على مدار الساعة يعمل العشرات من الرجال والسيدات والشباب فى صناعة السدد ، لمواجهة البطالة ، لتتحول القرية مع مرور الوقت لأشهر قرية فى صناعة السدد المستخدمة لبناء المنازل والمزارع ومظلات الشواطئ للمصيفين والسياحة بأسعار تتراوح من 20 إلى 35 جنية.
وباتت صناعة " السدد" المصنوعة من الغاب "حرفة الغلابة" البسيطة، التى احترفها الرجال والنساء بقرية الغوابين التابعة لمركز فارسكور بمحافظة دمياط، وتناقلنها بالوراثة من الأجداد للأحفاد، مهددة بالاندثار، بسبب التقدم العمرانى والحضارى الذى شهدته مصر فى خلال الربع قرن الماضى ما تسبب فى تراجع الطلب عن السدد لبناء المنازل أو لعمل أسوار.
واشتهرت قرية الغوابين، التى سميت بهذا الاسم لاحتراف اهلها تلك المهنة، لأنها يدوية بسيطة، تعتمد على منتجات موجودة فى الطبيعة من حولهم حيث تنمو نباتات الغاب والبوص ببحيرة المنزلة، حيث يتم "قص" الغاب وتجفيفه والبدء فى نسجه بدون أى تكلفة.
يقول وليد عقيل أحد أهالى القرية العامل بحرف السدد أن القرية مشهورة منذ القدم بصناعة "السدات" التى كانت عليها الطلب فى ظل إستخدمها فى المصايف عندما كانت عشش رأس البر مصنوعة من السدات كما كانت تستخدم كمظلات فى معظم الشواطئ وخاصة شرم الشيخ والغردقة كما كان يستخدمها البسطاء لبناء منازلهم من الغاب وخاصة فى الأرياف كما كنت تستخدم فى عمل اسواء للمزارع وحظائر المواشى ولكن مع التقدم دمرت المبانى الخرسانية كل ذلك كما ظهرت التندات الحديثة التى انتشرت على الشواطئ وفى المنتجعات السياحية وحلت محل العشش.
وكشف عقيل أن تعداد سكان القرية تجاوز الـ12 ألف نسمة وأغلبهم هجر تلك المهنة لمهن اخرى بعد أن كان كل أهالى القرية غنى وفقير يعمل بها.
أما محمد كمال "تاجر سدات "وهو من قدامى العاملين فى المهنة فيقول أن الإشتغال فى الغاب صنعة قديمة اسهمت فى تأمين متطلبات الحياة وفتحت بيوتا كثيرة وكانت تستخدم فى كل المجالات قديما بخلاف الوقت الحالى وربنا خلق الدنيا غنى وفقير فى ناس غلابة بتبنى بيوتها منها انما دلوقتى خلاص الطلب عليها قل.
وتابع كنا زمان بنبيع السدد بكثافة لبناء عشش رأس البر ولمزارع الفراخ ولكن الدنيا اتغيرت والناس إستغنت عن خدماتها، مشيرا زمان كانت هى مصدر الرزق الوحيد فى القرية ولكن دلوقتى " متأكلش عيش" على حد قوله.
ويؤكد عبد اللطيف سعد من أبناء القرية وأحد العاملين بالمهنة أن سدات الغاب تراجع الطلب عليها كثيرا، موضحا أنه يقوم بجلب الغاب من بحيرة المنزلة ويقوم بتجفيفه ونسجه وبيعه حيث يبيع السدة الواحدة بقيمة 10 جنيها للتجار حيث اقوم بعمل سدتين يوميا.
وأوضح أنه يعمل طوال عمره فى تلك المهنة فهى مصدر رزقه الوحيد ولكن المشكلة حاليا أن كل شئ سعره بيغلى ونحن مازلنا نعمل ونبيع تلك السدد بثمن بخس لا يكفى لشراء كيلو أرز وزيت.
سيدات إحترفن تلك المهنة لتربية أبنائهن ومساعدة ازواجهن
منى السعيد الإمام 33 عام ربة منزل، وتعمل فى مهنة نسج السدد تقول حصلت على دبلوم زراعى وتزوجت وأنجبت أربع أطفال جميعهم بمراحل التعليم المختلفة.
وتابعت أعمل فى تلك المهنة منذ 9 سنوات لأساعد زوجى فى نفقات البيت فالحياة صعبة ونحتاج لكل قرش لكى نقدر على متطلبات الاطفال.
وأوضحت منى أنها تعمل لمدة 6 ساعات يوميا وتنتج 3 سدات حيث تستغرق صناعة السدة الواحدة ساعتين مؤكدة المهنة شقة ولكن الحياة أصعب.
وتضيف قدرية السيد 60 عام ربة منزل أعمل فى تلك المهنة منذ 40 عاما منذ أن تزوجت وأنا اساعد زوجى وتابعت: " زى ما أنت شايف واقفين أمام منزلنا بنشقى علشان نعرف نعيش ونأكل لقمتنا بعرق جبينا" ، مشيرة إلى أنها ورثت الحرفة عن آباءها وأجدادها، لافتة إلى أن كل أبناء القرية كانوا يعملون فى هذه الحرفة ولكن دلوقتى أعداد قليلة فقط هى التى تعمل فى مهنة السدد ونسج الغاب.
وكشفت أن معظم النساء تعمل فى مهنة نسج الغاب ومعظم نساء القرية الغير قادرين نجحوا فى تجهيز بناتهن من عملهن بتلك المهنة، أما فى الوقت الحالى فيدوب اللى بيجى من ورا الشغلانة دى يلبى مصروفات المنزل.
بينما قالت اتنيه منير مصطفى 40 عاما أرملة ولديها 4 ابناء تعمل طوال اليوم فى مهنة نسج السدد لتربية أبنائها مؤكدة انا مريضة بالفشل الكلوى ولكنى اتحمل المرض من اجل ابائى واصنع سدتين يوميا.
وتابعت زمان كنا بنعمل السدة ب10 جنيهات وكنا بنكسب لان الطلب عليها كان كبير ولكن دلوقتى بنعانى معاناة كبيرة لتصريف المنتجات لان الطلب عليها أصبح قليل جدا.