طرح أساتذة وخبراء الموارد المائية والهندسية، بعض الحلول لتجنب الآثار السلبية العائدة على مصر من بناء سد النهضة، بعد تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى، بأن هناك اتفاقيات مع إثيوبيا على سنوات الملء، مؤكدًا سعى الدولة لتعويض تداعيات نقص المياه جراء بناء السد، حيث من المتوقع انخفاض حصة مصر من المياه بنسبة 25% من النسبة الحالية لها، وتأثير ذلك على الطاقة الكهربائية والأراضى الزراعية بالبلاد.
وأعرب الرئيس عن قلقه من وصول الدولة للفقر المائى، لافتًا إلى أنه يعمل مع الحكومة بشكل قياسى لعدم الوصول لهذا الأمر، وسد احتياجات المواطنين من المياه، وأن هناك مخططات لإنشاء محطات معالجة لمياه الشرب خلال عامين، تعادل ما تم إنتاجه خلال الـ30 عامًا الماضية
خبراء المياه أكدوا أن مصر طوال تاريخها لم تقف ضد التنمية فى أفريقيا بصفة عامة ودول حوض النيل بصفة خاصة، حيث عملت على دعم المشاريع التى تحقق منافع مشتركة لشعوبها، فقد ساهمت فى بناء " خزان أوين" لمصلحة أوغندا، ولم تمانع فى بناء سد "تيكيزي" و"نفق تانا بلس" بإثيوبيا.
برنامج مكثف لاستيعاب تداعيات سد النهضة
ومن جانبه أكد الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الرى الأسبق، أن تأثيرات سد النهضة لن تستطيع مصر استيعابها تداعيات إلا بإعداد برنامج مكثف لن يقل عن 20 عام وتكاليف لن تقل عن 10-150 مليار جنيه، لتجنب المخاطر المتوقعة.
واقترح علام، تنفيذ خطة متكاملة تحتوى على 12 بند، لتفادى التأثيرات السلبية للسد على مصر، نتيجة نقص المياه المتاحة لقطاعات الرى والزراعة والشرب فى مصر أثناء فترة الملء وخاصة فى حالة الملء أثناء فترات الفيضان تحت المتوسط أو الضعيف والتى تؤدى إلى عدم القدرة على زراعة ملايين الأفدنة وفقدان الدخل لملايين المصريين المعتمدين على الزراعة فى دخلهم السنوى.
إعادة تأهيل الشبكة الرئيسية للرى
وتضمنت الخطة المقترحة، ضرورة إعادة تأهيل الشبكة الرئيسية للرى بما فيها الترع الكبرى والمنشآت المائية ومحطات الطلمبات، وتطوير الرى السطحى فى الدلتا والوادى، و إنشاء محطات معالجة لمياه الصرف الصحى والصناعى لتقليل التلوث فى المصارف والترع، ومحطات خلط لمياه الصرف "زراعى وصحى" بعد المعالجة وإعادة استخدامهما فى الزراعة.
منع زراعة محصول الأرز
كما تتضمن الخطة ، منع محصول الأرز نهائياً إلا فى مساحات ضيقة بشمال الدلتا لمنع تداخل مياه البحر، و تعزيز شبكات الصرف المغطى وتطويرها فى منطقة لشمال الدلتا لمنع تملح الأراضى، وتطبيق سياسة ترشيد المياه بشكل مكثف لاستخدامات المياه المنزلية بمعدات موفرة للمياه كشرط للترخيص للمبانى، و منع استخدام المياه "الحلوة" فى أغراض التبريد فى الصناعة واستبدالها بالهواء أو المياه المالحة للصناعات التى تتم فى السواحل، وإعادة تدوير مياه الصناعة عدة مرات.
تحلية مياه البحر
وشدد علام على منع استخدام المياه الجوفية غير المتجددة فى التوسعات الزراعية وحفظها كإحتياطى إستراتيجى لمصر، و اعادة النظر فى تفتت الحيازات الزراعية القائمة حاليا فى مساحات كبيرة تديرها إما شركات، أو جمعيات أهلية تساعد على توفير المياه وزراعة محاصيل اقتصادية، و تحلية مياه البحر بما لا يقل عن مليارى متر مكعب سنوياً.
واختتم الدكتور محمد نصر الدين علام تصريحاته بأن الأزمة ليست أزمة سد النهضة فقط ، وإنما سيفتح الباب لباقى دول حوض النيل ومنها أثيوبيا لبناء سدود أخرى على النيل.
ويرى الخبراء أن تأثيرات سد النهضة لن تكون على قطاع المياه فقط، وإنما هناك تأثيرات أخرى تتمثل فى نقص الكهرباء المولدة من السد العالى، والتى يمكن أن تصل إلى حد توقف محطة توليد السد العالى تماماً لعدد من السنوات والتى تزيد فى فترات الجفاف بصورة كبيرة، وخاصة أن الدراسات الإثيوبية تقترح الملء فى فترة 6 سنوات ( بغض النظر عن إيراد نهر النيل)
و هناك تأثيرات اقتصادية نتيجة خسارة شبكة الطاقة فى مصر لجزء كبير من الطاقة المولدة من السد العالى وهو ما يعنى أعباء اقتصادية لتعويض هذا النقص، بالإضافة إلى أن غمر الغابات والأشجار عند ملء بحيرة سد النهضة، مما سيقلل نسبة الأكسجين المذاب والذى يؤثر على نوعية المياه المنطلقة خلف السد، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على نهر النيل فى السودان وليس فى مصر
ويتسبب بناء سد النهضة فى نقص الطمى الوارد للسودان مما يؤثر على خصوبة التربة، وبالتالى سيدفعها لاستخدام المبيدات الزراعية والمخصبات الزراعية ومع عدم وجود نظام صرف متطور جدا بشكل مباشر سيؤثر على نوعية المياه الواردة لمصر، وهو ما يعنى تدهور فى نوعية المياه المستخدمة سواء فى الزراعة أو الشرب وهو ما سيؤدى إلى تأثيرات جسيمة على صحة المصريين وما يستتبعه ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية جسيمة.
المياه الجوفية لا يمكن الاعتماد عليها على المدى الطويل
ويرى الدكتور مغاورى شحاتهةدياب رئيس جامعة المنوفية السابق، أن تكاليف تحليه مياه البحر أو شرائها ستكون بشكل كبير لا يمكن توفيره، كما أن المياه الجوفية لا يمكن الاعتماد عليها على المدى الطويل، مؤكداً أن الحل الوحيد لتجاوز العجز المتوقع من نقص المياه، هو ترشيد استهلاكنا من المياه.
فى السياق ذاته أكد مصدر مسئول بوزارة الرى، أن هناك العديد من البدائل المتاحة فى حالة تأثر حصة مصر من مياه النيل حيث تم وضع خطة طويلة الآجل للاعتماد على الموارد غير التقليدية حتى عام 2030، تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، لخفض تكاليف الموارد التى سيتم تطبيقها.
تطوير طرق الرى التقليدية بأخرى بديلة لا تستنزف المياه
وأضاف المصدر أن أهم ملامح الخطة هو تطوير طرق الرى التقليدية بأخرى بديلة لا تستنزف المياه، و الاعتماد على الهندسة الوراثية لتطوير نباتات يمكن زراعتها فى المياه المالحة، إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصحى.