منزل بسيط بإحدى قرى مركز الصف بجنوب الجيزة، كانت تقطن فيه "منى" 14 سنة، مع والدها وزوجته وجدتها وشقيقتيها "مها" 4 سنوات، و"ميادة" 13 سنة، وذلك منذ انفصال والدهن عن والدتهن بشكل غير رسمى قبل 3 سنوات.. الأمور كانت تسير بشكل طبيعى، وعلى الرغم من أن والدهن منعهن من زيارة والدتهن، إلا أنهن كن يحتالن لزيارتها من آن لآخر، فظلت الأمور على هذا الحال، إلى أن انقلبت رأساً على عقب.
ففى إحد الليالى من شهر أبريل الجارى، تلقت "مريم أ" والدة "منى" اتصالاً هاتفياً من شقيقها، أخبرها فيه بأن زوجها "يحيى ع" أجرى اتصالاً هاتفياً به، وأخبره بوفاة ابنتها الكبرى.. لم تصدق والدة الطفلة ما قيل، وبدأ الأمر غريباً إلى أن تلقى والدها (جد الطفلة)، اتصالاً هاتفياً من مفتش الصحة بالقرية طلب منه حضور الأم إلى منزل زوجها للتوقيع على محضر وفاة الطفلة، مشيراً إلى أنها توفيت بشكل طبيعى، وأنه لا يوجد شبهة جنائية حول الحادث، وهو ما نفته التحقيقات فيما بعد، وأكدت وجود شبهة جنائية.
وفى هذا السياق، يقول "محمد حنفى" المحامى الموكل من قبل والدة الطفلة لمتابعة التحقيقات، إنهم شكوا بأن هناك شبهة جنائية حول الحادث، لعدة أسباب من بينها أن مفتش الصحة طلب من الأم التوقيع على محضر وفاة الطفلة على الرغم من أنه قانوناً لابد أن يوقع الأب على محضر الوفاة إذا كانت الوفاة حدثت بشكل طبيعى، إضافة إلى أن مفتش الصحة قرر فى التقرير الأولى حول الوفاة، أن الطفلة توفيت بشكل طبيعى، على الرغم من أن مناظرة النيابة للجثمان أشارت إلى وجود آثار اختناق فى منطقة الرقبة.
وأضاف "حنفى" فى حديثه لـ"انفراد"، أن الأم اتهمت الأب بقتل الطفلة بتحريض من العم والجدة، وبناء على ذلك الاتهام، قررت النيابة تشريح جثمان الطفلة، وطلبت تقريرا مفصلا من الطب الشرعى حول الوفاة، للوقوف عما إذا كان هناك شبهة جنائية حول الحادث من عدمه، وبناء عليه تم استدعائهم للتحقيق.
وفى التحقيقات قالت جدة الطفلة (والدة الأب)، التى اكتشفت الواقعة، إن "منى" تناولت وجبة السحور فى حوالى الساعة 8 مساءً، لأنها كانت تنوى صيام يوم الخميس كعادتها، وفى ساعة متأخرة من الليل حاولت إيقاظها، إلا أنها لم تستجب لها، وفوجئت باختناقها والتفاف قطعة قماش حول رقبتها، مؤكدة أن الضحية لم تكن تعانى من أى أمراض نفسية قد تدفعها للانتحار، وأن سلوكها كان طبيعى جداً.
"فاطمة أ" خالة الطفلة، قالت إنها تعتبر "منى" واحدة من أبنائها، فقد كانت طيبة لأبعد حد، وكانت حريصة على تأدية الفروض والسنن، فكانت تصوم كل اثنين وخميس.
وترجع بذكرياتها للخلف لتؤكد فى حديثها لـ"انفراد"، أنها هى من اختارت لها ذلك الاسم يوم مولدها، وبدموع محسورة فى عينيها تقول إنها حينما رأت جثتها يوم أن توجهت بصحبة والدتها إلى منزل والد الطفلة، كانت عيناها مفتوحة والدماء تخرج من فمها وأنفها، ودرجة حرارة جسدها كانت مرتفعة، ويوجد بها آثار كدمات فى الرأس وتورم بمنطقة القدم، مشيرةً إلى أن "منى" دائماً ما تزورها فى المنام.
وتتهم "فاطمة" والد منى (زوج شقيقتها)، بأنه قتل الطفلة بمساعدة شقيقه ووالدته لتقديمها كقربان بناء على أوامر من أحد الدجالين، لفتح مقبرة أثرية داخل المنزل، مستندةً فى اتهامها إلى أن الجيران أكدوا لها أنه قبل الواقعة بما يقرب من 20 يوماً، كان هناك أعمال حفر تتم داخل المنزل، فضلاً عن أنها سألت الطفلة عن تلك الأعمال حينما كانت فى زيارة خاطفة لوالدتها يوم الاثنين قبل الواقعة بيومين، إلا أنها ارتبكت، وطلبت أن ترجع إلى المنزل، وأخبرتهم بأنه إذا عرف والدها بتلك الزيارة سيقتلها.
النيابة العامة برئاسة المستشار هشام رفعت الشريف باشرت التحقيقات مع والد الطفلة وجدتها وعمها، وأخلت سبيلهم من سرايا النيابة، لعدم توفر الأدلة التى تدينهم بقتل الطفلة، واستعجلت تحريات المباحث حول الواقعة، للوقوف على ظروف وملابسات وفاتها، كما استعجلت تقرير الصفة التشريحية الخاص بتشريح جثمان المجنى عليها، من مصلحة الطب الشرعى، لتحديد أسباب الوفاة بشكل مفصل.