حوار هادئ مع واحدة من أبرز الرموز الثقافية النسائية فى المنطقة، والتى تؤكد كل يوم على أن قوة سلاح الثقافة العربية، مازال به العديد من الإمكانيات والقدرات التى تستطيع الشعوب العربية أن تستغلها وتستقوى بها، فى مواجهة الإرهاب والتطرف وكل محاولات طمس الهوية.. إنها الشيخة مى بنت محمد آل خليفة، رئيسة هيئة الثقافة والأثار البحرينية، التى حلت عن المملكة كضيف شرف بارز فى معرض القاهرة السنوى للكتاب، واختصت انفراد بمجموعة من التصريحات، عن رأيها عن وضع الوطن العربى ومستقبله، فى ظل الحرب العالمية الثالثة التى يتعرض لها، والتى ستكون حسب وصف الشيخة مى حربًا ثقافية، وإلى نص الحوار..
تحلون ضيفاً شرفيا على معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام، ما الذى تعنيه مشاركتكم لمصر فى أهم حدث ثقافى سنوى فيها؟
اليوم نحل ضيف شرف معرض القاهرة الدولى للكتاب حاملين إلى مصر مشاعر الحب والتقدير ورغبتنا الصادقة فى تمتين علاقاتنا الأخوية الثقافية المشتركة، فالقاهرة بالنسبة لنا درة الثقافة العربية، وندعو أشقاءنا المصريين على الدوام إلى زيارة أرض المملكة التى أعلنت عبر هيئة الثقافة شعاراً (وجهتك البحرين) لعام 2016 كى تكون معالم البحرين الثقافية والتاريخية وجهةً لكل زائر عربى.
1.
وما هو الشىء المميز الذى تتسم به مشاركتكم فى معرض القاهرة الدولى هذا العام؟
فى جعبتنا الكثير من ملامح أرضنا، التى تنعكس فى نتاج هيئة البحرين للثقافة والآثار ويضاف إليه اشتغال ثقافى فى أمسيات شعرية، محاضرات وعروض أفلام وثائقية تعرف بمملكة البحرين وحضاراتها، وفى هذا أريد أن أشكر كل القائمين على معرض القاهرة الدولى للكتاب، وخاصة وزارة الثقافة المصرية وعلى رأسها الوزير"حلمى النمنم"، والهيئة المصرية العامة للكتاب، وكوادر أم الدنيا الثقافية الذين عملوا على إنجاح مشاركة المملكة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب وخروجه بهذا الشكل العالمى.
س)التعاون بين مصر والقاهرة فى المجال الثقافى ليس جديدا، ما هو سر الانسجام بين البلدين بهذا الشكل؟
القاهرة قبل عامين كانت ضيف شرف معرض الكتاب البحرينى، واليوم نحن ضيوف على معرض القاهرة للكتاب، وعلى الدوام هناك أنشطة كثيرة تعزز هذه الروابط الأصيلة والعميقة، على سبيل المثال لدينا مهرجان سنوى تحت اسم ربيع الثقافة، نستضيف فيه عدد من الفعاليات وعدد من الضيوف المصريين بوجه خاص، وحتى فى المراكز الأهلية كان لدينا قبل يومين الدكتور زاهى حواس، يحاضر أبناء مملكة البحرين فى مركز الشيخ إبراهيم فى المحرق، وكان عدد الحضور خياليا لمتابعته، فنحن نعمد إلى توطيد أواصر التعاون بششكل فردى ومؤسسى، والأشخاص الذين يعمدون إلى الترويج لأوطانهم ثقافياً ، وتكريس صورة ذهنية مشرفة عن بلدهم، مرحب بهم دائماً فى قلب وبين شعب مملكة البحرين، خاصة إذا كانوا من الشقيقة الكبرى مصر.
2.
س)خلقت طفرة ثقافية فى مملكة البحرين منذ أن توليت وزارة الثقافة وحتى بعد تحويلها إلى هيئة الثقافة والآثار، لدرجة أنه لا يمر يوم تقريبا إلا وهناك نشاط ثقافى أو حفل أو ضيف عالمى تحتضنه البحرين، كيث تمكنتم من جعل المواطن العربى فى مختلف الدول العربية يرى وجه البحرين المثقف على أرض الواقع؟
نحن نعمد من البداية إلى مبدأ التنوع والاختلاف، والتركيز على خلق حالة ثقافية عربية مختلفة، ونقوم بذلك من خلال تقديم مجموعة من الأنشطة التعريفية والتثقيفية، ليس فى المواسم أو المناسبات الهامة فحسب، فتلك نضع لها ترتيبات خاصة، وإنما نقوم بذلك بصفة شبه يومية، حتى يشعر المواطنون والمقيمون فى مملكة البحرين، أن جدولهم دائماً ممتلئ بالفعاليات الثقافية المميزة.
س)تم اختيار المحرق لتكون عاصمة الثقافة الإسلامية فى عام2018 ، ما هى الاستعدادات التى قمتم بها استعداداً لهذا الحدث الهام؟
2018 يكتمل مشروع أدرج فى قائمة التراث الإنسانى العالمى تحت اسم "طريق اللؤلؤ"، وسيكون عبارة عن متحف مفتوح يمتد 3 كيلو مترات لقلب المحرق، وسيحكى قصة صيد اللؤلؤ، التى كانت عماد الحياة الاقتصادية فى الماضى، وهذا المشروع سيكون مجهزا لاستقبال عاصمة الثقافة الإسلامية فى المحرق، إلى جانب عدد من المبانى التاريخية التى تم ترميمها، على سبيل المثال هناك أول مدرسة نظامية، وهى مدرسة "الهداية" الخليفية"، التى ساهم فى تأسيسها بالمناسبة المدرس المصرى الذى ندين له بالفضل، الأستاذ حافظ وهبة، الذى عين بعدها كثانى مدير للمدرسة عام 1922، وسنقوم بعرض معروضاتها وتحويلها إلى متحف عالمى.
3.
س)الثقافة تلعب الآن دورا هاما جدا فى محاربة الفكر المتطرف، وهناك جماعات إرهابية بعينها، على شاكلة تنظيم الدولة الإرهابية داعش، وجماعة طالبان والقاعدة، ممن يبذلون أقصى جهدهم لتشويه الثقافة العربية، كيف تنأون بهيئة الثقافة البحرينية هذه التوجهات ؟
سنعمد إلى محاربة الفكر بالفكر، فالحرب العالمية القادمة ستكون ثقافية، وسواء كانت داعش أو طالبان أو أى جماعة إرهابية أخرى، كلهم يحاولون ضرب الثقافة العربية فى مقتل، والوسيلة الوحيدة لمحاربتهم لا تكون إلا بالوجه الصحيح والجميل للثقافة، عبر استخدام أدواتها وقوتها وجمعها لتراث الأجاد، وتوعيتها بمفهوم الإسلام الوسطى الصحيح، بعيداً عما يروجون له من عنف أو تطرف، كما أن الثقافة العربية بجذورها الممتدة فى كل بلد عربى، هى وحدها القادرة على أن تجمع شجرة العروبة بفروعها المختلفة، لنعود ونعمر ونجدد، ونحن فى هيئة الثقافة البحرينية لا نتوانى عن القيام بهذا الدور، عبر طرح المبادرات والفعاليات الجديدة، التى تناقش الفكر الإسلامى الجميل، وتوعى الأجيال القادمة بضرورة البعد عن أى أفكار متطرفة، وحثهم على المشاركة وطرح أرائهم وأفكارهم الجديدة، وتحفيزهم على الابتكار والإبداع ومحبة الأوطان، وعندما تقوم كل دولة عربية بذلك سنتمكن من هزم داعش ومن هم أقوى منها.
4.
س)تحاول بعض الدول اختراق الوطن العربى ثقافياً لطمس هويته، بتسمية الخليج العربى بالخليج الفارسى، وفى مرات أخرى بنسبة علماء العرب للتاريخ الإيرانى.. فى رأيك كيف يمكن للدول العربية محاربة هذا النوع من الحروب الثقافية؟
الثقافة هى حامى الحدود، وحامى الحرية، ومثلما هناك وزارة للدفاع عن حدود الأوطان، فالثقافة هى من تشكل درع الدفاع القوى أمام كل من يحاولون اختراق الهوية العربية وتزوير التاريخ، لتصفية حسابات سياسية وثأرية على حساب الحضارات، ولكننا لن نقبل بطمس إيران أو غيرها لثقافتنا وعروبتنا، وسنحافظ عليها من كل من يحاول أن يخدشها أو يشوه مضمونها.
س) وهل يمكن لرمز وقيادات الوطن العربى فى المناصب المختلفة، سواء كانوا قيادات نسائية بارزة مثلك، أو مسئولين عرب لديهم قوة ونفوذ، أن يجتمعوا ويشكلوا لوبى عربى قوى يدافع عن المنطقة فكرياً.. خاصة بعد تأسيس المملكة العربية السعودية للوبى سعودى فى الولايات المتحدة؟
نعم من الممكن جداً، وحتى وإن لم يكن ذلك فكل فرد عربى سيكون مطالبا بأن يقوم بهذا الدور، ليس بشرط أن يكون هناك نخبة ولا لوبى معين، كل مواطن مطالب بأن يقوم بهذا الدور، سواء كان ذلك ضمن لوبى عربى قوى أو خارجه لن تفرق، المهم أن يحاول الدفاع عن بلده والتضامن مع المواقف العربية من موقعه، حينها فقط يمكن أن يسمع العالم صوتنا ونؤثر فى صناع القرار.
5.
س)هل هناك رسالة أخيرة تودين توجيهها للشعب المصرى؟
نعم، أود أن أقول لهم أنى أكثر من سعيدة بتواجدى وسطهم، وسط أصدقائى وأحبابى، وسعيدة بأن البحرين هذا العام ضيف شرف فى معرض القاهرة الدولى العريق، الذى نسعد بمشاركتنا فيه، خاصة أنى من عشاق القاهرة، وأحب كل الوجوه والأصدقاء والمعالم التى عاشرتها، وفى كل مرة تستقبلنا بكل الود والحب.