"لابد للشر يوم أن ينجلى"، هذا هو حال زوال الإرهاب الأسود الذى حمله تنظيم "داعش"، إلى العالم، من تفجير وعمليات إبادة جماعية وإزهاق مستمر لأرواح الأبرياء، مستترًا زورًا خلف عباءة الدين الذى هو براء من كافة أفعال التنظيم وأعضائه المتطرفين، وتتجلى مشاهد انهيار التنظيم للعيان فى كل من العراق وسوريا، تحت وطأة المواجهات المسلحة العنيفة لدحض الإرهابيين.
ومقارنة بكل المصائب التى قد تنال من الإنسانية، فليس هناك شر أضر على البشرية من الإرهاب، الذى أخذ يتفشى بمختلف أنحاء العالم، خاصة فى منطقتنا العربية التى تتحمل العبء الأكبر من ويلات هذا الفيروس، كونها مسرح العمليات الأساسى لمواجهة الجماعات المتطرفة، التى تنشأ بدعم وتمويل غربى فى أغلب الأحيان، لتنفيذ مخططات تقسيم الوطن العربى، وضرب وحدة واستقرار وأمن بلدانه.
وفى هذه السطور، نرصد أهم محطات التنظيم الإرهابى، من مرحلة التأسيس والقوة، وحتى مرحلة الضعف والزوال التى بات عليها، خاصة فى العراق، التى انطلق منها، أبريل 2013، ومن ثم أعلن تأسيس خلافته المزعومة بها، فى يونيو عام 2014، والتى أشهرت بالخطبة الشهيرة لزعيمه أبو بكر البغدادى، فى 5 يوليو بالعام ذاته، من مسجد النورى، فى مدينة الموصل، وذلك فى ظل تقدم القوات العراقية، وتحريرها معاقل "داعش"، الواحد تلو الأخر، حتى لم يتبق للتنظيم سوى معقلين فقط، وأضحى على وشك خسارة أحدهما، بعدما أعلنت القوات العراقية، الخميس، بدء عملية لاستعادة السيطرة على مدينة الحويجة، آخر معقل للتنظيم فى شمال العراق.
إنشاء تنظيم "داعش" فى العراق وسوريا
فى 9 أبريل 2013، أعلن زعيم تنظيم القاعدة فى العراق، أبو بكر البغدادى، اندماج تنظيمه "داعش"، فى العراق، مع "جبهة النصرة"، التى تقاتل النظام فى سوريا، ليتشكل تنظيم "داعش" فى العراق والشام، إلا أن جبهة النصرة رفضت زعامة، البغدادى، وبايعت تنظيم القاعدة.
تقدم كبير لتنظيم "داعش" فى المدن العراقية
فى 10 يونيو 2014، دخل مئات المسلحين من تنظيم "داعش" فى العراق والشام، بشكل خاص مدينة الموصل، وسيطروا أيضًا على قسم كبير من محافظة نينوى فى شمال العراق، كما سيطروا على قطاعات واسعة من محافظتى كركوك وصلاح الدين القريبتين، وفى الكثير من المواقع تخلت قوات الأمن العراقية عن مواقعها من دون قتال.
واستفاد تنظيم "داعش" فى العراق والشام، من دعم ضباط عراقيين سابقين من عهد صدام حسين، ومن مجموعات سلفية وعدد من العشائر، وكان يسيطر منذ يناير 2014، على الفلوجة، ومناطق من محافظة الأنبار، فى غرب العراق المجاورة لمحافظة نينوى.
إعلان الخلافة المزعومة لـ"داعش" من الموصل
فى 29 يونيو، أعلن تنظيم "داعش" فى العراق والشام، الخلافة المزعومة، بقيادة البغدادى، على الأراضى التى يسيطر عليها فى العراق وسوريا، وبات اسمه تنظيم "داعش"، فيما ظهر "البغدادى"، للمرة الأولى، فى 5 يوليو، عبر شريط فيديو وزع من خلال مواقع إرهابية عدة، ومن مسجد النورى، فى الموصل، دعا كل المسلمين إلى مبايعته.
تدمير الكثير من المواقع الأثرية فى العراق
ما أن سيطر تنظيم "داعش"، على عدة مدن عراقية، حتى بدأ فى يوليو 2014، فى تدمير المواقع الأثرية الشهيرة بالدولة العراقية، حيث فجر التنظيم، ضريح النبى يونس، وفى الموصل، دمر العديد من المواقع الأثرية الفائقة الأهمية التى تعود إلى مراحل ما قبل الإسلام، كما خرب متحف المدينة وأحرق مكتبتها، كما دمرت مواقع عدة تعود إلى الفترة الآشورية وحتى إلى المرحلة الرومانية.
التحالف الدولى بقيادة واشنطن يدخل فى خط مواجهة "داعش"
فى 8 أغسطس 2014، دخلت الولايات المتحدة، مباشرة فى القتال ضد تنظيم "داعش"، وباشرت قصف مواقع للتنظيم، بناء على طلب الحكومة العراقية، وفى مطلع سبتمبر من ذات العام، وعد الرئيس الأمريكى السابق، باراك أوباما، بالانتصار على التنظيم الإرهابى، عبر إنشاء تحالف دولى واسع.
سلسلة هزائم تلقاها "داعش" على يد القوات العراقية
فى 31 مارس 2015، استعادت القوات العراقية، مدينة تكريت، فى شمال بغداد من تنظيم "داعش"، وشاركت قوات الحشد الشعبى، المدعومة من إيران، فى الهجوم، فى حين شاركت الولايات المتحدة، أيضًا، عبر التحالف الدولى فى عمليات القصف الجوى.
وفى 13 نوفمبر من العام نفسه، استعادت القوات الكردية - مدعومة بقوات التحالف الدولى - مدينة سنجار فى شمال العراق، وفى 9 فبراير 2016، استعادت القوات العراقية، مدينة الرمادى، عاصمة محافظة الأنبار، قبل أن تستعيد مدينة الفلوجة، فى المحافظة نفسها، فى 26 يونيو.
"داعش" يلجأ للأعمال الانتحارية عقب خسائره المتتالية
فى 11 مايو 2016، فجر تنظيم "داعش"، 3 سيارات مفخخة، قتلت أكثر من 90 شخصا فى بغداد، وفى 3 يوليو 2016، قتل أكثر من 320 شخصا فى تفجير انتحارى داخل حى ذات غالبية شيعية فى بغداد، وتبنى التنظيم الإرهاب، مسئولية هذا الاعتداء.
القوات العراقية تحرر الموصل من التنظيم الإرهابى
فى 17 أكتوبر 2016، شنت القوات العراقية - مدعومة من طيران التحالف الدولى - هجوما لاستعادة مدينة الموصل، واستمر المواجهات المحتدمة بين القوات العراقية، ومقاتلى "داعش"، لقرابة عام، حتى تحررت المدينة بالكامل، وأعلن رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادى، فى 10 يوليو 2017، استعادة المدينة والانتصار على التنظيم الإرهابى.
القوات العراقية تواصل انتصاراتها وتستعيد تلعفر ومحافظة نينوى
واصلت القوات العراقية، معاركها ضد تنظيم داعش، استمرارًا لعملياتها العسكرية الناحجة لتحرير المدن العراقية الواحدة تلو الأخرى من يد الإرهابيين، وفى 20 أغسطس 2017، شنت القوات العراقية، هجوما على مدينة تلعفر، فى شمال البلاد لاستعادتها من التنظيم، وخلال 11 يومًا فقط، أى فى 11 أغسطس الماضى، أعلن العراق، استعادة هذه المدينة، وكامل محافظة نينوى، فيما شكل انتصارا أساسيًا ضد التنظيم الإرهابى.
القوات العراقية تحرر المدن العراقية بمحافظة الأنبار
ولم تتوقف القوات العراقية عند هذا الحد، بل أعلنت فى 19 سبتمبر الجارى - بدعم من الحشد الشعبى، والتحالف الدولى - بدء عملية استعادة السيطرة على قضاء "عنه"، فى محافظة الأنبار، غرب البلاد، فى إطار عملية عسكرية واسعة لطرد تنظيم "داعش"، من معاقله قرب الحدود مع سوريا.
ويقع قضاء "عنه"، ضمن منطقة يسيطر عليها الإرهابيون منذ العام 2014، وتضم أيضا بلدة راوة، ومدينة القائم، الواقعة على الحدود العراقية السورية.
العراق تحرر أخر معاقل "داعش" شمال العراق فى قضاء الحويجة
وتكليلًا للانتصارات الميدانية للقوات العراقية، فى مواجهة تنظيم داعش"، أعلنت القوات العراقية، فى مطلع شهر سبتمبر، أنها بدأت استعداداتها لإطلاق عملياتها العسكرية ضد التنظيم، فى قضاء الحويجة، الواقع فى غرب محافظة كركوك، ويعد آخر معاقل الإرهابيين فى شمال البلاد.
وفى 21 سبتمبر، أعلن رئيس الوزراء العراقى، حيدر العبادى، بدء عملية استعادة السيطرة على الحويجة، كما أعلنت القوات العراقية، فى 22 سبتمبر، انطلاق المرحلة الثانية من معركة تحرير الحويجة، وذلك بعد تحقيق انتصارات متتالية كان نتاجها تحرير أكثر 19 قرية من يد الإرهابيين.