كيف تطور طلب الفتاوى فى مصر من إمام الجامع إلى شيوخ الـ"Ask"؟.. "بريد الإسلام" أقدم برنامج لتلقى أسئلة المستمعين والإجابة عنها.. الإفتاء تفتح خطا ساخنا لطلب الفتوى بالموقع الإلكترونى..وتحذيرات من فوضى

فى موعد ثابت عقب صلاة الجمعة من كل أسبوع تجتمع الحلقة حول الشيخ، يلقى كل صاحب استشارة أو مسألة حيرته بين يدى شيخ القرية أو المنطقة وينتظر منه الرد الذى يريح باله، أما أصحاب المسألة العاجلة التى لا تحتمل فبإمكانه دائمًا أن يطرح سؤاله على شيخ الجامع عقب أى صلاة يوميًا. هكذا اعتاد المصريون لسنوات طويلة على الحصول على الفتاوى وإجابات لأسئلتهم الدينية، أما إذا شعروا أن الأمر أكثر صعوبة وتعقيدًا فكانوا يشدون الرحال إلى مقر دار الإفتاء للحصول على فتوى تنهى حيرتهم، ولكن الوضع اختلف كثيرًا فى السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من حرص دار الإفتاء على مواكبة العصر وتسهيل الحصول على الفتاوى من خلالها دون شرط الحضور، إلا أن المصريين لجأوا لطرق أخرى للحصول على الفتاوى، منها شيوخ الفضائيات ومواقع "Ask.fm" الإلكترونى. إذاعة القرآن الكريم وبريد الإسلام بالتوازى مع فتاوى شيخ المسجد، كان هناك مصدر آخر للإجابة عن الأسئلة الدينية للمصريين، من خلال إذاعة القرآن الكريم، وهو برنامج "بريد الإسلام"، الذى يعد أقدم برنامج للفتاوى على مستوى العالم العربى. يهدف البرنامج إلى الإجابة عن أسئلة المستمعين فى شؤون دينهم ودنياهم، وبدأت إذاعة البرنامج مع عدد من البرامج المتنوعة فى الإذاعة بعد عام 1975، وهذا البرنامج يجيب عن أسئلة المستمعين من خلال علماء دار الإفتاء وأساتذة الشريعة وعلماء الأزهر، وتقدم حلقاته على مدار 3 مرات يوميًا، الأولى فى السادسة والنصف صباحًا، والثانية فى السادسة و50 دقيقة مساءً، والثالثة فى العاشرة مساءً. وقبل ظهور الإنترنت كان البرنامج يستقبل أسئلة المستمعين فقط من خلال البريد، وتتم الإجابة عنها بعد مراجعتها جيدًا وتحرى الدقة الكاملة بشأنها، وبعد انتشار الإنترنت أصبح البرنامج يستقبل الاستفسارات من خلال البريد الإلكترونى أيضًا، وتتنوع تلك الأسئلة بين الميراث والعلاقات الاجتماعية والفتاوى الدينية الخاصة بالعبادات والحياة اليومية. فوضى فتاوى الفضائيات: المصريون فى المركز الأول فى الاتصال ببرامج الفتاوى الدينية وحسب دراسة صدرت عام 2013، أجرتها الباحثة زينب محمد حامد المدرس المساعد بقسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فإن المصريين يحتلون المركز الأول بين الجنسيات المتصلة ببرامج الفتاوى الدينية فى القنوات الفضائية. وحسب الدراسة، فإن أهم القضايا التى يطرح المصريون أسئلة بشأنها عبر البرامج التليفزيونية، القضايا الاجتماعية كمشاكل عقوق الوالدين، والتفرقة فى معاملة الأبناء، والإنفاق على الأبناء، والطلاق والخلافات الزوجية والميراث الشرعى والزواج الثانى. وعلى الرغم من أن 73% من عينة البحث فى هذه الدراسة ترى أن الفتاوى الدينية تساهم فى تغيير سلوكيات المشاهد إلى الأفضل، إلا أن كثيراً من العلماء والباحثين حذروا من التأثير السلبى لهذه الفوضى من الفتاوى على الفضائيات، خاصة مع انتشار الفتاوى المثيرة للجدل بشكل كبير. وفى عام 2011 حذر الدكتور على جمعة، الذى كان يشغل منصب مفتى الديار المصرية آنذاك، من فوضى الفتاوى على الفضائيات، مشيرًا إلى أن كثيرا من هذه الفتاوى لا تصلح لغير السائل عنها، وبالتالى لا يصح نشرها فى وسائل الإعلام. وأوضح "جمعة"، فى تصريحاته خلال محاضرة ألقاها بالخرطوم حول منهج الإفتاء المعاصر، أن غالبية فتاوى الفضائيات لا تستند إلى أصل شرعى، فضلاً عن أنه لا يجب أخذ الفتوى من غير المتخصصين المستوفين لشروط الإفتاء الثلاثة، وهى إدراك المصادر الشرعية والواقع المعيشى والجمع بينهما. ونظرًا لخطورة فوضى الفتاوى على الفضائيات، تناولتها العديد من المؤتمرات العلمية الإسلامية، وناشد علماء الأزهر والإفتاء ضرورة وضع ضوابط صارمة للظهور على الفضائيات وتقديم الفتاوى، خاصة أن هذه الفتاوى المثيرة للجدل والمتخبطة تسبب خلطًا فى المفاهيم عند الناس. من شيوخ الفضائيات إلى شيوخ "الأسك" ولم تتوقف فوضى الفتاوى على الفضائيات وإنما امتدت فى الآونة الأخيرة إلى فوضى فتاوى "شيوخ الأسك"، وهو موقع التواصل الذى يسمح بإنشاء حساب عليه، تتلقى من خلاله الأسئلة وتجيب عنها ويسمح بالحفاظ على سرية هوية السائل، وهو ما استخدم بعشرات الطرق المختلفة، فإلى جانب الاستخدام العادى للتواصل وتوجيه أسئلة شخصية للأصدقاء، استخدمه الأطباء لتلقى الاستشارات الطبية واستخدمه عدد من "الدعاة" فى تلقى الأسئلة الدينية، وأصبحت هناك العشرات من الحسابات الشهيرة لشيوخ يتجه لهم الشباب ويطلبون فتواهم فى شؤونهم الحياتية والدينية دون أى وسيط أو رقيب. كيف تحصل على فتوى من دار الإفتاء؟ وسط هذه الفوضى لطلب الفتاوى من مصادر أخرى غير الجهة المنوطة بذلك، وهى دار الإفتاء، حاولت الدار مواكبة العصر وتسهيل طلب الحصول على الفتوى وفقًا للضوابط اللازمة قدر الإمكان. وحسب أحمد رجب أبو العزم، مساعد مستشار مفتى الجمهورية، فإنه يمكنك الحصول على الفتوى من خلال دار الإفتاء المصرية بعدة طرق عدة، فهناك الموقع الإلكترونى لدار الإفتاء الذى يمكنك أن تطلب الفتوى من خلاله ويصلك الرد فى أقرب وقت، وهناك الخط الساخن لدار الإفتاء الذى يمكنك من خلاله الحصول على الفتوى عن طريق الهاتف من الساعة التاسعة صباحًا وحتى التاسعة مساءً، فضلاً عن رقم الهاتف الذى يتيح التحدث مع أمين الفتوى بدار الإفتاء مباشرة من التاسعة صباحًا وحتى التاسعة مساءً كل أيام الأسبوع عدا الجمعة والسبت والعطلات الرسمية. كما يمكن الحضور إلى مقر دار الإفتاء فى فروعها المختلفة بالقاهرة والإسكندرية وأسيوط يوميا من التاسعة صباحًا وحتى الخامسة مساءً يوميًا ماعدا الخميس حتى الرابعة مساءً والجمعة والسبت إجازة.