على قدم وساق تتواصل الجهود الدولية لوقف استفتاء الانفصال الكردى عن العراق المقرر له يوم 25 سبتمبر المقبل أو حتى تأجيله لسنوات، وتجتهد فى تقديم عروض بديلة ترضى طموح زعيم الإقليم الكردى مسعود برزانى، فى ظل منطقة ملتهبة تعج بالعديد من الأزمات، ما دفع المراقبين لوصف هذا التقسيم بالكارثة التى ستحل على الجسد العراقى الممزق أصلا جراء الصراعات السياسية والطائفية، ويلقى تشكيل دولة كردية مزعومة فى هذا البلد رفضا دوليا بسبب تداعيات هذا الانفصال على الشرق الأوسط والجوار العراقى.
ويضرب رئيس الإقليم الكردى فى العراق، مسعود برزانى باقتراحات المحافل الدولية عرض الحائط، على نحو ما أكد فى كلمة له اليوم، الأحد، في دهوك على أن "الاستفتاء سيجرى في موعده المحدد ولم نتلق أي بديل حقيقي للاستفتاء"، وقال مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، إن هناك خطة -على حد تعبيره - تحاك في العاصمة العراقية بغداد، تهدف إلى زعزعة الأوضاع في إقليم كردستان.
وقال برزانى الذى يؤيد بقوة ويحرك قيام الاستفتاء فى الإقليم، إن "هناك خطة في بغداد لزعزعة الأوضاع بإقليم كردستان.. الاستفتاء سيجرى في موعده المحدد ولم نتلق أي بديل حقيقي للاستفتاء."، وأضاف: "في 2003 كانت هناك فرصة جيدة للعراقيين وكردستان.. الحكومة العراقية هي التي لم تقبل الشراكة وليس نحن .. قرار الاستفتاء هو قرار الشعب الكردي وليس لشخص واحد أو حزب معين".
ووصف برزانى البرلمان العراقى بمجموعة شوفينية (قومية متعصبة) بسبب رفضه للاستفتاء، قائلا "إننا لا نهدد أحداً ولن نقبل لأحد أن يهددنا.. البرلمان العراقي الحالي بيد مجموعة شوفينية (قومية متعصبة) وقرارات البرلمان العراقي من اليوم فصاعداً لن تشمل إقليم كردستان،"، مشيرا إلى أن "هناك خطوتين أمامنا: الأولى التبعية والثانية الاستقلال."
حكومة العراق تلوح بالتدخل عسكريا
ولا تزال الحكومة المركزية فى العراق ترفض الاستفتاء، وأعاد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رفضه، معربا عن استعداد بغداد التدخل عسكريا إذا أدى استفتاء إقليم كردستان إلى العنف، وقال العبادي في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" أمس السبت: "إذا كان السكان العراقيون مهددين باستخدام القوة خارج القانون فسنتدخل عسكريا". ورأى أن الاستفتاء "تصعيد خطير" وسيتسبب بانتهاك سيادة العراق.
الأمم المتحدة تقترح مفاوضات غير مشروطة بين أربيل وبغداد
وقبل أسبوع من الاستفتاء المقرر 25 سبتمبر المقبل، تشتعل أربيل بالدعاية، ويكثف زعيم الإقليم من الحشد للتصويت بـ "نعم" فى الإقليم، فيما تواصل المحافل الدولية مساعيها لإيجاد بديل، وتقديم عروض جديدة ترضى طموح برزانى، وقد عرضت الأمم المتحدة على رئيس كردستان العراق العدول عن الاستفتاء حول استقلال الإقليم، في مقابل المساعدة على التوصل لاتفاق شامل حول مستقبل العلاقات بين بغداد وأربيل.
وبحسب الوثيقة التي قدمها المبعوث الأممي إلى العراق يان كوبيش، الخميس الماضي، بارزاني، فإن المقترح يقضي بشروع الحكومة العراقية وحكومة الإقليم على الفور بـ"مفاوضات منظمة، حثيثة ، ومكثفة (...) من دون شروط مسبقة وبجدول أعمال مفتوح على سبل حل كل المشاكل، تتناول المبادئ والترتيبات التي ستحدد العلاقات المستقبلية والتعاون بين بغداد وأربيل".
السعودية تعرض الوساطة
وشاركت المملكة العربية السعودية الجهود الدولية الرامية لمنع تقسيم العراق، فقد عبّر وزير الدولة السعودى لشئون الخليج، ثامر السبهان عن استعداد بلاده للتوسط وتهيئة أرضية المباحثات لمعالجة المشكلات بين كردستان وبغداد، وذلك خلال لقاء جمعه برئيس الإقليم برزانى أمس السبت، وأكد الجانبان خلال اللقاء على العلاقات العريقة بين المملكة العربية السعودية وكردستان.
وقالت رئاسة إقليم كردستان، فى بيان صادر عنها، إن الوزير السعودى "نقل تحيات وتقدير العاهل السعودى وولى عهده للرئيس برزانى"، معبرا عن "تثمين بلاده لشعب وقوات بيشمركة كردستان".وأضاف البيان، أن "السبهان أكد استمرار وتطوير علاقات الصداقة العريقة بين السعودية وكردستان، كما عبّر عن استعداد بلاده للتوسط وتهيئة أرضية المباحثات لمعالجة المشكلات بين كردستان وبغداد"، موضحا أن "برزانى عبر عن تثمينه وشعب كردستان لموقف الملك سلمان بن عبد العزيز وولى عهده، والأهمية التى يوليانها لكردستان"، مؤكدا "العلاقات العريقة بين المملكة السعودية وكردستان".
وبحسب البيان، فإن "برزانى أعلن أن إقليم كردستان لم يغلق أبدا باب الحوار والمباحثات"، وذلك بالتزامن مع مضىّ الإقليم قدما نحو إجراء استفتاء للانفصال عن بغداد وإقامة دولة الأكراد المزعومة، بعدما صوت برلمان الإقليم بالإجماع على إجراء استفتاء الاستقلال فى 25 من الشهر الجارى، بينما تعارض الحكومة المركزية فى بغداد الخطة التى أعلنتها حكومة الإقليم بقيادة مسعود برزانى فى وقت سابق من العام الجارى.
مجلس الأمن التركى يبحث التداعيات
أما الجوار العراقى الذى يخشى تداعيات الانفصال الكردى فى العراق على الأقليات الكردية على نحو ما أظهرت تركيا وإيران، فأظهر مخاوف إزاء فكرة أن تثير أربيل النزعات الانفصالية لدى الأقلية الكردية على أراضيها، فلم تهدأ لها بال، فقد اعتبر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس، السبت، أن الاستفتاء، مسألة أمن قومي بالنسبة لأنقرة، مؤكدا أن تركيا ستتخذ كافة الإجراءات بخصوصه. وعلق عليه الرئيس التركى رجب طيب اردوغان قائلا أن إجراء الاستفتاء "أمر سيء جدا"، مشيرا إلى أن مجلس الأمن التركي سيجتمع في 22 سبتمبر لتبني موقف رسمى.
إيران تخشى هبوب رياح الانفصال على أراضيها
أما إيران التى فبدت عليها ملامح الخوف من أن تصل رياح الانفصال الكردية التى بدأت تهب فى اقليم كردستان العراق إلى اقليم كردستان غرب إيران، شرعت فى تحركات رسمية فى إقليمها، فقد زار اليوم، الأحد، رئيس البرلمان الإيرانى، علي لاريجانى، مدينة أورمية بكردستان إيران، ورغم أن طهران تسعى لإخفاء قلقا حقيقيا من مغبة تصاعد الطموح الكردى بالانفصال فى المنطقة، وتداعياته على أكراد إيران الذين يشكلون نحو 10% من السكان بحسب احصائيات غير رسمية، ويراودهم طموح الانفصال قبل الثورة الإيرانية، ومن الممكن أن يكون الاستفتاء فى العراق المحرك والدافع لعودة النزعة الانفصالية لديهم.
وفى تقرير للتلفزيون الإيرانى اعتبر لاريجانى سفره إلى الاقليم الكردى يأتى فى إطار الوقوف على مشاكل الإقليم، فيما عقد لاريجاني مؤتمراً صحفياً قال فيه إن "أوضاع بحيرة أورمية التى تعانى الجفاف الشديد تثير قلق المسئولين الإيرانيين، وإنهم سيضعون البحيرة في الاعتبار خلال البرنامج السادس للتطوير".
وأضاف لاريجاني أنهم "مهتمون بقضايا محافظة أورمية مثل البطالة وأزمة المياه، ويعملون على إيجاد الحلول لها".وبحسب وسائل اعلام إيرانية، وتأتي زيارة رئيس البرلمان الإيراني لمحافظة أورمية بكردستان إيران في محاولة لحل مشاكل المحافظة مثل البطالة، البيئة، بحيرة أورمية، أمن الحدود، واقتصاد المحافظة.