توقع تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين لدى بنك الاستثمار العالمى "رينيسانس كابيتال"، أن مصر ستكون ثانى أكبر مستفيد من السياسة التجارية التي يتبعها ترامب بعد روسيا.
وتسود الأسواق العالمية حالة من الترقب وعدم اليقين إزاء سياسات الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، خاصة فيما يتعلق الاتفاقيات التجارية وسياسات الهجرة. وعمق الرئيس الأمريكى من تلك المخاوف بعد قرار، الجمعة الماضية، بحظر رعايا 7 دول من دخول الولايات المتحدة، وهى: العراق وسوريا واليمن وإيران وليبيا والصومال والسودان، لمدة 3 أشهر.
ونقلت نشرة "إنتربرايز" عن روبرتسون الذى قام مؤخرا بزيارة استثمارية لمصر، قوله إن التوقعات إيجابية بالنسبة للاقتصاد المصري، لاسيما مع جدية الحكومة في تنفيذ برنامجها الإصلاحي والدعم الذي تتلقاه من المؤسسات المالية العالمية.
وأضاف روبرتسون أن "الصدمة الناتجة عن التراجع الكبير لسعر العملة بعد التعويم والمخاوف بشأن معدلات التضخم" هى التى جعلت التوقعات أقل تفاؤلاً بشأن سعر الصرف.
وتعليقا على التقرير، قال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادى وأستاذ التمويل والاستثمار، إنه من الصعب التكهن بشأن سياسات الولايات المتحدة الخارجية بقيادة "ترامب" الخارجية والاقتصادية، مشيرا إلى أن أى تكهنات بشأن سياسات سياسات الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد فى العالم، فى ظل ما تم اتخاذه من قرارات خلال الأيام القليلة الماضية يعتبر "محض عبث".
وبالتالى، يرى الخبير الاقتصادى أنه من الصعب التنبؤ بمدى تأثير سياسات ترامب على الاقتصاد المصرى، وتابع: "كاقتصاديين لا يمكننا التنبؤ فى ظل هذه التقلبات عالية والتصريحات المتلاحقة"، مستبعدا فى الوقت ذاته حدوث تغيرات جوهرية فى سياسات الولايات المتحدة مع ترجيح سيناريو انتصار دولة المؤسسات على القرارات الفردية.
ودعا نافع إلى الانتظار والترقب لسياسات الولايات المتحدة، مؤكدا أن أى سياسات أمريكية أكثر تشددا وانغلاقا ستؤثر على مصر سلبا أكثر منه إيجابا.
وتوقع "روبرتسون" تحسن سعر صرف الجنيه ليصل إلى 15.5 جنيه للدولار إذا ما تم احتواء معدلات التضخم ما بين 20 إلى 25%. وأوضح أنه طالما أن التضخم أقل من 40% فليس هناك ما يبرر تواصل انخفاض سعر صرف الجنيه. وأشار إلى أن وضع آلية لضمان تحويل الأرباح مثل التي كانت مفعلة قبل 2013 ستكون بمثابة خطوة إيجابية، لافتا فى الوقت ذاته إلى أن المستثمرين الدوليين لا زالوا قلقين من العودة للسوق لزيادة استثماراتهم فيه، إذ "ينتظرون أن تبرهن لهم السلطات أنها سترفع ما تبقى من الضوابط على رأس المال دون حدوث المزيد من الانخفاض للجنيه.
وأظهرت وثائق صندوق النقد الدولى إن اتفاقية قرض الائتمان الممتد مع مصر، تتضمن إلغاء القيود على رأس المال التى أقرها البنك المركزى فى وقت سابق، بحلول نهاية يونيو المقبل، وبناء عليه أنه سيتم إلغاء القيود على تحويلات الأفراد للمبالغ التى تزيد عن 100 ألف دولار، وكذلك إلغاء سقف الإيداع النقدى بالعملة الصعبة البالغ 50 ألف دولار للشركات المستوردة للسلع غير الأساسية.
وتوقع روبرتسون نمو الاقتصاد بنسبة 3% فقط خلال العام المالي 2018/2017، وهو أدنى من تقديرات صندوق النقد الدولي والحكومة المصرية بتحقيق نمو قدره 4% في الناتج الإجمالي المحلي، لكنه توقع أن يتضاعف النمو خلال الثلاثة أعوام التالية إلى 6% سنويا بدءًا من 2019/2018، وهو ما يزيد عن توقعات صندوق النقد.
واتفق نافع مع تقديرات "رينيسانس كابيتال"، مؤكدا أن توقعاته تأتى منطقة وسط بين تقديرات الحكومة وصندوق النقد من ناحية وبيت توقعات "كابيتال إيكونوميكس" البريطانية التى توقعت 1% نمو فقط خلال العام المالى الجارى.
وأوضح نافع أن هناك عدة إجراءات والتغيرات فى الواقع الاقتصادى تحد من فرص تحقيق النمو المستهدف بنسبة 4%، من بينها تأخر تطبيق ضريبة القيمة المضافة والتى دخلت حيز التنفيذ فى أكتوبر بدلا من بداية العام المالى، وتأخر تحصيل الإيرادات الناجمة عن قضايا التهرب الضريبى، والمغالاة فى تقدير بند الإيرادات فى الموازنة العامة فى الدولة.
وأكد نافع ان تراجع الإيرادات الحكومية يؤثر على خطط الاستثمار والإنفاق الحكومى الذى كان يعول عليه بعد تراجع الاستهلاك الخاص نتيجة ارتفاع التضخم وتراجع القوة الشرائية، فضلا عن اتجاه الأفراد للادخار بعد طرح شهادات الادخار بعائد وصل إلى 20%. وأردف: "محفزات النمو بشقيه من الاستثمار والإنفاق تضررت من السياسات التقشفية التى تتضمنها عادة برامج الاقتراض من صندوق النقد الدولى، فى إطار ضبط أوضاع المالية العامة، بهدف الحد من عجز الموازنة والدين العام".