فى زمن هيمنة مواقع التواصل الاجتماعى.. أصبح للشائعات دور كبير فى توجيه آراء المواطنين، وربما يتطور الوضع لأمور أكثر خطورة فى حالة عدم مواجهة المعلومات غير الصحيحة أو المنقوصة فى الوقت المناسب.. فخطورة الشائعة تكمن فى توقيتها.. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية بات إطلاق الشائعات معتادًا.
موسم الشائعات فى 2016 بدا متنوعًا ما بين الطريف والمؤلم والمفزع فى أوقات أخرى، فنصف الحقيقة تنتزع من سياقها ويضاف إليها الأكاذيب.. وبعدما كان الثوار يتناولون وجبات الكنتاكى، وأمريكا وإسرائيل على حدود مصر فى 2011.. ظهرت أنواع جديدة من الشائعات رصدنا أشهر 10 منهم.
وفاة الشيخ محمد حسان
تعد شائعة وفاة الداعية الإسلامى محمد حسان من أشهر الشائعات فى الفترة الأخيرة خصوصا مع معاناته من أزمات صحية فى الفترة الأخيرة، إلا أن عددًا من أفراد مقربة منه أكدوا أنه فى صحة جيدة.
حركة «دافع عن العلماء» المقربة من شيوخ التيار السلفى، اتهمت جماعة الإخوان بالوقوف وراء بث شائعة الداعية السلفى من خلال لجانها الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعى، مرجعين ذلك إلى رغبتهم فى استغلال شعبية حسان فى المظاهرات التى كانوا يدعون لها فى ذكرى 25 يناير بهدف إحداث بلبلة غير مبررة شرعا.
«المخبرين» والموز
شائعة طريفة كان بطلها صورة قديمة لـ»تاجر موز» يرتدى نظارة سوداء مميزة.. دفعت كل من رآها إلى الاعتقاد بأنه مخبر متنكر فى هذا الزى.. ليتم تداول تلك الصورة على نطاق واسع عبر «فيس بوك».. بزعم انتشار المخبرين فى منقطة وسط البلد متنكرين فى هذا الزى تحسبًا لحدوث أى أعمال عنف تزامنًا مع احتفالات 25 يناير.. فيما كشف عدد من رواد «السوشيال ميديا» بعد ذلك أن الصورة قديمة وأنها ليست فى وسط البلد لكن فى منطقة الشيشينى بفيصل وبالفعل صاحب الصورة بائع موز حقيقى وليس مُخبرًا.
تأخر صرف الرواتب
«تأخر صرف مرتبات شهر فبراير بعد رفض البرلمان قانون الخدمة المدنية».. تلك الشائعة كانت الأكثر ترديدًا على ألسنة المصريين خلال الأيام الأخيرة، لكن السفير حسام القاويش، المتحدث باسم مجلس الوزراء، أكد فى وسائل الإعلام أن الحكومة ملتزمة بسداد مرتبات العاملين بالجهاز الإدارى فى الدولة فى وقتها طوال العام دون تأخير.. يُشار إلى أن البعض اتهم مسؤولين فى الحكومة بتسريب تلك الشائعة بهدف الضغط على نواب البرلمان من أجل تمرير القانون.
رفع سن المعاش
تُعد شائعة رفع سن المعاش فى قانون التأمينات الموحد إلى 65 عامًا من أكثر الشائعات التى لاقت تفاعلا فى الشارع المصرى كونها تمس قطاعا عريضا من المصريين إلا أن «غادة والى» وزيرة التضامن الاجتماعى نفت ما رددته مواقع التواصل الاجتماعى، مؤكدة أن نشر مثل هذه الشائعات هدفه إثارة الرأى العام فى ذلك التوقيت.
الفتنة الطائفية فى بنك مصر
أثار إعلان منسوب لبنك مصر يطلب فيه تعيين موظفين لقطاع خدمة العملاء مسلمين فقط جدلا واسعًا عبر مواقع التواصل الاجتماعى، إلا أن مسؤولين داخل البنك تبرأوا من ذلك الإعلان، مؤكدين أن البنك يعلن حاجته للوظائف من خلال موقعه الإلكترونى الرسمى فقط، معتبرين أن هذه الشائعات تهدف إلى إحداث فتنة طائفية خاصة مع قرب حلول ذكرى ثورة 25 يناير.
زيادة أسعار تذاكر المترو
«لا صحة لأنباء زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق فى الوقت الحالى».. تصريح يومى معتاد للمسؤولين فى وزارة النقل.. وبالفعل لم تزد الأسعار حتى الآن.. لكن لا يُمكن لأحد أن يُنكر الاتجاه داخل الدولة الراغب فى زيادتها وإعلان وزير النقل اللواء سعد الجيوشى هذا الأمر فى مناسبات عدة لكن دون تحديد موعد محدد مما يفتح باب التكهنات حول ميعاد التطبيق وقيمة الأسعار.
استقالات «مستقبل وطن»
عدد من الشائعات ضربت حزب مستقبل وطن بعدما حصد المركز الثانى بين الأحزاب الأكثر حصولا على مقاعد فى البرلمان.. أشهرها فى الفترة الأخيرة تقديم أمانة الحزب فى التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية استقالة جماعية من الحزب، احتجاجًا على تغيير مبادئ الحزب بعد إعلان المهندس أشرف رشاد، الأمين العام لحزب مستقبل وطن، فى بيان رسمى له، وسفر محمد بدران، رئيس الحزب، لاستكمال دراسته خارج البلاد، لكن الحزب عاد ونفى ذلك الأمر شكلا ومضمونًا.
جيهان فاضل وبطل فيديو البلالين
جدل واسع أثاره فيديو «البلالين المسىء للداخلية» فى احتفالات الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير وعيد الشرطة الذى كان بطلاه شادى أبوزيد مراسل برنامج أبلة فاهيتا والفنان الشاب أحمد مالك.. لكن أغرب الشائعات التى تم تداولها حول تلك الواقعة أن والدة الفنان الشاب هى الفنانة جيهان فاضل، وهذا الأمر عار تمامًا من الصحة.
الفنانة تحدثت عن تلك الشائعة قائلة: «أنا بقالى من امبارح بتشتم علشان معرفتش أربى ابنى اللى هو أحمد مالك.. وتقريبا علشان طلعت مامته فى مسلسل الشوارع الخلفية.. وأحب أقول للناس العسل دى بغض النظر عن رأيى فى اللى عمله مالك.. مالك من أجدع وأجمل وأنضف الشباب اللى عرفتهم، ورغم أن كان عمره 15 سنة وقت الثورة لكن أرجل من ميت واحد من اللى بيشتموا فيه وليه الفخر أن يتقال أنه ابنى».
بن على مات!
وفى يوم 14 يناير الماضى.. سقط عدد من المواقع الإخبارية العربية والمصرية فى فخ شائعة وفاة الرئيس التونسى الهارب بن على فى السعودية عقب إصابته بجلطة دماغية، وذلك تزامنا مع اليوم الذى هرب فيه من تونس منذ خمس سنوات عقب اندلاع الثورة ضده.. لكن الأمر تم نفيه فى وقتٍ لاحق.
رحيل صلاح السعدنى
شائعة وفاة مشاهير الفنانين حاضرة فى كل زمان ومكان.. النجم صلاح السعدنى كان آخر ضحاياها مؤخرا خاصة أن بداية العام شهدت رحيل أكثر من فنان على رأسهم أبطال فيلم «القاهرة 30» حمدى أحمد وعبدالعزيز مكيوى، إلا أن الدكتور أشرف زكى، نقيب المهن التمثيلية، نفى النبأ تمامًا وناشد الجميع بتحرى الدقة فى نشر الأخبار.
تحليل الظاهرة
وعن أسباب تكرار انتشار الشائعات بشكل موسمى خلال الأعوام الماضية فى هذا التوقيت من العام، أكدت الدكتورة ليلى عبدالمجيد، عميد كلية الإعلام الأسبق، أن الشائعات تندرج تحت مصطلح «الحرب النفسية» خصوصا فى الأوقات التى لا تكون المعلومات فيها متاحة بالقدر الكافى، مضيفًا أن عدم دحض الشائعات بشكل سريع يفتح الباب نحو انتشارها وتأثيرها على أعداد أكبر وتحقيق أهدافها.
وأشارت إلى أن مواقع التواصل الاجتماعى ساهمت بشكل كبير فى انتشار الشائعات بشكل موسع، وكذلك انتشار عدد من المواقع الإخبارية الوهمية مجهولة المصدر، مضيفة أنه يجب على الدولة التصدى لتلك المواقع الوهمية خصوصا أن الحرية ليس معناها الفوضى وإنما تداول المعلومات بشكل صحيح، مشددة على ضرورة إصدار قانون حرية تداول المعلومات.
وشددت «عبدالمجيد» على حق المواطنين فى معرفة المعلومات بشكل صحيح فى وقتها من قبل الأجهزة الحكومية وعدم إخفاء أى شىء على الشعب المصرى ومصارحته بحقيقة الوضع، مستدركة بأن المعلومات التى تمس الأمن القومى استثناء بكل تأكيد.
وكشفت عن أن أخطر أنواع الشائعات التى يجب التصدى لها هى التى تكون مبنية على جزء من الحقيقة، خصوصًا أنها تأخذ وقتًا من الزمن حتى يتم دحضها من قبل المسؤولين، لافتة إلى أن اختيار المتحدثين الرسميين بعناية فائقة أمر مهم للغاية خصوصا أن تناول الأنباء بموضوعية يُسهم فى التصدى للشائعات وتكوين حالة من الثقة ما بين الجهات الحكومية والمواطنين.
فيما ذهب الدكتور «صفوت العالم»، الأستاذ بكلية الإعلام، إلى زاوية أخرى قائلا: «الإعلام فى الفترة الحالية خلق حالة من الانقسام ما بين مؤيدى ثورة 25 يناير و30 يونيو، رغم أن الدستور ورئيس الجمهورية يعتبران الثورتين مكملين لبعضهما البعض، مضيفًا: «حالة الشد والجذب التى خلقها الإعلام جعلت جميع الأطراف تتربص ببعضها، خصوصا أن هناك رموزا محسوبين على 30 يونيو يسعون لتشويه ثورة يناير.. ولذا فإن الشائعات أو الحرب النفسية ستستمر طوال فترة أيام الثورة مع توالى أحداثها».
ولفت «العالم» إلى أن هناك شائعات تكون بها جزء من الحقيقة يتم نشرها من خلال تصريحات رسمية للمسؤولين فى الدولة، قائلا: «عندما يتحدث المستشار أحمد الزند، وزير العدل، عن رواتب القضاة، بعدها يتم الربط بين قيمتها وقيمة رواتب أساتذة الجامعة الذين تخرج على أيديهم هؤلاء القضاة.. ومن هنا مثلا تبدأ الشائعات عن زيادة رواتب فئة معينة من أجل تأجيج الأوضاع».