آمنة نصير: كلام هراء لا يمكن التعامل معه..
جابر عصفور: تقرير كاذب والديمقراطية نظام سياسى قبل أن يكون أخلاقيا
فى الوقت الذى أصبح تجديد الخطاب الدينى ضرورة ملحة تتفق كل مؤسسات الدولة عليه، يبدو أن الأزهر لم ينتبه جيدا لهذه الرسالة وخرج عن سياقه المعروف بالوسطية والوقوف فى وجه التطرف والشطط ومحاربة أصحاب الفكر التكفيرى، وعن موقفه الصارم من التنظيمات الإرهابية مثل "داعش" التى كان يحرص على تفنيد فتاويه الإرهابية ويرفضها، وذلك بعد بيان اللجنة الشرعية التابعة لمرصد الأزهر الشريف التى أصدرت فتوى بتحريم الديمقراطية وربطت بينها وبين الزنا واللواط.
وجاء فى بيان اللجنة الشرعية التابعة لمرصد الأزهر الشريف، أن الديمقراطية هى حكم الأكثرية والأغلبية عن طريق صناديق الاقتراع وهو ما يسمى بالتصويت الانتخابى، وأكدت "اللجنة" أن ذلك يتفق مع الشريعة الإسلامية، فالحكم فى الإسلام مبنى على الشورى.
لكن قبل أن تنهى اللجنة كلامها "احترزت" بأنه "إذا ارتضت الأغلبية سن قوانين تخالف الشريعة الإسلامية كإباحة الزنا وشرب الخمور وزواج المثليين وإجهاض الفتيات، وغيرها من الأشياء التى حرمها وجرمها الإسلام، كما يحدث فى الدول الغربية باسم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، فهو أمر يرفضه الإسلام ولا يمكن أن يقبله المجتمع الإسلامى، لأنه يؤدى إلى نشر الرذيلة والفاحشة فى المجتمع".
بعد ذلك توقفت اللجنة أمام الجملة الأخطر فى البيان وقالت إن "لفظ الديمقراطية مصطلح دخيل على الثقافة الإسلامية، ولكونها تعنى وصول الأكثرية والأغلبية للحكم عن طريق التصويت الانتخابى، وبالتالى يحق لهم اختيار الحاكم وسن القوانين والتشريعات التى ترضاها الأغلبية دون اعتبار لدين أو أخلاق، فهى نظام سياسى اجتماعى يقوم بفصل الدين عن الدولة، وعند النظر إلى المفهوم الغربى للديمقراطية نجد أن فيه شقان، أحدهما يتفق مع روح الشريعة الإسلامية، والآخر يتعارض معها.
وقالت اللجنة "إنه على سبيل المثال، فى الدول الغربية ارتضت الأغلبية سن قوانين تقضى بإباحة الزنا ،وشرب الخمور، وزواج المثليين ،وإجهاض الفتيات، وغير ذلك، وهذا يمارسونه باسم الديمقراطية والحفاظ على حقوق الأفراد والجماعات" والمعروف أن مثل هذه الفتاوى تنتج أنظمة متطرفة مثل تنظيم داعش الذى يحارب الانتخابات ويدعو إلى الخلافة.
وتجاهلت اللجنة الشرعية التابعة لمرصد الأزهر أن كلمة الديمقراطية تعنى الشعب، حيث يملك هو السلطة السيادية على المجلس التشريعى والحكومة.
كذلك لم ينتبهوا إلى أن الديمقراطية هى مجموعة من المبادئ والممارسات التى تحمى حرية الإنسان، وأن جميع الديمقراطيات، التى تحترم إرادة الأغلبية، تحمى فى الآن ذاته وبالحماس ذاته الحقوق الأساسية للفرد وللأقليات.
وأغفلت اللجنة كون الديمقراطية هى التى تمنع تحول نظام الحكم إلى حكومة مركزية تمتلك كل السلطة، كذلك تجاهلت أن النظم الديمقراطية مهامها الأساسية هى حماية حقوق الإنسان الأساسية، مثل حرية التعبير وحرية المعتقد وحق المساواة أمام القانون، وإتاحة الفرصة للتنظيم والمشاركة بصورة كاملة فى الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع، كما تخضع الديمقراطية الحكومات لحكم القانون وتؤكد على أن كل مواطنيها يلقون الحماية بدرجة متساوية فى ظل القانون وأن حقوقهم يحميها النظام القانونى.
كذلك لم تنتبه اللجنة لكون الإسلام يعتبر بأن الناس أحرار وأصحاب سيادة، كما نسى البيان أن المجتمعات الديمقراطية تلتزم بقيم التسامح والتعاون والتوصل إلى الحلول الوسط.
ويظل هناك سؤال هل هناك علاقة بين بيان اللجنة التابعة للأزهر وبين تصريحات الداعية محمد حسان لـ"انفراد" والتى قال فيها "الحرب المعلنة بضراوة على الدين لا شك ولا ريب أنها ستجعل هناك ردود فعل ربما تكون غير منضبطة عند أولادنا وشبابنا ممن يحركهم حبهم وحماسهم وإخلاصهم لهذا الدين فلا ينبغى أن يتوهم أحد أن المسلمين سيتخلون عن إسلامهم تحت أى ظرف، ولا سبب من الأسباب، ولا ينبغى بدعوى حرية الإبداع وحرية الفكر أن نترك المجال مفتوحا للطعن فى ثوابت وأركان وأصول هذا الدين".
ومن جانبه قال الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، إن تقرير اللجنة الشرعية لمرصد الأزهر الشريف، كاذب، لأن الديمقراطية نظام سياسى قبل أن يكون أخلاقيا، وكل هذه الاتهامات التى يرمون بها باطلة، ويبدو أن علينا أن نوجه للأزهر سؤال هل هذا هو تجديد الخطاب الدينى الذى طالبهم به الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية.
بينما علقت الدكتورة آمنة نصير قائلة، لا أستطيع أن أرد على هذا الهراء، فهم يتعاملون مع الديمقراطية وكأنها منحصرة فى الزنا واللواط، وهذا فكر لا يمكن التعاطى معه.