أشعلت تصريحات المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بأن الفترة المقبلة ستشهد قرارات صعبة، المضاربات على الدولار فى السوق الموازية، إذ فسرها المضاربون بأنها تلك الإجراءات قد تتضمن تخفيضا وشيكا للجنيه، مما دفع الدولار إلى مستويات قياسية ليسجل 915 قرشا منتصف الأسبوع الماضى، قبل أن يهبط إلى 890 قرشا بسبب حملة البنك المركزى على شركات الصرافة المخالفة.
وقدرت الحكومة الفجوة التمويلية فى برنامجها المقرر عرضه على البرلمان بحوالى 27 مليار دولار، فى حين قدرها صندوق النقد والبنك الدوليين بحوالى 32 مليارًا، وهو ما يجعل متوسط الفجوة 30 مليار دولار تقريبا بمعدل 10 مليارات سنويا.
وهبط احتياطى النقد الأجنبى من 36 مليار دولار قبل ثورة يناير، ليستقر عند 16.47 مليار دولار نهاية يناير الماضى. وساهم توقف المنح الخليجية خلال العام المالى الحالى فى تراجع أرصدة الاحتياطى بشكل ملحوظ.
وأكد هانى جنينة رئيس قطاع الأسهم فى بنك "بلتون" للاستثمار، أنه يتعين على الحكومة المصرية السعى فى تدبير تمويلا من المؤسسات الدولية فى أسرع وقت لاحتواء أزمة الدولار التى تتفاقم يوما بعد يوم فى ظل استمرار أزمة السياحة وتراجع موارد البلاد من الصادرات وقناة السويس وغيرها من مصادر العملة الصعبة.
وأكد جنينة أن قرار البنك المركزى بزيادة الحد الأقصى للإيداع النقدى لشركات التصدير ولها احتياجات استيرادية إلى مليون دولار شهريًا أو ما يعادله بالعملات الأجنبية وبدون حد أدنى للإيداع اليومى، ساهم فى زيادة الطلب على العملة الصعبة، وهو ما استغله تجار السوق السوداء وسط شح الدولار.
ويرى جنينة أن ما نشرته إحدى وكالات الأنباء حول احتساب الدولار بحولى 825 قرشا فى موازنة 2016/2017، أعطى إشارة لحائزى الدولار أن هناك تخفيضا وشيكا للعملة المحلية، لكن رفع حد الإيداع الدولار كان الحافز الأكبر للقفزة الأخيرة فى سعر الدولار بالسوق الموازية نتيجة اشتعال المضاربات ونشاط الدولرة، على حد قوله.
وقال جنينة إن قرارات البنك المركزى تنقل جزءا من السوق الرسمية للموازية وهو ما وصفه بمرحلة التحول إلى سوق صرف حر، ما يمهد لتعويم تدريجى للعملة المحلية مقابل الدولار، لأن ارتفاع سعر الدولار فى السوق الموازية إلى تلك المستويات سيؤدى إلى تراجع متوسط سعر صرف الجنيه مقابل العملة الأمريكية تدريجيا حتى يستقر عند حدود 900 قرشا تقريبا.
واقترح جنينة اللجوء إلى صندوق النقد الدولى لتدبير قرض قيمته تتراوح بين 5- 6 مليارات دولار لسد الفجوة التمويلية واحتواء أزمة العملة الطاحنة، مشددا على أنه برنامج الإصلاح الذى يتم بموجبه تلقى التمويل ضرورى لجذب استثمارات أجنبية مباشرة وتعزيز ثقة المستثمر الأجنبى فى السوق المحلية، لأن تمويل الصندوق يعد بمثابة شهادة ثقة دولية.
وتدرس الحكومة عدة خيارات لسد تلك الفجوة فى ضوء تدنى موارد الدولة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة والسياحة والصادرات، من بينها الاقتراض من صندوق النقد لكن القرار سيكون لمجلس النواب بعد عرض برنامج الحكومة وشرح خيارات سد الفجوة التمويلية.
وأكد مسؤول حكومى رفيه المستوى لـ"انفراد" أن الحكمة تدرس اقتراض 6 مليارات دولار من صندوق النقد، وأنها تعتزم عرض الأمر على البرلمان بمجرد نيل ثقته.
ولجأت الحكومة للتفاوض مع البنك الدولى والتنمية الأفريقى للحصول على قرضين بإجمالى 4.5 على مدار 3 سنوات، بواقع 3 مليارات دولار من الأول و1.5 مليار دولار من الأخير لدعم الموازنة.
وحصلت مصر فى ديسمبر الماضى على موافقة البنكين على الدفعة الأولى من القرضين بواقع مليار دولار من البنك الدولى و 500 مليون دولار من بنك التنمية الإفريقى.
ويؤكد رئيس قطاع الأسهم فى "بلتون" أن حادث الطائرة الروسية فى شرم الشيخ وتداعياته على قطاع السياحة الذى يدر ما يقرب من 15% من موارد العملة الصعبة سنويا، يجعل قيمة الدفعة الأولى غير كافية لسد العجز.
وأشار إلى أن خسائر قطاع السياحة دفعت الحكومة والمجلس التنسيقى للبنك المركزى لدراسة خيارات أخرى لتدبير العملة الصعبة فى أسرع وقت لتعويض تلك الخسائر، ومنها الاتجاه تدريجيا إلى تحرير سوق الصرف.
ورغم تكهنات الخبراء بتخفيض جديد محتمل، والتى عززها قرار محافظ البنك المركزى برفع الحد الأقصى للإيداعات الدولارية من 50 ألف دولار شهريا إلى 250 ألف دولار، باعتباره خطوة تمهد لتحرير سعر الصرف الجنية، رجحت مؤسسات دولية إرجاء قرار تخفيض العملة المحلية خلال 2016، بدعم من المساعدات المالية التى تعهدت بها كل من الصين والمملكة العربية السعودية، فضلا عن استمرار سعى الحكومة لتدبير قروض من مؤسسات دولية لدعم الموازنة وأغراض استثمارية وتنموية.
وذكرت "ميريل لينش"، وحدة الأبحاث فى بنك أوف أمريكا، فى تقرير حديث لها إن مصر تستطيع تفادى تخفيض حاد فى قيمة الجنيه فى 2016، إذا ما تحققت الوعود بالمساعدات خلال الوقت المحدد لها.