يتغير فى قريتنا، ورويدًا بدأنا ننقل التجربة لقرى مجاورة وشكلت كل قرية من قرى المنيا جمعية زراعية لها ثم شكلنا جمعية تعاونية كبرى تضم 13 ألف مزارع يمثلون كافة مزارعى المنيا.
وتضيف: "بعد نجاحى فى إدارة جمعية قريتى التى تعينت فيها، ترشحت على عضوية مجلس إدارة الجمعية التعاونية العامة للمحافظة، وكان المرشح المنافس رجل"، تقول هناء بثقة كبيرة، "ثم أعلنت برنامجى الانتخابى وأقنعت المزارعين الرجال به فأنتخبونى عضوًا بمجلس الإدارة ولم أشأ أن أترشح على منصب رئيس مجلس الإدارة لأن هناك رجل أكفأ منى ولا يعنينى النوع الإجتماعى أو الجندر بقدر ما تعنينى القدرات"، تؤكد هناء وهى تستخدم مصطلح "الجندر" ثم تفسر "حصلت على دورات تدريبية عن تمكين المرأة وقضية النوع الاجتماعى".
عطيات حسن.. منسق مشروع صغار المزارعات
"أنا عطيات حزين حسن" أعمل منسقة لمشروع صغار المزارعات، تروى عطيات قصتها مع المشروع الذى تطوعت للعمل به من 17 عامًا حتى صارت من قيادات القرية الفاعلين، تقول "تطوعت فى المشروع للتواصل مع السيدات ثم زادت طموحاتى فحصلت على دورات تدريبية ومحاضرات عن التنمية الريفية فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية وأسسنا جمعية صغار المزارعات ومنتجات الألبان وبدأت النساء تتجه لإنتاج الألبان وتغيرت رؤيتهن كثيرًا بعد الدورات التدريبية حتى أن السيدة تحولت من مجرد مساعدة لزوجها فى الأرض إلى صاحبة القرار فى نوع المحصول.
وتضيف عطيات: مشروع صغار المزارعات يبدأ بـ750 جنيها تمويل لكل سيدة تبدأ به العمل كرأس مال، فهناك من تشترى رؤوس ماشية وترد لنا المبلغ عن طريق منحنا المولود الأول من المواشى والذى نمنحه لسيدة أخرى لنعيد تدوير الأموال، وهكذا الحال فى الكثير من الدواجن والطيور.
وتوضح عطيات: صار للسيدة دخلًا منفصلًا عن زوجها حتى أن إحداهن قررت تعليم ابنتها بما تكسبه من أرباح بعيدًا عن دخل الأسرة مضيفة: فى البداية كان الأزواج يعترضون على خروج سيداتهم لدورات تدريبية ولكن مع انتشار المشروع ونجاحه فى القرى صاروا مرحبين جدًا.
"رفقة" تعلم جيرانها زراعة سلالات جديدة من البطاطس
بملابس حديثة، لا تشبه جلابيب نساء القرى، وقفت رفقة لتعرف نفسها كواحدة من صغار المزارعين، وتروى تجربتها مع زراعة سلالة جديدة من البطاطس، رفقة التى تجاوزت الثلاثين عامًا من عمرها بقليل تستأجر أرضًا زراعية فى قريتها وتدير مشروعها الزراعى بنفسها. "أنا رفجة" وتقصد رفقة، ومن صغار المزارعين تضيف: تعلمت زراعة نوع جديد من البطاطس اسمه "الليدى" بدلًا من البرن الذى يزرعه الجميع هنا فى القرية، زرعت فدان "ليدى" بتكلفة 22 ألف جنيه بعدما كنت أزرع "البرن" بتكلفة 40 ألف.
وتستكمل: تعرفت على المحصول فى الجمعية الزراعية، ووفرت فى التكاليف والإنتاجية وهو محصول مبكر فحصدته مبكرًا واستفدت بالفرق، ثم بدأ جيرانى المزارعين يتعرفون على المحصول وطريقة زراعته وساعدتهم فى ذلك، مضيفة: أما المخلفات الزراعية التى كنت أحرقها فتعلمت أيضًا صناعة السماد العضوى منها "الكومبوست" ووفرت فى الأسمدة حيث كنت أشترى 10 شكارات وصرت أبتاع خمسة أما المحصول فتضاعف مرة ونصف بفضل ما تعلمته".
لم تقتصر ثورة نساء المنيا على ما حققناه فى مجال الزراعة، بل أن الكثيرات منهن، عملن على محاربة المرض بنشر الوعى ضده، وبالكشف المبكر، مثل صفاء ثابت التى تعمل بجمعية "نواى" واحدة من أفقر قرى المنيا، تعمل على توعية النساء بخطورة سرطان الثدى بعدما حصلت على دورات تدريبية مكنتها من تدريب الأخريات على الكشف المبكر على المرض، ثم صارت عضوًا فاعلًا فى القوافل التى تجوب القرى للكشف على النساء والإطمئنان على حالتهن الصحية".
مريم تتحدى فيروسc بالانضمام للقوافل الطبية
أما مريم، فقررت محاربة فيروسc، بعدما كشفت الإحصاءات عن تصدر محافظة المنيا للمحافظات الأكثر إصابة بالمرض، فعملت مع الهيئة القبطية الإنجيلية وعبر لجانها الطبية على التوعية بخطورة المرض وكيفية اكتشافه والتحذير منه وطرق انتقال العدوى.
أسماء: علمونى أصرخ ضد التحرش
"علمونى أصرخ" قالت أسماء التى تبلغ من العمر 15 عامًا وتنتمى لقرية "الفقاعة" بعدما حصلت على دورة تدريبية عن التحرش الجنسى، وتضيف أسماء "عرفت ماذا يعنى التحرش وكيف أستعين بحكماء القرية للشكوى إذا تعرضت له وكيف أوقف المتحرش عند حده ولا أخشى من لوم أهلى"، وتستكمل: الكثير من الفتيات يتعرضن للتحرش دون أن يعرفن معنى الكلمة".
النائبة مرفت موسى: فخورة بنساء المنيا ورغبتهن فى الحياة
أما النائبة مرفت موسى عضو مجلس النواب عن محافظة المنيا، فقالت إنها عملت لسنوات طويلة فى جمعية المرأة والطفل النسائية بالمنيا، حتى أن عملها العام مع النساء هو الذى مكنها لتصبح أول نائبة منتخبة من شمال المنيا، وتؤكد إنها فخورة بالنسوة اللاتى تحدين العادات والتقاليد وكسرن السائد من أجل الحياة.