مسلسل تشويه التماثيل المتواجدة فى الميادين العامة مازالت حلقاته فى عرض مستمر، لم تنتهى بعد، فمنذ أيام قام مجموعة من العمال بتلوين تمثال الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب الذى يتوسط ميدان باب الشعرية، مستخدمين ألوانا دمرت معالم وشكل التمثال .
ومن جانبه قال الفنان التشكيلى طارق الكومى، صاحب تمثال الموسيقار محمد عبد الوهاب، إن الذين قاموا بتشويه التمثال هم ناس غير متخصصين ومجموعة من الصنايعية، ويثبت أن ثقافة "الفهلوة" هى المسيطرة والسائدة على الساحة.
وأضاف"الكومى" فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، عندما كُسر التمثال من قبل وقابلت رئيس الحى لترميمه، كان المحافظ على علم بذلك، وتم بالفعل ترميم التمثال ولكن على يد مجموعة من النقاشين، مما يشير إلى أنهم أعتبروا الموضوع ذا أهمية، والآن من أخذ القرار فى تلوين التمثال خاطئ.
وتابع الفنان التشكيلى، عندما يكون رئيس الحى والمحافظ غير فاهمين ويعتبرون الواجهة الحضارية شيئاً تافهاً، يصبح عليه العوض فى الواجهة الحضارية للبلد، وستكون ثقافة الإسفاف والفهلوة هى المسيطرة، وذلك الذى جعلنى غير متعجب مما حدث للتمثال .
وأشار طارق الكومى إلى أهمية الأخذ بصوت المتخصصين حتى يتم إصلاح الأمر، مضيفاً إلى أنه تواصل مع المسئولين وعلى رأسهم الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة، ويحاول التوصل إلى المحافظ كى يستطيع إصلاح هذا الموقف.
أما الفنان التشكيلى إيهاب اللبان، مدير قاعة أفق بمتحف محمود خليل وحرمه، قال إننا نحتاج إلى بروتوكول تعاون بين كل محافظات مصر وبين وزارة الثقافة، ينص على آلا يصح على الإطلاق صدور قرار من أى محافظة لوضع تمثال ما فى ميادينها، ولا من شأنها ترميم أو صيانة أو تلوين تمثال بقرار ذاتى دون اللجوء إلى المتخصصين، حيث إنها أشياء فنية لها متخصصينها .
وأضاف "اللبان"، إن لم يتم وضع برتوكول التعاون بين المحافظين ووزارة الثقافة، فعلى الأقل لا يتم ترميم أو عمل أو تجميل أى تمثال الا بعد الرجوع إلى وزارة الثقافة أو قطاع الفنون التشكيلة وجهاز التنسيق الحضارى، لأن هذا الجهاز هو الوحيد الموكل والمخول له التعامل مع الميادين والساحات العامة، لأن من يشكل وجه مصر يجب أن يكون جهة متخصصة.
وتابع إيهاب اللبان، لا أفهم كيف لم يتم استشارة جهاز التنسيق الحضارى المتواجد أساساً لتلك الوظيفة، فهل نحن ننشئ المؤسسات لمجرد الإنشاء ولمجرد ان يكون هنام هيكلية للإدارة دون النظر إلى وظيفتها؟!.
وقال الدكتور أسامة السروى، مستشار مصر الثقافى السابق فى روسيا، والأستاذ بكلية التربية الفنية جامعة حلوان، تعليقاً على تشويه تمثال الموسيقار محمد عبد الوهاب بتلوينه، إنه حلقة من ضمن مسلسل تشويه المدينة من خلال التماثيل، وبعد الحملة التى اقمناها لازالة تمثال نفرتيتى بسمالوط، يتكرر نفس الأمر بأن يوكل إلى غير المتخصصين صيانة وترميم وتلوين التماثيل وبغير الرجوع إلى الفنانين المتخصصين وكأن رئاسة الحى غير معترفة بنقابة الفنانيين ووالكليات الفنية وخريجينها ودكاترة الفن فى مصر، وذلك يعكس جهل القائمين على رئاسة الحى.
وأضاف "السروى"، القائمين على رئاسة الحى يعتقدون أنهم يجملون الميادين ولكنهم فى واقع الأمر يشوهونها متناسيين أن هناك متخصصين، وأن ذلك يؤثر على الذوق العام وينحدر به، وبالإضافة إلى ذلك مفاهيم المقاولين الذين يقومون بتلوين التمثال خاطئ كأنهم يصنعون عروسة ماريونت لأن من المفهوم النحتى التمثال يكون من خامة واحدة ولون واحد، ولا يصلح أن يكون متعدد الألوان، الأمر الذى يجعله مضحكاً يعكس جهلاً.
وتابع أسامة السروى، نحن للأسف الشديد مازلنا فى مرحلة جهل وتخلف القائمين على تجميل الميادين، والغريب أن هناك هيئة متخصصة لتجميل المدينة بها نحاتين وفنانيين وأساتذة، ومن قاموا بتلوين تمثال محمد عبد الوهاب القائم بميدان باب الشعرية يعتقدون أنهم شاركوا فى عمل قومى ولكنهم للأسف الشديد قاموا بأمر مسئ لنا كنحاتين ومسئ للبلد ككل، وأعتبر ذلك خيانة ومؤامرة على الذوق العام .
و ناشد "السروى" المسئولين بأنهم يلجأون إلى المتخصصين والفنانيين والرجوع لهم فيما يتعلق بأمر التماثيل وذلك ليس عيباً لأن لكل شخص مجاله وتخصصه، وذلك الأمر سيحل بشكل أساسى الأزمة التى نعانى منها.