لم يتّبدل انطونيو كونتى كثيرا. بخلاف شَعرَهُ الذى أصبح كثيفًا بعد عملية الزرع، لا يبدو القائد السابق لنادى السيدة العجوز مختلفاً، إذ تدرج نسقُ القيادة وروح المسؤولية من الملعب (عندما كان لاعبا) إلى الدِكة (عندما أضحى مدربا) سواء مع "يوفنتوس" أو مع المنتخب الإيطالى.
ينظر كونتى إلى كرة القدم ب"فلسفة" خاصة، فهو القادم من الأجواء الأكاديمية بحصوله على بكالوريوس فى العلوم الرياضية، يرى أن التكنولوجيا باتت عامل مهم فى كرة القدم العصرية حيث يعتمد المدربون عليها فى تحليل الإحصائيات والجهد البدنى للاعبين والكشف عن مردود كل لاعب.
صحيح أن كونتى رفض التعليق على مقاطعة الاتحاد الإيطالى لحفل أفضل لاعب فى العالم، لكن ذلك لم يمنعه من الاشادة بمن وصفهم بـ"أساطير كرة القدم" مثل الجوهرة السوداء بيليه والأسطورة الأرجنتينية دييغو مارادونا والفرنسى زين الدين زيدان وصولا إلى البرغوت الأرجنتينى ليونيل ميسي والدون البرتغالى كريستيانو رونالدو.
الكرة الإيطالية فى أزمة!
يعترف مدرب المنتخب الإيطالى فى دردشة مع وكالة فرانس برس على هامش تواجده فى الدوحة قبل فترة أن ثمة تخوف وقلق من تراجع المواهب فى الساحة لكروية الإيطالية، معللا رأيه بالقول إنه "من بين 100 لاعب مميز فى الدورى الإيطالى هناك 34 فقط إيطاليون وهذا يعكس بوضوح صعوبة إيجاد لاعبين مميزين للمنتخب وبالطبع أى تراجع لمستوى الأندية يؤثر على مردود المنتخب الوطنى ".
ويردف كونتى: "من المؤكد أن ظهور أندية أخرى ودخولها على خط منافسة اليوفى فى الكالتشيو من شأنه أن يخدم مصالح المنتخب والكرة الإيطالية بشكل عام، لأن قوة الدورى المحلى تنعكس بالإيجاب على المنتخب الذى يعكس بدوره الوجه الحقيقى لأى دورى فى العالم".
ويؤكد أنطونيو أن "تركيبة المنتخب الإيطالى مبنية على توليفة مهمة من لاعبى يوفنتوس والميلان، لكن "اليوفى" يدعم المنتخب بلاعبين مميزين على مستوى الدفاع وحراسة المرمى كجانوليجى بوفون وجورجيو كيلينى وليوناردو بونوتشى وأندريا بارزاغلى وكلاوديو ماركيزيو، ولا شك أن تألق هؤلاء اللاعبين مع ناديهم من شأنه أن ينعكس إيجابيا على مستوى المنتخب خاصة أن كان هذا التألق على المستوى الأوروبى كما فى الموسم الماضى".
ويضيف: "هؤلاء يشكلون نواة المنتخب ودعاماته الأساسية، ومن هذا المنطلق أنا مرتاح ومطمئن على المنتخب ".
مجموعتنا متوازنة فى "اليورو"
ويشير كونتى إلى أن قرعة أمم أوروبا 2016 وضعت "الآزورى" فى مجموعة تضم منتخبات قوية مثل منتخب بلجيكا الذى يضم عددا كبيرا من اللاعبين الموهوبين لافتا أيضا إلى صعوبة منتخب السويد بقيادة زلاتان إبراهيموفيتش، ومنتخب جمهورية إيرلندا الذى فاجأ الجميع بمستواه.
ويضيف: "فى المجمل أرى أن هناك توازنا فى المجموعة مع بعض الأفضلية لبلجيكا ولكننا (كمنتخب إيطاليا) نكبر يوما بعد يوم وأعتقد أننا نسير فى الطريق الصحيح من عدة نواحى. علينا أن نعمل بشكل جدى بعد نهاية الدورى ونتدرب بقوة فريق واحد وليس كمنتخب لكى نكون فى الموعد مع انطلاق البطولة الأوروبية".
وإذا ما كان يرشح منتخب بلاده للعب دور متقدم فى كأس الأمم الأوروبية يقول كونتى: "فى إيطاليا نحن دائما تحت الضغط. لا ننظر إلى مناسبات بعينها نظرة مختلفة بل كل المناسبات هى بمثابة تحدى أمامنا. صحيح أننا نمر بمرحلة انتقالية خصوصا فيما يتعلق باللاعبين الموهوبين على الساحة الكروية الإيطالية وهذا يعكس صعوبة العثور على لاعبين موهوبين لضمهم للمنتخب، لكننا نعتبر أنه لدينا تاريخ واسم على الخارطة الكروية الأوروبية والعالمية تجعل الجميع يحترمنا وهذا هو مصدر الضغط الحقيقى بالنسبة لنا".
ويشير إلى هناك منتخبات مرشحة وقوية كفرنسا، التى تُعد من الدول التى إذا نظمت بطولة فهى تسعى للفوز بلقبها، وهناك إسبانيا المنتخب القوى وألمانيا بطلة العالم ومنتخب بلجيكا المتطور كثيرا، وهناك أيضا منتخب إنكلترا الذى يعد من المنتخبات القوية.
سنواجه أسبانيا وديًا!
وعن قرعة تصفيات كأس العالم "روسيا 2018"، يعترف مدرب المنتخب الإيطالى أن ثمة صعوبة فى تحقيق التأهل مباشرة بتواجد المنتخب الإسبانى فى مجموعته إلى جانب ليشنتشتاين والبانيا ومقدونيا وإسرائيل، مؤكدا أنه تم الإعداد لإقامة مباراة ودية بمواجهة منتخب إسبانيا فى مارس المقبل، ويُضيف: "أتمنى أن نواجههم أيضا فى أمم أوروبا بفرنسا وستكون فرصة طيبة لنا أن نواجههم أكثر من مرة قبل تصفيات المونديال".
كونتى، الذى بدأ لاعبا محترفا عام 1989 فى نادى ليتشى قبل انتقاله عام 1992 إلى يوفنتوس، يتناول أيضا الفارق بين أن يكون مدربا لناد وان يكون مدربا لمنتخب.
ويقول: "عندما تكون مدربا لناد تكون حينها مشغولا بشكل يومى لكن هذا يعطيك فرصة أكثر للعمل مع اللاعبين بشكل متكرر لتطوير مستواهم. أما كمدرب وطنى للمنتخب فإن لديك الوقت وتعمل بشكل متقطع، واعتبر نفسى محظوظا بأن دربت على مستوى النادى والمنتخب".
ويطمح كونتى الذى توج مع يوفنتوس كلاعب بالدورى الإيطالى 5 مرات، ودورى أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الأوروبى وكأس الإنتركونتيننتال مرة واحدة، يطمح أن يُسجل حضورا بارزا على مستوى تدريب المنتخب فى "يورو 2016" الصيف المقبل ليُرّصع بذلك الانجازات التى سبق وحققها مع "اليوفى" كمدرب بقيادته للقب "الكالتشيو" 3 مرات متتالية.