أقام المكتب الثقافى المصرى بسفارة الإمارات أمسية ثقافية تحت عنوان "الثقافة ودورها فى المجتمع" للكاتب الكبير محمد سلماوى، وأدارها الدكتور أمجد الجوهرى، الملحق الثقافى بسفارة الإمارات.
ورحب الدكتور الجوهرى، بالكاتب الكبير محمد سلماوى على حضوره الندوة، لمقابلتهم وإجراء حوار ثقافى معهم حول دور الثقافة داخل المجتمع، واستشهد ببعض أبيات من رباعيات صلاح جاهين "دخل الشتا وقفل البيبان ع البـــيوت/وجعل شعاع الشمس خيط عنكبوت/ وحاجات كتير بتموت فى ليل الشــتا/ لكن حاجات أكتر بترفض تمــــــوت"، مضيفاً، إذا كانت هناك أشياء ترفض أن تموت، فمن أهم هذه الأشياء إنتاج المبدع والمثقف فهو يموت جسدا ولكن إبداعه يظل فى الأرض، وإذا كنا اليوم نتحدث عن الإبداع فلا يمكن أن نتحدث عنه وبيننا مبدع كبير وهو الكتاب الكبير محمد سلماوى، مؤكدا أنه طبق بالفعل تداول المناصب بشكل حضارى من خلال تركه لرئاسة اتحادى كتاب مصر، والاتحاد العام للكتاب العرب.
ومن جانبه عبر الكاتب الكبير محمد سلماوى عن سعادته بمشاركته بالأمسية الثقافية التى نظمها المكتب الثقافى المصرى بدولة الإمارات، والتى شارك بها عدد كبير من الجالية المصرية.
وقال الكاتب الكبير محمد سلماوى، إن من فى الخارج يخاف ويصيبه القلق على مصر، أكثر ممن يعيش بها، فمن يعيش فيها يشعر بمجريات الحياة، ودورنا كمصريين تجاه أبناء بلدنا أن ننقل لهم الصورة الحقيقية، ومن المهم أن نفهم الحقيقة وليس كما تنقله بعض الأجهزة الإعلامية أو الصحفية.
وأضاف الكاتب الكبير محمد سلماوى، أنا جئت من أجل نقل الحقيقة كاملة إليكم، والمرحلة التى تمر بها مصر استثنائية فى تاريخها، حيث قامت ثورة يناير وعندما لم تحقق أهدافها قامت ثورة أخرى ضد ما هو فاسد ومستبد، حيث رأى الشعب أن الحكم الذى جاء بعد الثورة ليس أقل استبدادا من الحكم القديم، والثورة لا تغير الوضع فى البلاد بين يوم وليلة.
وأكد الكاتب الكبير محمد سلماوى، أن الثورة تتطلب عملا مستمرا، لانها مطالبة للتغير من وضع متخلف إلى وضع يطالب به الشعب، ومطالب الثورة طويلة المدى، مثل إصلاح التعليم والبناء الديمقراطى وعدم تركيز السلطة فى يد الحاكم وإذا حدث ذلك يستغرق سنوات كثيرة، ونحن فى مرحلة قامت فيه بدل الثورة ثورتين وتحقيق الأهداف لهاتين الثورتين لم نصل إليه بعد، ونجد من يقول أن أهداف الثورة لم تتحقق وكلامهم صحيح ولكنها نظرة قاصرة ويجب الحكم على المستقبل.
ولفت "سلماوى" إلى أننا اليوم نحن فى حالة تغير وكل تصريح يصدر على لسان رئيس الجمهورية يؤكد للناس أن هناك جديدا أتى مثل مشروع قناة السويس، ونرى البعض يقول كيف نستفيد منه؟، ولكن هو مشروع طويل المدى مثل السد العالى الذى ظهر تأثيره على المدى البعيد بعد اكتمال المشروع ثم جاءت المجاعات الثلاثة فى أفريقيا عام 1983، ولم تشهدها مصر، ونحن الآن نعيش مرحلة تحول ولك أن تنظر للتغيرات التى حدثت وتقول أن هناك تعديلا وتغيرا يتم، والثابت فى الموضوع أن هناك ثقة كبيرة من الشعب تجاه النظام الحالى على أن الحكومة على الطريق السليم.
وحول دور المثقف قال الكاتب الكبير محمد سلماوى، إن المثقف كان له دور كبير وأنا أذكر بعد نجاح ثورة 25 يناير، جاء إلى الاتحاد مجموعة من الشباب ليوجهون الشكر للكتاب، وذلك من خلال كتابتنا وهذا وضع طبيعى عندما نسترجع الأحداث، حيث إن لدينا فى مصر عدم فحص للأمور ومن بين الأقاويل الخاطئة أن المثقفين انعزلوا وليس لهم دور، وبالتأكيد هذا غير صحيح.
وتابع "سلماوى" قام اتحاد كتاب مصر أثناء فترة رئاستى وبعد الثورة بيوم أى يوم 26 يناير بإصدار بيان رسمى يعلن فيه تبنى الثورة ومطالبها، وبعد ذلك نزل الكتاب إلى ميدان التحرير، وكان أيضا الكتاب العرب يشاركوننا فى ذلك، وحدث ما حدث وتم استبعاد المثقفين من لجنة الدستور وعندما طلب منى المشاركة فى كتابة الدستور بصفتى الشخصية رفضت، وطالبت بمشاركتى بصفتى رئيسا لاتحاد كتاب مصر، وأثناء تولى الإخوان الحكم تم صدور بيان من اتحاد كتاب مصر بسحب الثقة من محمد مرسى، وطالبنا بتغير الدستور وسمى فيما بعد بخارطة الطريق ثم قامت حكومة الإخوان بتعين وزير ثقافة إخوانى عمل على عزل رئيس الأوبرا، ورددوا أن الموسيقى حرام، فيكف تكون حرام والمسلمون كانوا يستقبلون الرسول بالغناء، بالإضافة لاعتصام المثقفين داخل وزارة الثقافة، وبعدها خرج الشعب كله لتحرير الوطن من الجماعة، فالمثقفون يمثلون ضمير الشعب والأمة من خلال الكتابات والمواقف ولم يتنازل المثقفون أو الفنانون عن مواقفهم على مدار التاريخ، فدور المثقفين دور ناصع ومن أمنياتى أن يكتب أحد حول دور المثقفين خلال الفترة الماضية فى حياة مصر.
وأشار الكاتب الكبير محمد سلماوى، إلى أن المرحلة القادمة مرحلة جديدة ولأول مرة هناك وضع جديد، حيث يوجد برلمان ويوجد دستور تشرفت بالمشاركة فى كتابته يعطى البرلمان صلاحيات والرئيس له صلاحيات ولكن ليس دكتاتوريا، وهذا التفاعل بين مراكز اتخاذ القرار فى ظل رئاسة معترف بها من خلال اختيار الشعب، فاليوم يتم اختيار الوزراء من خلال البرلمان، واليوم لا يستطيع رئيس الجمهورية اختيار الوزراء وفق رغبته،لأن هذا يخالف الدستور.
وحول دور البرلمان، قال الكاتب الكبير محمد سلماوى، إن دور البرلمان فى المرحلة المقبلة مع السلطة القضائية والضمانات يخلق ممارسة جديدة فى الحياة السياسية، من الممكن أن نجد أخطاء كثيرة ولكن فى النهاية لعبة التجديد تستمر، ورأينا فى مصر انتخاب أكثر من 80 امرأة، وهذه ظاهرة يجب أن يقف عندها الإعلام ويبحث انعكاستها، وظاهرة خطيرة وواجب الإعلام أن يكشف لنا من هم ويعرض سيرتهم الذاتية لتسليط الضوء عليهم، كما نجد أكثر من 30 مسيحيا، و40 برلمانيا من الشباب تحت سن الـ30، ولكن نجد بعض وسائل الإعلام تترك كل هذا وتمسك بأشياء صغيرة لا قيمة لها.
وأكد "سلماوى" أن الإعلام للأسف حتى اليوم لم يطالب بالتغيير الذى طالب به الشعب، والإعلام مطالب بتغيير نفسه، واليوم بدأ الناس ينصرفون عن الإعلام، ولذلك هو مطالب بالتغيير والثورة ليست تنجح بالحكومة ولكن بالشعب أيضا والبداية الحقيقة مع تطبيق الديمقراطية الجديدة من خلال آليات اتخاذ القرار من خلال البرلمان الجديد.
وأشار الكاتب "محمد سلماوى"، إلى أن السلطة فى 1952 حققت أمنيات الشعب ولا ننسى أن من قام بالثورة هى السلطة، ولكن فى مصر من قام بثورة 25 يناير بعد تنحى مبارك قاموا بتنظيف الشوارع وذهبوا لبيوتهم، لأنهم شباب برىء فسرقت منه الثورة وبالتالى أجهزة الدولة كما هى لم تتغير والشعب يعانى من ذلك، ولكن أؤكد أن رئيس الجمهورية يعانى من أن الدولة لم تتغير ونجده فى كثير من الأحيان يناقش ويراجع ويغير قرارات صادرة من الدولة.
وأضاف الكاتب الكبير محمد سلماوى، لا يستطيع أحد أن يقول إننى أتحدث باسم الثورة ومن قاموا بالثورة الحقيقيين ليس هم المتصدرون المشهد الآن، وهذا يترك المجال إلى من يريد أن يصور للناس أنه يتحدث باسم الثورة، بل يريد أن يغير الدستور لإعطاء صلاحيات أكثر لرئيس الجمهورية، وبالفعل هناك من ينافق متصورا أنه بذلك يتقرب من الرئيس، لكن الرئيس أول من يحترم الدستور والقانون، ولا يحب النفاق، ولكننا فى مرحلة تحول، لأن الساحة بها سيولة كبيرة وهذا الوضع مع الممارسة السياسية الحقيقية لن يستمر، وأتصور وجود تغير كبير خلال المرحلة المقبلة.
وحول توعية الجيل الجديد، قال الكاتب الكبير محمد سلماوى، من الصعب التصور بأن المثقفين عليهم دور بتوعية الجيل الجديد، ولن يأتى ذلك إلا بتضافر كل الجهود التى يقوم عليها الإعلام والمثقفون والأوقاف، وأولها وهو أكثر الوسائل امتدادا التعليم الذى لا ينصلح فى يوم وليلة وبدون تطوير التعليم لا نجاح للإعلام أو المثقفين، ووصلنا لمرحلة بعد 30 سنة من الحكم نجد كل أجهزة الدولة تحتاج للعلاج ولكن يجب أن نبدأ وتم تخصيص نسبة فى الدستور 10% من الدخل القومى للتعليم، وعندما تم تخصيص تلك النسبة أتذكر وقتها قال رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوى لعمرو موسى ليطالبه بتقليل هذه الميزانية لعدم قدرة الحكومة على سدادها ولكن رفضنا لأهمية التعليم الذى يؤهل الاطفال لحياة أفضل.
وأوضح "سلماوى"، أن هناك أشياء تم تحسينها بالفعل وفى وضع عادى كانت أى حكومة تفخر بها، ولكننا فى وضع ثورة والمطلوب تغيير شامل وسقف التوقعات ارتفع كثيرا والناس على ثقة أن المزيد قد يتحقق، ومن يستغل كل معاناة الشعب ليطالبوا بخروجه يوم 25 يناير المقبل، لن ينجحوا ولن يحدث ولن يخرج أحد.
وحول المنظومة الثقافية، أوضح "سلماوى"، المنظومة الثقافية بمصر لا تحتاج كلها إلى تعديل ولدينا وزير ثقافة لديه فكر رغم أن الوزارة هى أكثر الوزارات التى رأت تغير للوزراء بمعدل 6 وزراء فى 5 سنوات والوزير الجديد له رؤية محددة وله كتابات كثيرة ولكن يحتاج إلى فرصة لكى يعمل داخل المنظومة ويجب أن تنبع من بين الناس الذين جاء منهم.
وقال "سلماوى" عند استلامى جائزة نوبل بدلا من نجيب محفوظ من أتى معى وفد مصرى مكون من 30 صحفيا وإعلاميا غير بنات نجيب محفوظ، وأكد "سلماوى"، أن من ضمن ما تحقق من الثورة هو وعى الشعب نفسه وهذا هدف كبير وإحساس الشعب بدوره من إنجاز الثورة وإسقاط حكم الإخوان من إنجازات الثورة وفكرة العدالة الاجتماعة التى تراها من كل تصريح رسمى من إنجازات الثورة ويوجد تحول نوعى ولكن مازلنا على الطريق ومازال طويل ولا يوجد طريق غيره لأنه الطريق الصحيح ومن هنا جاءت الثقة والدليل على هذا سنراه فى ذكرى 25 يناير.
وعلى هامش الاحتفالية قام الدكتور أمجد الجوهرى، المستشار الثقافى بسفارة الإمارات، بإهداء درع تكريم للكاتب الكبير محمد سلماوى، نظرا لجهوده الإبداعية وتأكيد على دور المثقف والمفكر.