طبعا عزيزى القارئ، أنا لا أقصد نحتاج المستشفى من الناحية الطبية، لأن والحمد لله لحد دلوقتى الأمور مع أغلبنا ماشية بقدرة ربنا وعقولنا بخير، لكن أنا أتحدث عن مبانٍ فى أماكن مميزة جدا فى الوقت الذى يمكن أن نستغل هذه الأماكن فى استثمارات عديدة.
الشهر الماضى حضر إلى مصر أحد المستثمرين العرب الكبار «أوى» وفى جولة فى القاهرة وقف أمام مكانين جروبى وفندق شبرد.
طبعا جروبى ده فقرة أنا ما عيشتهاش، لكن واضح إنه كان حاجة مهمة فى تاريخ الحياة الاجتماعية فى مصر.
وفندق شبرد ده مكان تراه كل يوم أثناء تجولك فى القاهرة لتشعر معه بالخيبة التقيلة، موقع ومبنى ضخم، لكن للأسف ولا أى شىء ولا أى إنتاج ولا أى أفكار وخسارة يومية.
ويأتى هذا المستثمر كل زيارة إلى مصر يحدثنى عن جروبى وشبرد ويقولى حرام عليكم.
وإذ فجأة يعلن عن تطوعه لدراسة كبيرة عن شارع صلاح سالم، ويلفت نظرى إلى أهمية هذا الشارع وكم عدد المبانى الحكومية التى تقع فى هذا الشارع التى تقدر بالمليارات، ويتمنى أن يتم إعادة استغلال هذا الشارع.
وقد لفت نظرى إلى مواقع المبانى الحكومية فى القاهرة والجيزة، وماذا نستفيد منها.
كل يوم وأنا ذاهب إلى مكتبى أسأل لماذا يوجد مبنى المصل واللقاح فى شارع البطل أحمد عبد العزيز؟ ولماذا لا نستفيد من هذا المبنى بشكل آخر ويتم نقله إلى مكان فى المدن الجديدة مع توفير كل وسائل المواصلات الخاصة للموظفين بهذا المبنى؟ لدينا بعض المدارس الحكومية فى حى الزمالك أراضيها تقدر بالملايين، ولا أعتقد أنها الآن فى مكانها المناسب.
النظرية التى تم تطبيقها على مبنى مجمع التحرير لابد من أن تعمم ولا يمكن أن نقف أمام هذا الإهدار اليومى للمال العام دون أفكار مبتكرة.
ماذا لو تم تأسيس شركة مساهمة مصرية تتملك كل هذه الأراضى من الدولة وتطرح فى البورصة يكتتب فيها الجميع، وتقوم بالإشراف على هذه الثروة العقارية الضخمة واستغلالها تجاريا بشكل عصرى وبسرعة أداء الشركات وليس الحكومات، ما العائد الذى سيأتى للمصريين حال وجود هذه المساحة الضخمة من الأرض المميزة على شارع صلاح سالم الذى تقع عليه مستشفى العباسية للأمراض النفسية؟ أليس الأقدر أن ينقل هذا المبنى بأكمله إلى مكان آخر.
لن أقول إننا فى انتظار العاصمة الإدارية الجديدة، ولكن على الأقل أول طريق السويس من ناحية والسادس من أكتوبر من ناحية أخرى يمكن التوسع فيهما ونقل كل المبانى إلى هناك.
هل يعقل أن يتم افتتاح مبنى هيئة قضايا الدولة منذ سنوات قليلة فى ميدان مصطفى محمود؟
وبالتالى تم وضع حواجز فى الشارع الواقع فيه المبنى وسيارات الهيئة وأتوبيساتها تشغل الشارع تماما، فضلا عن الزحام الذى تسبب فيه وجود المبنى فى هذا المكان.
إن الأمر يحتاج إلى إرادة عليا وتنفيذ ذى رؤية خاصة وليس رؤية حكومية تختلف فيها الوزارات وتتمسك فيها الهيئات بحقوق اعتقدت أنها ورثتها ويغيب الحق العام للمواطن فى إعادة استغلال ما يملك.
وكى يكون واضحا للجميع، أنا لا أتحدث عن مبان أثرية أو عن بناء مميز، أنا أتحدث عن مبان حكومية عادية جدا، وكذلك حال إقرار هذا الأمر أضع فى الاعتبار تماما أن يتم مراعاة كل العاملين بهذه الأماكن.
كذلك كيف حتى يومنا هذا مازالت الدولة تدير الفنادق السياحية! علينا أن نتخلص من كل ذلك أن القطاع الخاص سيكون أكثر حركة من الدولة فى هذا القطاع.
يمكننا حصر كم عدد المنشآت السياحية التى تملكها الدولة وبيعها فورا لمستثمرين أجانب يتولون تجديدها والإشراف عليها وإدارتها وبعائد البيع يمكن إقامة العديد من المستشفيات والمدارس لكن فى أماكن صح، ولا أقول ذلك من أجل إننا فى أزمة اقتصادية، أبدا، الحقيقة حتى وإن كان الوضع مختلفا فنظرية إدارة الدولة لأصول تجارية لم تنجح فى مصر، كذلك فى كل العواصم العالمية يتم تحويل الشوارع الرئيسية الكبرى إلى أحياء تجارية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة.
إن ما حدث من هدم لمبنى الحزب الوطنى على نيل القاهرة أخذ وقتا طويلا ثم الآن هذه الأرض كل يوم يمر دون استغلال لها فإن ذلك يعد إهدارا صريحا للمال العام، فلماذا نتأخر فى القرار، وكلنا ندفع ثمن هذا التأخير، علينا التحرك بعقلية مختلفة لإدارة أصول تملكها الدولة.
مازلنا حتى هذه اللحظة نرى فى المحاكم قضايا من هيئات حكومية ضد بعضها البعض، شيئا عجيب فعلا.
الحكومة تصرف أموالا ووقتا يهدر بسبب أن هيئاتها ووزاراتها تختلف مع بعضها لدرجة التقاضى!
ويأتى ملف آخر وهو ملف القصور الرئاسية، لماذا لا تفتح هذه القصور للزيارة لماذا يحرم المواطن المصرى والسائح العربى والأجنبى من رؤية هذه الثروة الضخمة التى نملكها؟ طبعا بعد تجهيزها لاستقبال الجمهور وبالطريقة اللى تتناسب مع الجمهور بتاعنا، وأكيد مفهوم ماذا أقصد.
إن لدينا ثروة هائلة داخل هذه القصور، وكل قصر تجده يتبع جهة معينة وأتحدى أن كثيرا جدا من المصريين لا يعلم شيئا عن هذه القصور ولم يرها فى حياته.
كذلك بعض الحدائق العامة كلما مررت عليها أشعر بحزن شديد كم الإهمال وعدم الاهتمام فيها غير طبيعى، لماذا لا تضم كل هذه الحدائق إلى اللجنة أو الشركة التى اقترحها ويعاد استغلالها مرة أخرى كى تكون متنفسا للمواطن البسيط، وفى نفس الوقت تكون مظهرا حضاريا للبلد.
إن الأفكار كثيرة جدا فيما يتعلق بثروة مصر العقارية وعلينا سرعة الإنجاز وعدم التكاسل فى اتخاذ القرار، فكل يوم يمر أنت فى احتياج لمستشفى جديد ومدرسة جديدة، وفى نفس الوقت تترك كل ما تملك دون استغلال.
ولو وصلنا لمرحلة الجنان من أن هذه الأمور لا يراها ولا يسمعها أحد يمكن أن نعالج فى أى مكان مش ضرورى يكون مكان مميز على شارع صلاح سالم.