منذ أسابيع اتخذت الدولة قرارًا بفرض حالة الطوارئ بعد الأحداث الإرهابية المؤسفة التى استهدفت دور العبادة للأخوة الأقباط، وراح ضحيتها العشرات من أبناء الوطن مسلمين ومسيحيين، وجاء إعلان حالة الطوارئ فى إطار مساعدة الأجهزة الأمنية على مواصلة المواجهة الشاملة لكل ما يهدد الدولة من مخاطر.
وينص قانون الطوارئ فى أحد مواده بأنه: "يجوز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام في أراضي الجمهورية أو في منطقة منها للخطر سواء كان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء".. ومن هناك نتساءل: ما هى الأخطار التى تهدد الدولة؟ وهل يساهم القانون فى ضبط انفلات الأسعار التى أصبحت عبئًا ثقيلاً على الأسر الفقيرة والمتوسطة ما يهدد استقرار المجتمع؟ وهل قانون حماية المستهلك يؤتى ثماره على الوجه الأكمل؟ وهل يمكن لتطبيق القانون الذى يحمل رقم 162 لسنة 1958 أن يحقق النتائج المرجوة منه؟.
فى البداية، كل المؤشرات تؤكد أن الدولة تخوض حربًا ضد الإرهاب، وحربًا اقتصادية أخرى غير معلنة لا تقل شراسة عن الأولى، وبالتالى يمكننا القول وفقًا لتلك المؤشرات إن المخاطر التى تهدد الدولة معلومة للجميع، وتستلزم بالضرورة إعلان حالة الطوائ.
وتتمثل الحرب الاقتصادية فى ممارسات تساهم فى النيل من استقرار المجتمع وترابطه، حيث يشكل الاحتكار والمضاربة فى العملات ورفع الأسعار بدون مبرر أدوات فتاكة لتهييج الجماهير ضد الدولة وتهديد الأمن الاقتصادى والغذائى وهما جزئين لا يتجزأن من الأمن القومى، ومن ثم فإنه على الدولة إيجاد صياغة مناسبة لتطبيق قانون الطوارئ على كل المتلاعبين فى "قوت الغلابة"، وإنهاء أسطورة جشع التجار خاصة قبل شهر رمضان.
ومن المعروف أن هناك قوانين موجودة على أرض الواقع لضبط الأسواق، لكن نتائج تطبيقها توحى بأنها فى حاجة إلى تعديل نصوصها، وبما أن الظروف التى تمر بها البلاد استثنائية فيجب تطبيق القوانين الاستثنائية لتحقيق الأمان الاجتماعى وضمان وصول السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مناسبة.
على الجانب الآخر، لا يمكن اغفال جهود الدولة فى مواجهة الحرب الاقتصادية من خلال تكثيف المعروض من السلع بأسعار مناسبة لمحدودى الدخل، ولعل أبرز دليل على ذلك فتح منافذ "أهلا رمضان" و"آمان" لتوفير المنتجات الغذائية خلال شهر رمضان، فضلاً عن ملاحقة كبار المحتكرين ومصادرة ما يخفونه من سلع بمخازنهم لتحقيق أرباح غير مشروع ومص دماء الفقراء.
كما نجد أن اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب أعلنت أنها ستبدأ مناقشة قانون حماية المستهلك بعد انتهاء المجلس من تمرير قانون الاستثمار الذى يتضمن مجموعة من الحوافز لجذب المستثمرين ورؤوس الأموال الأجنبية ما يساهم فى مواجهة تداعيات الحرب الاقتصادية وتوفير فرص عمل للحد من البطالة.
ويرى مراقبون أن إيجاد صيغة مناسبة لتطبيق قانون الطوارئ على المتلاعبين بالسوق، يمكن أن يشكل أداة ردع لضبط الانفلات فى الأسعار، وإعطاء نتائج إيجابية على المدى القصير لحين تعديل القوانين القائمة، خاصة أنها تطبيقها يتناسب فى الأوقات العادية وما تشهد البلاد من حرب اقتصادية غير معلنة يعد وضعًا استثنائيًا يتطلب مثل هذه القوانين الاستثنائية.