تشكل الزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لليابان فرصة للتأكيد على حضور وأهمية البعد الثقافى فى التعاون المصرى اليابانى فى مختلف المجالات كما يشكل حافزًا لمزيد من التعاون، والتواصل بين الشعبين المصرى واليابانى، كما أن مثقفى مصر يرشحون الكاتب العالمى موراكامى كل سنة للحصول على جائزة نوبل فى الآداب.
ومع اتجاه مصر الواضح للتواصل مع مشروعات النهضة الآسيوية، لعل من المناسب نقل رؤى ثقافية أسيوية لمصر والمصريين، وتزداد هذه الجاذبية على وجه الخصوص لدى هؤلاء المثقفين المصريين الذين يتطلعون لتحديث بلادهم دون انفصال أو انفصام عن الموروث الثقافى، والحضارى، وهو نموذج نجحت اليابان فى أن تكون المثال المضىء له بعد أن تمكنت من صياغة معادلة ثقافية تجمع ما بين المعاصرة والأصالة.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد نوه مؤخرًا بأن هدف زيارته لليابان هو الاستعانة بخبرتها فى تطوير العملية التعليمية بمصر، فيما يتفق الخبراء المعنيون على أن مناهج التعليم فى اليابان من أكثر المناهج التعليمية حداثة وتطورًا على مستوى العالم.
وعلى جانب التعاون الثقافى والأثرى بين البلدين، افتتح الأمير هيتاشى شقيق امبراطور اليابان، وهشام الزميتى السفير المصرى بطوكيو عام 2012 معرض آثار "العصر الذهبى للفراعنة" فى احتفالية تاريخية حضرها كبار رجال الدولة فى اليابان، بالإضافة إلى ممثلى الشركة اليابانية المنظمة للمعرض باليابان، فى آخر محطة للمعرض باليابان.
وضم المتحف كبد وأحشاء الملك توت المحنطة ومستندات تشرح الأساليب الطبية الحديثة والخاصة بتحليل الحمض النووى الذى أجرى للملك والتى تكشف أسرارا جديدة عن أسرته وكيف مات أفرادها، ونسخة مماثلة للمومياء الحقيقية للملك الموجودة بالمتحف المصرى بالقاهرة.
وتأكيدًا على التعاون الثقافى بين البلدين، أكد الرئيس السيسى فى ختام المؤتمر الاقتصادى العالمى بشرم الشيخ إن اليابان التى يتعلم منها العالم الآن التقدم، تعلمت أيضًا من مصر منذ أكثر من 153 سنة، عندما أرسلت بعثة من الساموراى المحاربين، الذين كانوا أكثر الطبقات تعليما وتثقيفا فى هذا الوقت، وتوقفت البعثة فى مصر عدة أيام من عام 1862 ودرس أفراد البعثة التى ضمت أحد أبرز رواد الاصلاح والتنوير فى اليابان.. يوكو أتشى فوكوزاوا نهضة مصر وتطورها منذ عهد محمد على باشا وأسباب ازدهارها.
ونزلت البعثة وفقا لمذكرات فوكوزاوا، فى مدينة السويس التى قدموا إليها عبر البحر الأحمر.. وأصيب أفراد البعثة بالدهشة عندما وجدوا أن مصر بها سكك حديدية وقطارات، حيث كانت مصر الدولة الوحيدة فى العالم بعد إنجلترا التى تعرف السكك الحديدية، ولم تكن اليابان حتى هذا الوقت تعرف السكة الحديد.
وكان شينزو آبى أكد خلال مؤتمر صحفى مع الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مطلع العام الماضى: "خير الأمور أوسطها" فيما يحظى الاعتدال والوسطية بأهمية فى الثقافتين المصرية واليابانية معا، فقمنا بتأسيس الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا فى العام 2009 لتقدم التعليم والبحث العلمى على الطريقة اليابانية وتخرج منها حتى الآن 69 من الباحثين والباحثات، معربا عن سروره بأن تكون مصر "مركزا لنشر المعلومات عن اليابان فى العالم العربى".
وأضاف أن هناك أقسامًا للغة اليابانية فى عدة جامعات مصرية من بينها جامعات القاهرة، عين شمس وأسوان، فيما نوه رئيس الوزراء اليابانى بأن قسم اللغة اليابانية وآدابها بجامعة القاهرة مستمر فى مهمته منذ أكثر من 40 عامًا.