نقلا عن العدد اليومى...
تكلمنا وتكلم غيرنا كثيرا عن المحليات، وأهمية أن يقوم كل مسؤول بعمله دون زيادة أو نقصان، الأمر الذى يجب وأن يلتزم الجميع بالقواعد والواجبات حتى يمكن أن نتقدم ونصل إلى ما نريده، ولن يتم الإصلاح من دون القضاء على أسباب المشكلات وإعادة بناء نظام الإدارة، مع العلم أن وقف نزيف الفساد وإهدار المال يمكن أن يعود بفائدة مزدوجة، فمن جهة يمكن توظيف الأموال فى البنية الأساسية ودعم الخدمات، ومن جهة أخرى يوفر ما يمكن تقديمه لمن يعملون.
وخلال الأسابيع الأخيرة لو تابعنا ما يجرى فى المحافظات من تحرك وخطوات عملية تجاه الإهمال والتسيب أو التراخى، نكتشف أن الأرقام المذكورة كبيرة وضخمة، وتستحق أن نتأملها، وخلال الأسبوع الماضى وحده رأينا تقارير عن إحالة 3500 موظف وقيادى بالمحافظات للنيابة بتهمة التقصير وإهدار المال العام، الرقم يبدو كبيرا جدا، لكنه ربما كان أقل مما هو واقع بالفعل، خاصة أن هذه المخالفات وقعت فى محافظات البحيرة والدقهلية وكفر الشيخ والشرقية والغربية والمنيا وغيرها، وكلها مخالفات فى الوحدات المحلية والمديريات الخدمية، وتمثل بعضها إهدارا للمال العام، والبعض الآخر لإهمال فى العمل وتقديم خدمة المواطنين وإهدار المال العام.
ربما ينظر البعض إلى أن هذه المخالفات تتعلق بأخطاء موظفين، لكن لنا أن نتخيل حجم هذه المخالفات والإهمال فى مناطق مختلفة وفى المحافظات المختلفة. وهى أرقام تحتاج لقدرة على التعامل معها وليس فقط محاسبة هؤلاء الذين قصروا أو أهملوا، لأن القيادات الكبرى سواء رؤساء الأحياء أو المدن يقومون بإعادة رصف المرصوف وبناء المبنى، بينما يتم تجاهل الأساسيات والبنية التى تتطلب العمل.
وهذه مجرد مؤشرات على حجم ما يمكن أن يكون فى المحليات بالمدن والأحياء، وهناك أضعاف هذه الأرقام، وإذا كان السادة المحافظون يتخذون خطوات جيدة بمطاردة الإهمال وإهدار المال العام، لكن ظهور هذه الحالات تحتاج لأن يستمر الأمر أفقيا ورأسيا، بمعنى استمرار ملاحقة الفساد والإهمال، والأهم أن تكون هناك استمرارية فى العمل وإلا تبقى محاولات موسمية والمحليات أصل أى تغيير التى تتعامل مع المواطن بشكل مباشر والإصلاح يحتاج لجهود ربما يكون منها إجراء انتخابات المجالس الشعبية المحلية، ومنحها سلطات الرقابة والمتابعة، وأيضا لا أحد يتصور حجم الأموال التى يمكن توفيرها من تسربات الفساد التى يمكن أن تكون مهمة فى البناء بدلا من إهدارها، ناهيك عن أركان كثيرة مظلمة تتسرب منها أموال المحافظات والأحياء والمدن، وهى التى يجب أن تكون تحت الرقابة، والرهان أن يشارك المواطنون فى كل مكان فى اختيار المجالس الشعبية المحلية، وهناك اتجاهات أن تتوسع صلاحياتها لتكون قادرة على المراقبة، بل والتعامل بقوة فى الإدارة المحلية، لأنها لو تم اختيارها بشكل كبير ومهم فسوف تكون أداة شعبية قوية فى الرقابة والمتابعة، فضلا عن التنظيم والتعامل مع القضايا اليومية والمزمنة.