فى الوقت الذى تسعى فيه الجمهورية الإسلامية فى إيران لانفتاح على الاتحاد الأوروبى، وتسير نحو هذا الهدف منذ توقيع الاتفاق النووى مع دول (5+1)، وإعلان تطبيقه بداية عام 2016 ورفع العقوبات رسميا عن كاهل اقتصادها المنهك، سارع الرئيس الإيرانى حسن روحانى نحو جولة أوروبية لأول مرة منذ سنوات بدأها بالعاصمة الإيطالية سعيا لتقوية علاقات بلاده الاقتصادية وجرى توقيع تعاقدات بقيمة تصل 12 مليار دولار بين شركات إيرانية وإيطالية.
وفى فرنسا وقعت سلسلة صفقات تجارية كبرى مع فرنسا تصل قيمتها إلى 15 مليار يورو وذلك رغم الانتقادات اللاذعة، التى وجهتها دول الاتحاد الأوروبى إلى طهران على ملف حقوق الإنسان والحريات.
انفتاح دول الاتحاد الأوروبى على شراكة اقتصادية كبرى بمليارات الدولارات مع طهران يطرح تساؤلات حول سلوك الدول الأوروبية، التى تملى شروطها أمام الشراكة الاقتصادية فى ملف حقوق الإنسان والحريات والإصلاحات السياسية على شركائها، خاصة أن الرئيس الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند أثار قضية الحريات الغائبة فى طهران وملف حقوق الإنسان و"ذكر" نظيره الإيرانى حسن روحانى بـ"تمسك فرنسا بحقوق الإنسان" وخلال مؤتمر صحفى مشترك، وقال "لقد تحدثنا فى كل شىء، ذكرت بتمسك فرنسا بحقوق الإنسان، والحريات لأن هذه هى القاعدة دائما فى السلوك الفرنسى"، واعتبر أن "مكافحة الإرهاب يمكن أن تتم بدون المساس بحقوق الإنسان".
إثارة فرنسا لملف حقوق الإنسان والحريات فى إيران يأتى متزامنا مع إعلان منظمة هيومن رايتس ووتش تقريرها السنوى العالمى، والذى يستعرض حقوق الإنسان فى أكثر من 90 دولة، وقال التقرير: إن قوات الأمن والمخابرات هما أكثر من انتهك حقوق الإنسان فى إيران فى 2015، حيث سُجل ارتفاعا كبيرا فى عمليات الإعدام مقارنة بالسنوات السابقة، وأعدمت إيران أكثر من 830 سجينا، معظمهم فى جرائم مخدرات، وأضاف التقرير أن السلطات فرضت بشكل متكرر قيودا خانقة على حرية التعبير والمعارضة.
ووفقا للتقرير واجه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعى والفنانون والصحفيون- ومنهم مراسل صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، جيسون رضائيان، وهو أمريكى من أصل إيراني- أحكاما قاسية بتهم أمنية مريبة. كما عانت حرية التجمع وتكوين الجمعيات فى 2015 من مضايقة السلطات واعتقالها للطلاب والمعلمين وأعضاء النقابات العمالية بسبب أنشطتهم السلمية. زُج بالعشرات من النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان فى المعتقلات بسبب أنشطتهم السلمية أو المهنية.
وقال التقرير إن النساء تواجه فى إيران التمييز فى كثير من جوانب الحياة، بما فى ذلك المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والميراث. وفى 2015، سعت السلطات إلى إصدار قوانين تمييزية تحد من توظيف النساء فى قطاعات معينة، وتقيد الوصول إلى تنظيم الأسرة.
والأقليات الدينية والعرقية، فضلا عن اللاجئين والعمال المهاجرين، يعانون من التمييز فى إيران على مستويى القانون والممارسة. تحرم الحكومة البهائيين، أكبر أقلية دينية غير مسلمة فى إيران، من حرية المعتقد. كما استهدفت قوات الأمن المتحولين من الإسلام إلى المسيحية. وفرضت الحكومة قيودا على الأنشطة الثقافية والسياسية للأقليات الكردية والعربية والبلوش.
ووفقا للتقرير يواجه اللاجئون والعمال المهاجرون الأفغان فى إيران، الذين يقدر عددهم بين 2.5 مليون و3 ملايين نسمة، عقبات فى الحصول على الخدمات الاجتماعية. أصبحوا أكثر عرضة، من عموم السكان، لخطر الاستجواب التعسفى، وأحيانا الاعتقال من قبل السلطات، ولا تتوفر لهم إمكانيات كافية للجوء إلى القانون حين يتعرضون للإساءة، سواء من جهات حكومية أو من القطاع الخاص.