قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق: "أؤمن بما آمن به أساتذتى العظام من فكر ووعي، فإنى أؤمن بخمسة مبادئ؛ العقل والحرية والإنسانية ولهذا أتصور أى شر يصيب أى إنسان هو إصابة شخصية لى ولذلك أنحاز لقضايا الفقراء، أما المبدأ الرابع فهو العدل بأنواعه المختلفة ونحن للأسف لم نعرف حتى الآن العدل الاجتماعى، والمبدأ الأخير فهو أنى دائمًا أؤمن أن الذى سيأتى أفضل من الذى مضى.
وأضاف "عصفور"، خلال اللقاء الفكرى بمعرض القاهرة للكتاب، بدورته الـ47، عندما كنت وزيرًا لم أختلف كثيرًا عما كنت عليه وأنا أستاذ جامعى، والذى أؤمن به لم يتغير وهذا الأمر جعلنى أدخل فى صدامات عديدة، والثقافة المصرية تشهد توهجًا وما يحدث للمثقفين صحوة ثقافية، ويؤكد ذلك أن السلفيين المنغلقين يرون أن الفكر فى طريقه للتغيير ولذلك يعارضونه وينكلون بالمبدعين والمفكرين، وأعتقد أن ما نعيشه الآن هو نهاية الفكر التعنتى وبداية الفكر الاستنارى، كما أعتقد أن الأمة المصرية سوف تنتفض عن نفسها قوى الظلام وتتحرك للأمام.
وتابع "عصفور": "إننى مقتنع أن هناك خصوصية للإسلام فى مصر منذ جاء الشافعى لمصر، غير ثلاثين مسألة فى فقهه ما يؤكد أنه وجد فى مصر مناخًا مختلفًا، وعدد كبير من مشايخ الأزهر من محمد شلتوت وحسن العطار ومحمد عبده والطهطاوى ومحمود زقزوق الذين قالوا لا يوجد زيا خاصا فى الإسلام والمعول عليه فيما يتصل بالمرأة هو أخلاقها الحسنة وعفتها وليس مجرد قطعة قماش تعد من النوافل، مشيرًا إلى أن الحجاب ليس فرضًا ومجرد الاختلاف حوله يؤكد ذلك، فالفريضة هو الأمر الدينى الثابت الذى لا يقبل للنقاش مثل الصلاة والصوم، أما الحجاب فحوله الكثير من الجدل والآراء فهو ليس فريضة بأى حال من الأحوال، كما أن الحجاب لم ينتشر فى مصر إلا فى وقت معين بعد مجىء السادات وتحالفه مع ما يسمى بالإسلام السياسي، فبدأ ارتداء الحجاب كان كإشارة على فكر سياسى يتمسح بالدين الإسلام، فلافتًا إلى أنه عندما كان فى الجامعة خلال الستينيات لم يجد أستاذة أو طالبة واحدة ترتدى الحجاب، مضيفًا لا اعترض على الحجاب ولا اعترض على المرأة أن ترتدى الحجاب أو لا ترتدى أما أنا ضد قول أن الحجاب فريضة، ومن يقولون إن الحجاب فريضة هذا بعيد عن الإسلام.
وتابع جابر عصفور، نحن بحاجة إلى قراءة لرفاعة رافع الطهطاوى، ذلك الشيخ الذى ذهب إلى فرنسا ورأى التقدم وأراد أن يستفاد منه لمعالجة وطنه المتخلف حينها، والجامعة ظلت ممتازة حتى حصلت لها ضربتان أولهما دخول السياسة فى العمل الجامعي، والآخر مجانية التعليم ما جعل أعداد الطلبة بشكل كبير فوق الحد والتعليم نقيضه الاستبداد السياسى والتسلط الديني، فجامعة القاهرة كانت فى يوم من الأيام أعظم من جامعة هارفرد الأمريكية.
نحن الآن فى مرحلة انتقال من مشروع دولة مستبدة إلى دولة ديمقراطية، وفى مرحلة تأسيس العدالة والحرية والديمقراطية، فنحن نذهب على حسب ما يقال إلى دولة ديمقراطية وتلك أحلام السيسى رئيس الجمهورية وليس الواقع.
وأشار جابر عصفور إلى أن القضاة الذين يحكمون بالسجن على المفكرين الذين يخالفون الدستور الذى ينص على أنه لا عقوبة سالبة للحريات ومع ذلك فنصوصه لم تتحول إلى قوانين بعد، وما زالت جيوب الإخوان متواجدة، وذلك من طبيعة المرحلة الانتقالية.
وأكد "عصفور" أن قصور الثقافة هى خط الدفاع الأول للثقافة فى مصر، ولكن هذا الخط أصبح مهترئًا، فكثير من القصور تحتاج إلى توسيع وكثير منها يحتاج لإعادة إنشاء، وبعض تلك القصور يحتاج إلى كتب، وإلى ترميم، فعلى الرغم من افتتاح قصور جديدة إلا إننا نحتاج الكثير، فلابد من تخصيص بعض المليارات لإعادة ترميم وتوسيع وإنشاء قصور الثقافة، فأنا أحلم أن يكون فى مصر قصر ثقافة لكل حى.
وأكد "عصفور" أن وزير الثقافة لا يقل أهمية عن وزير الاستثمار، حيث إنه يجب تفعيل المنظومة الثقافية، بالإضافة إلى الدعم المادى وعلى الدولة أن تتخلص من نظرة الاستهتار بالثقافة فى مصر، حيث أن الواقع فى بلادنا هو أن الحريات محتجزة سياسيًا واجتماعيًا ودينيًا فشبابنا المصرى مكبوت.