بدأ، منذ قليل، سريان اتفاق وقف الأعمال العدائية فى سوريا، وذلك وفقًا للبيان الصادر عن واشنطن وموسكو بصفتهما الرئيسين المشاركين للمجموعة الدولية لدعم سوريا، وتستثنى الهدنة تنظيم "داعش" الإرهابى وجبهة النصرة أو أى منظمات إرهابية أخرى يُحددها مجلس الأمن.
وقد لاقت الهدنة قبولاً لدى المعارضة السورية، إذ أعلن رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، أن فصائل الثورة السورية التى يبلغ عددها 97 فصيلاً أبدت موافقة أولية على التوصل إلى هدنة مؤقتة، بشرط أن يتم ذلك وفق وساطة دولية.
فيما وصف الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، اتفاق وقف إطلاق النار فى سوريا بأنه خطوة حقيقية لوقف حمام الدم، فى حين قال البيت الأبيض، إن تنفيذ الاتفاق بشأن سوريا سيكون صعبًا، وأضاف أن وقف إطلاق النار هو الخطوة التالية فى محاولة إحراز تقدم فى المناقشات لإنجاز التغيير السياسى فى سوريا.
وأكدت الولايات المتحدة وروسيا استعدادهم للعمل معًا لتبادل المعلومات ذات الصلة (مثل: البيانات المجمعة التى تحدد الأراضى التى تنشط فيها المجموعات التى تعلن التزامها وقبولها بالهدنة، ومركز تنسيق لكل جانب، بغية ضمان التواصل الفعال) ووضع الإجراءات الضرورية لمنع تعرض الأطراف المشاركة فى وقف الأعمال العدائية إلى هجوم من قبل القوات المسلحة الروسية، التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، القوات المسلحة التابعة للحكومة السورية والقوى الأخرى التى تدعمها، والأطراف الأخرى المشاركة فى عملية وقف الأعمال العدائية.
ودعت الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية جميع الأطراف السورية والدول الإقليمية والآخرين فى المجتمع الدولى إلى دعم الوقف الفورى للعنف وإراقة الدماء فى سوريا، وللمساهمة بتنفيذ سريع وفعال وناجح لعملية الانتقال السياسى التى تيسرها الأمم المتحدة طبقاً لقرار مجلس الأمن الدولى رقم 2254، وبيان المجموعة الدولية لدعم سوريا الصادر فى الـ11 من فبراير، وتصريحات فيينا الصادرة عن المجموعة الدولية لدعم سوريا فى عام 2015، وبيان جنيف لعام 2012.
وتشمل الهدنة الدعوة لوقف الهجمات بأى نوع من الأسلحة، بما فى ذلك الصواريخ، ومدافع الهاون، والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، ضد القوات المسلحة التابعة للجمهورية العربية السورية، وأى قوات مرتبطة بها، إضافة للتوقف عن كسب أو السعى إلى كسب أراض من الأطراف الأخرى المشاركة بوقف إطلاق النار.
ووفقًا للهدنة، فيجب السماح للمنظمات الإنسانية بوصول سريع وآمن ودون عراقيل فى جميع أنحاء المناطق الواقعة تحت سيطرتها العملياتية، والسماح فوراً بوصول المساعدات الإنسانية إلى كل من يحتاجها.
وتشمل بنود الهدنة وقف الهجمات بأى نوع من الأسلحة، بما فى ذلك القصف الجوى من قبل القوة الجوية التابعة للجمهورية العربية السورية والقوات الجوية الفضائية الروسية، ضد مجموعات المعارضة المسلح، الاستخدام المتناسب للقوة (أى ما لا يزيد عما هو مطلوب للتصدى لتهديد مباشر) إذا وعندما يكون الرد فى حالة دفاع عن النفس.
فيما ذكر وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، أن هناك فرصة جيدة لتثبيت التحول الإيجابى الذى تم إحرازه فى التسوية السورية، مؤكدًا صعوبة التأكيد أن يضمن بنسبة 100% نجاح اتفاق الهدنة.
وأضاف، فى مؤتمر صحفى، عقده فى أعقاب الاجتماع المنعقد يوم الجمعة، بمشاركة وزير الخارجية الإماراتى عبد الله بن زايد آل نهيان، وأمين عام جامعة الدول العربية، نبيل العربى: "الاتفاق الذى تم التوصل إليه وسيوافق عليه مجلس الأمن اليوم، لا يعنى أنه سيتم تنفيذه تلقائيًا، بل يجب أن تبذل جهودًا يومية لمتابعة التطبيق العملى لهذا الاتفاق على الأرض".
ومن العوامل الأخرى التى يتعلق بها نجاح اتفاق وقف إطلاق النار، أشار لافروف إلى قدرة المجتمع الدولى على تطبيق القرارات التى تم اتخاذها فى وقت سابق، حول وقف تدفق المقاتلين ووضع حد للتجارة بالنفط والسلع المهربة الأخرى عبر الحدود السورية، مشددًا على ضرورة وضع رقابة صارمة على الحدود السورية ووجود آلية معنية بهذا الشأن فى مجلس الأمن، وأن تتم بصورة نزيهة وموضوعية دون إخفاء أى وقائع عن مجلس الأمن.
كما حذر وزير الخارجية الروسى واشنطن وحلفاءها فى إطار التحالف الدولى من التلاعب بموضوع محاربة الإرهاب، مشيرًا فى هذا الخصوص إلى تشكيك بعض المسئولين فى تلك الدول فى ضرورة استثناء "جبهة النصرة" من الهدنة.
وحذر لافروف من محاولات استغلال شعارات محاربة الإرهاب لتبرير وضع خطط للتدخل عسكريًا فى سوريا أو ملاحقة الخصوم السياسيين داخل البلاد، موضحًا أن هذا ما تفعله القيادة التركية.
بدوره شدد وزير الخارجية الإماراتى عبد الله بن زايد آل نهيان، على ضرورة عدم التفريق بين "داعش" و"النصرة" من جهة، والتنظيمات التى تدعمها إيران فى سوريا من جهة أخرى.
كما ذكر وزير الخارجية الإماراتى، أن الجميع يتحمل مسئولة التقصير بشأن تسوية الأزمة السورية وتخفيف معاناة الشعب السورى وإعطاء "داعش" الفراغ الذى يحاول أن يستغله.
بدورها أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية، الجمعة عن التزام نحو مئة فصيل مقاتل بالاتفاق الروسى الأمريكى المتعلق بوقف لإطلاق النار فى سوريا وذلك قبل ساعات من بدء سريان تطبيقه.
وجاء فى بيان للهيئة، أن "الهيئة العليا للمفاوضات اكدت موافقة فصائل الجيش الحر والمعارضة المسلحة على الالتزام بهدنة مؤقتة تستمر مدة أسبوعين"، موضحًا أن "هذه الموافقة تأتى عقب تفويض 97 فصيلاً من المعارضة الهيئة العليا للمفاوضات باتخاذ القرار فيما يتعلق بالهدنة".
ويشكك مراقبون للوضع فى سوريا فى إمكانية نجاح الهدنة والأعمال القتالية الجارية فى سوريا، فى ظل الخلاف القائم بين العديد من الدول الإقليمية والدولية حول تصنيف التنظيمات الإرهابية التى تقاتل فى البلاد.