يؤدى انتشار فيروس زيكا إلى تغير النقاش بشأن الإجهاض فى أمريكا اللاتينية، حيث إن الفيروس يمثل خطورة كبيرة للنساء الحوامل وذلك لأنه يتسبب فى إصابة الأجنة بمرض صغر الرأس الذى يؤثر على معدلات الذكاء الأطفال على المستوى المتوسط، ولكنه أيضا يؤدى إلى انكماش مخ الجنين ويجعله يعانى من مشكلات فى المخ طوال حياته، منها عدم الكلام وصعوبات فى النمو، وهذا ما فتح النقاش مجددا لقضية الإجهاض حتى لا يوجد جيل جديد كامل يعانون من تشوهات المخ.
وأوصت جميع بلدان أمريكا اللاتينية النساء بعدم الحمل حتى عام 2018 وذلك لإيجاد حل وعلاج لمكافحة زيكا، وذلك لأن اختيارات المرأة ليست كثيرة بعد أن تصبح حاملا، فغالبية دول أمريكا اللاتينية ترفض الإجهاض وتضع قوانين مقيدة للغاية لها، ففى باراجواى أعلن وزير الصحة بباراجوى أنطونيو باريوس أنه لا يدعم فكرة الإجهاض لدى النساء المصابات بفيروس زيكا.
وأن عقوبة الإجهاض فى باراجواى، تصل إلى السجن 5 سنوات حتى إذا كانت بسبب الإصابة بفيروس زيكا، فهناك استثناء واحد هو وجود خطورة على الأم وتهديد حياتها، وفيروس زيكا لا يهدد حياة الأم، مضيفا "حتى الآن لا يوجد أى دليل يربط فيروس زيكا بمرض صغر الرأس مما ينفى وجود أى خطر على الأم أو الجنين بسبب فيروس زيكا، ومن يجرى عملية إجهاض حتى بسبب الإصابة بالفيروس سيتم معاقبته وفقا للقانون"، وشدد باريوس على أنه فى الفترة المقبلة سوف يرى نتائج التحقيقات حول علاقة فيروس زيكا بمرض صغر الرأس.
وفى كوستاريكا أيضا رفض وزير الصحة فى كوستاريكا فيرناندو لوركا كاسترو تشجيع الإجهاض للنساء الحوامل المصابات بفيروس زيكا، "الإجهاض العلاجى المشرع فى البلاد لابد من وجود خطر على الأم، وليست فى حالة الأطفال الذين يعانون من صغر الرأس"، كما أنه لا يوصى الأزواج إلى الامتناع عن الحمل.
وفى البرازيل اشتد النقاش حول احتمالية اللجوء إلى الإجهاض الأمن لمكافحة فيروس زيكا، حيث إن على الرغم من رفض الحكومة البرازيلية لإجراء أى تعديلات على قانون الإجهاض وجعله صارما كما هو عليه أى أنه لا يتحقق إلا فى حالة وجود خطورة على الأم وليس الطفل.
إلا أن هناك العديد من المعاهد مثل اليانسون التى قدمت للمحكمة العليا طلب إذن بالإجهاض للمرأة فى حال إثبات أن الطفل يعانى من تشوه فى المخ، وانضم إليه وزير الثقافة البرازيلى خوجا فيريرا، لا يمكننا أن نجبر امرأة على إنجاب طفل مصاب بصغر الرأس، وأوصى بالإجهاض فى حال الإصابة بتشوهات الأجنة بسبب فيروس زيكا، مشيرا إلى أن منذ نوفمبر الماضى يوجد أكثر من 4000 حالة من الإصابة بصغر الرأس الذى يترك عواقب عصبية وجسدية.
أما كولومبيا فإنها على موقف معاكس تماما من غالبية دول أمريكا اللاتينية التى ترفض الإجهاض، حيث إنها قامت بتعديل قانون الإجهاض وأصبح يمكن نتيجة الاغتصاب أو أن الجنين غير قابل للحياة أو وجود خطر جسدى أو نفسى على المرأة، أما تشيلى والسلفادور وهايتى ونيكاراجوا وهنوراس فلا يزالوا يرفضون الإجهاض حتى لو بسبب زيكا.
فهناك عقوبات صارمة للإجهاض فى السلفادور، حتى فى منع الحمل، حيث إن استخدام وسائل منع الحمل قانونى من الناحية النظرية، إلا أن استخدماها يكون بروشتة طبية. وهناك انقسام اجتماعى، فالأغنياء من سكان المدن يستطيعون شراء موانع الحمل، لكن الفقراء لا يستطيعون تحمل تكلفة زيارة الطبيب أو ثمن العقار، وفى الوقت نفسه، فإن قوانين الإجهاض تطبق بشكل كبير فى هذا البلد الكاثوليكى، ويمكن أن تتعرض النساء للسجن حتى 50 عاما لتهمة القتل المشدد لأجنتهن.
واتجهت بعض الدول وخاصة فى أمريكا اللاتينية فى بداية الأمر إلى منع الحمل لمدة تتراوح بين 6 أشهر إلى عامين فى حين وجود قوانين صارمة بمنع الإجهاض وعدم توافر وسائل منع الحمل، ولذلك فهناك العديد من المطالبات بتعديل تلك القوانين لجعل الإجهاض مشروعا فى هذه الفترة.
ودعى نشطاء حكومات أمريكا اللاتينية لإعادة النظر فى سياسات وسائل منع الحمل والإجهاض بسبب انتشار فيروس زيكا، بسبب الخوف من ارتفاع معدلات وفيات المرأة من حالات الإجهاض غير الأمن فضلا عن الزيادة المتوقعة فى الأطفال المصابون بتلف الدماغ.
وهناك العديد من الحوامل بدأن فى الاتجاه إلى الإجهاض سرا، وهذا الإجراء يتكلف ما بين 1200 و3700 دولار، ويتوقف على أى مرحلة من الحمل، وقال عالم الاجتماع جاكلين بيتناجوى: "قاتلوا من أجل قرار المحكمة العليا لإضفاء الشرعية على الإجهاض فى حالات تلف الدماغ للأطفال بسبب فيروس زيكا، لدينا واحدًا من القوانين الأكثر تقييدا فى العالم".
وأوضح الأطباء أنه يمكن معرفة إذا كان الجنين مصابا أم لا من الأسبوع الـ16 وهو الشهر الرابع من الحمل، ولكن قانون الإجهاض يقول إنه لابد من أن يكون الجنين أقل من 12 أسبوعا، فبدأت النساء تتجه للإجهاض سرا. جوستافو تمارض، طبيب من أوروجواى، متخصص فى نمو دماغ الأجنة، قال: "لابد من أن تغير البرازيل قانون الإجهاض لمواجهة انتشار فيروس زيكا وولادة أطفال مشوهين، فانتشاره يمثل خطرًا كبيرًا على البلاد وعلى مستقبلها، ولابد من إقناع الناس أنها حالة طوارئ وطنية". وأشار إلى أن حتى الآن يوجد 3500 طفل متضرر، ولا يتوقف الأمر على الدماغ، بل إنه يسبب العمى ومشاكل تنموية أخرى، وما يقلق السلطات الصحية هو ارتفاع حالات تشوه الأطفال وعلاقتها بالفيروس، ولهذا السبب واحدة من النتائج هو تقييد النساء الحوامل من السفر إلى الأماكن المتضررة، أما داخل أمريكا اللاتينية فلابد من الاتجاه إلى تعديل قانون الإجهاض لأنها حالة طوارئ وطنية.
الكنيسة الكاثوليكية
تتمسك الكنيسة الكاثوليكية برأيها حول التمسك بتقاليد دينية متشددة، ورفضت استخدام النساء وسائل منع الحمل أو الإجهاض، وقال الأسقف ليوناردو أولريش شتاينر، الأمين العام للمجلس الوطنى لأساقفة البرازيل، فى تصريحات صحفية: "وسائل منع الحمل ليست حلا.. لا يوجد تغيير واحد فى موقف الكنيسة". وحثهم على اتباع الوسائل الطبيعية لتنظيم الأسرة.