سلطت مجلة "نيوزويك" الأمريكية الضوء على آلة القتل الإسرائيلية التى وصفتها بالأكثر قوة فى التاريخ، وكيف استخدمتها فى استهداف العلماء الألمان الذين ساعدوا مصر على تطوير برنامج الصواريخ فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
وتقول المجلة إنه بعد أسابيع قليلة من إعلان مصر نجاح برنامج الصواريخ عام 1962 وحالة الرعب التى سادت إسرائيل بسببه، علم الإسرائيليون بأن فريقا من العلماء الألمان لعبوا دورا فى تطوير الصواريخ، وكان هؤلاء العلماء من بينهم أقوى مهندسى نظام هتلر، بحسب ما تقول المجلة. وبعدها وضع رئيس الموساد إيسر هاريل الوكالة بأملها فى حالة تاهب قصوى، وسادت أجواء الأزمة كافة أروقتها.وبدأ.
واستنادا إلى "كتاب النهوض والقتل أولا: التاريخ السرى للاغتيالات المستهدفة لإسرائيل" للمؤلف والصحفى الإسرائيلى رونين بيرجمان، تحدث تقرير نيوزويك عن عمليات التخويف والترهيب التى شنها الموساد ضد العلماء وعائلاتهم بما فى ذلك خطابات تهدد حياتهم ويارة فى منتصف الليل تحمل تحذيرات مشابهو. لكنها فشلت عندما اعتقلت الشرطة السويسرية عميلا للموساد يسمى جوزيف بنجال بعدما هدد ابنة أحد العلماء، وتم ترحيله إلى ألمانيا وإدانته والحكم عله بالسجن لفترة قصيرة.
وأرسل المقر الرئيسى للموساد لمحطاته فى أوروبا فى أغسطس عام 1962 رسالة تقول "نحن مهتمون بالحصول على مواد استخباراتية أيا كان ما يمكن أن يحدث.. لو تبين أن ألمانياً يعرف شيئا عن هذا وليس مستعدا للتعاون، نحن مستعدون لأخذه بالقوة وإجباره على الحديث. من فضلكم اهتموا بهذا لأننا يجب أن نحصل على معلومات بأى ثمن".
ويشير الكتاب إلى أن عملاء الموساد بدأوا فورا اقتحام البعثات الدبلوماسية والقنصليات المصرية فى عدد من العواصم الأوروبية لتصوير الوثائق. وكانوا قادرين أيضا على تجنيد موظف سويسرى يعمل فى مكتب مصر للطيران بزيورخ، وهى الشركة التى كانت غطاء للمخابرات المصرية، على حد قول المؤلف.
وسمح الموظف السويسرى لعملاء الموساد بالحصول على حقائب البريد ليلا مرتين أسبوعين وأخذها إلى منزل آمن، وقاموا بفتحها وتصوير محتواها ثم أغلقوها مرة ثانية بواسطة خبراء لم يتركوا أى دلى على فتحها قبل أن يعيدوها إلى مكتب الشركة. وبعد فترة قصيرة نسبيا، أصبح لدى الموساد فهم أولى لمشروع الصواريخ المصرى ورؤسه.
وبدأ المشروع اثنين من العلماء المعروفين دوليا، وهو الدكتور يوجين سانجر وولفجانج بيلز، اللذين انضما فى عام 1954 إلى معهد بحوث فيزياء الدفاع النفاث فى شتوتجارت.
وترأس سانجر المركز المرموق، بينما كان بيلز وأخرين هما هانز كروج بول جوركيك رؤساء للأقسام. لكن أفراد هذه المجموعة شعروا بأنهم لا يعملون بشكل جيد فى ألمانيا بعد الحرب، فاقتربوا من النظام المصرى فى عام 1959 وعرضوا تجنيد وقيادة مجموعة من العلماء لتطوير صواريخ أرض أرض طويلة المدى. ووافق عبد الناصر سريعا وعين واحدا من أقرب مستشاريه العسكريين عصام الدين محمود خليل، مدير مخابرات القوات الجوية السابق ورئيس قسم البحث والتطوير فى الجيش المصرى لتنسيق البرنامج.
وتحدث الكتاب عن قيام عملاء الموساد باختطاف أحد العلماء الألمان وهو هانز كروج، الذى تم سجنه فى أحد منشآت الموساد وتعرض لاستجواب قاسى.. وظل صامتا فى البداية لكنه اعترف فيما بعد ، بل إنه تطوع للعمل لدى الموساد. لكن بعدما تبين أنه قال كل ما يعرفه، استغنى عنه الموساد.