يبدو أن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، عازم على اتخاذ خطوات عسكرية قوية وجادة لحسم الحرب الدامية الدائرة على الأراضى السورية، بعد أن حقق الروس وحلفاؤهم الإيرانيون انتصارات ملموسة على الأرض فى جولة الحرب الأولى، وما يؤكد ذلك، التصريحات النارية الأخيرة، التى أطلقها الرئيس ترامب، إثر مجزرة خان شيخون التى قتل فيها 100 مواطن سورى، بجانب إصابة 350 آخرين- غالبيتهم من النساء والأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة- بغاز السارين الفتاك.
ورغم عدم وجود دليل على هوية الجانى الرئيسى، فإن الاتهامات تبادلت بين الأطراف كافة، فثمة فريق يتهم النظام الرسمى بقيادة بشار الأسد، وفريق آخر يتهم الفرق الإرهابية المقاتلة، مستندًا إلى استفادتها بإحراج النظام بعد الانتصارات الأخيرة التى يحققها على الأرض.
من جهة، يبدو أن الرئيس الأمريكى، حسم الاتهام بحق بشار الأسد بعد موجة تصريحات إيجابية بشأنه، وأعلن اليوم فى مؤتمر صحفى مع الملك عبد الله الثانى، أن موقفه من الأسد تغير كثيرا، محملا إياه مسئولية ارتكاب الهجمات الكيماوية التى وقعت فى مدينة "خان شيخون" شمال غرب سوريا، وهاجم ترامب، نظيره السورى، مرددا :"لا يمكننا على الهجمات الكيماوية التى يرتكبها النظام السورى.. والأعمال المشينة لنظام الأسد لا يمكن القبول بها... الهجوم الكيميائى فى سوريا تجاوز خطوطا كثيرة... موقفى من الأسد تغير كثيرا".
هذه التصريحات النارية للرئيس ترامب، إلى أى مدى سيتم تطبيقها على أرض المعركة الدامية، هل سيتدخل عسكريا بشكل آحادى على الأراضى السورية، خاصة أنه وعد بتدمير تنظيم داعش الإرهابى، قائلا: "سندمر تنظيم داعش ونحمى الحضارة. لا خيار لدينا. سنحمى الحضارة".
يبدو أن التدخل العسكرى الأمريكى الآحادى فى سوريا، بات وشيكًا، خاصة أن الرئيس الأمريكى، وصف الهجمات الكيماوية فى سوريا، بأنها فظيعة ولا توصف وتمثل إهانة رهيبة للإنسانية، وذلك بعد اتهامه الرئيس الأسد بتحمل مسؤوليتها.
وما يؤكد نية واشنطن للتدخل العسكرى الآحادى فى سوريا، تحذيرات السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكى هايلى، اليوم، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن بشأن الهجوم الكيماوى، إذ حذرت من أن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات أحادية فى سوريا إذا فشلت الأمم المتحدة فى الرد على الهجوم الكيماوى، قائلة: "عندما تفشل الأمم المتحدة باستمرار فى مهمتها القاضية بتحرك جماعى، هناك أوقات فى حياة الدول نجبر فيها على التحرك بأنفسنا".
إلا أن السفيرة الأمريكية أحجمت عن شرح ما تقصده بقولها تحرك آحادى، علما بأنه أحد المواقف الأكثر قوة ووضوحا للولايات المتحدة منذ وقت طويل حول الصراع فى سوريا، ذلك أن إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما، كانت ترفض التحرك العسكرى فى شكل آحادى بسوريا، وأيدت دوما الحل السياسى لإنهاء الأزمة السورية، لكن إدارة ترامب لم تعرض حتى هذه اللحظة إستراتيجية واضحة حول أفضل السبل لإنهاء النزاع.
كما تزامنت تصريحاته مع هجوم السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، على روسيا، لعدم ممارسة نفوذها على حليفها السورى، قائلة: "كم من الأطفال يجب أن يموتوا بعد، لكى تبدى روسيا اهتماما بالأمر؟.. إذا كانت روسيا تملك التأثير الذى تدعيه فى سوريا، فعليها أن تستخدمه".