قالت صحيفة "واشنطن بوست" أن المأزق الذى تواجهه تركيا فى الوقت الراهن يمثل مخاطر حقيقية، وأشارت إلى أن تركيا بدت قبل أربع سنوات وكأنها ستجنى ثمار الربيع العربى، وأشاد بها الغرب باعتبارها قوة صاعدة. لكنها اليوم تواجه أعداء على حدودها ومجموعة من التحديات الداخلية الصعبة.
كابوس استراتيجى لأنقرة
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن تركيا تواجه ما يرقى إلى كابوس استراتيجى مع إنفجار قنابل داخل مدنها، وتواجد أعدائها على حدودها ورفض حلفائها لمطالبها.
وقبل أربع سنوات، تتابع واشنطن بوست، بدت تركيا وكأنها ستصبح واحدة من أكبر الفائزين فى الربيع العربى، وقوة صاعدة أشاد بها الغرب باعتبارها نموذجا، وتحظى بدعم منطقة تسعى لشكل جديدة من أشكال الحكم. لكن كل هذا تلاشى مع فشل الثورات العربية والتغييرات فى المشهد الجيوسياسى ومسار الحرب السورية. فروسيا، خصم تركيا القديم، توسع تواجدها حول حدودها فى سوريا من الجنوب، وفى القرم وأوكرانيا من الشمال وفى أرمينيا من الشرق.
وفى يوم السبت الماضى، أعلنت وزارة الدفاع الروسية نشر مجموعة جديدة من الطائرات والمروحيات المقاتلة فى الفضاء الجوى خارج العاصمة الأرمينية على بعد 25 ميل من حدود تركيا. وقد أدت تداعيات الحرب السورية المتمثلة فى سلسلة من التفجيرات الانتحارية فى اسطنبول وأنقرة، آخرها يوم الأربعاء الماضى إلى حالة من الخوف فى الشارع التركى، وتأثرت بذلك أيضا صناعة السياحة الحيوية فى البلاد.
كما أن انهيار عملية السلام مع أكراد تركيا أغرق جنوب شرق البلاد فى حرب بين الأكراد والجيش التركى مع سعى أكراد سوريا لتشكل دولتهم الخاصة على الأراضى التى سيطروا عليها على حدود تركيا.
ركود الاقتصاد التركى
وإلى جانب هذا كله، فإن الاقتصاد التركى فى حالة ركود، وتضرر بسبب مخاوف عدم الاستقرار والعقوبات التى فرضتها موسكو وتستهدف البضائع التركية مثل الطماطم، وكذلك السياحة ردا على إسقاط طائرة روسية فى نوفمبر الماضى.
وتنتشر المخاوف من أن التوترات يمكن أن تتصاعد بشكل أكبر سواء فى تركيا أو فى المجتمع الدولى وهو الأمر الذى دفع الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند إلى التحذير من مخاطر حرب بين تركيا وروسيا.
ويقول جوخاك باسيك، أستاذ العلاقات الولية بجامعة إيبيك بأنقرة، أن تركيا تواجه كارثة متعددة الأوجه، فهذا بلد كان لديه مشكلات فى الماضى، إلا أن حجم ما يحدث الآن يتجاوز قدرتها على الاستيعاب.
وزاد من ضعف الموقف التركى، زيادة الخلاف مع الولايات المتحدة بشأن وضع الميليشيات الكردية السورية. فقد رفضت الخارجية الأمريكية هذا الشهر طلب للرئيس التركى رجب طيب أردوغان بأن تختار واشنطن بين حليفتها فى الناتو وبين الأكراد، حلفائها الأساسيين فى سوريا فى المعركة ضد داعش.
تركيا تواجه عزلة تامة
ويقول سولى أوزيل، أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة قدير هاز باسطنبول، أن تركيا الآن فى عزلة تامة ومحاصرة فى سلسلة من المصاعب التى شاركت فى صنعه. ويتابع قائلا إنها نفرت الجميع ولا تستطيع إقناع أى أحد بفعل أى شىء، فأصبحت بلدا لم تعد لكلماتها أى ثقل، ولم تعد قادرة على حماية مصالحها الحيوية، وهى على خلاف مع الجميع بما فى ذلك حلفائها. وبالنسبة لبلد كانت تعد حتى وقت قريب جدا قوة إقليمية، فإن تلك الحقائق تبدو له كارثية تماما.