كشف عدنان تنارفيدى كبير المستشارين العسكريين للرئيس التركى رجب طيب أردوغان أبعاد المخطط التركى للهيمنة على العالم الإسلامى وفى القلب منه منطقة الشرق الأوسط.
ودعا تنارفيدى (جنرال متقاعد) – فى مقابلة مطولة بثت مع قناة أكيت التليفزيونية التركية Akit TV - إلى سرعة إنشاء شركة خدمات عسكرية وأمنية "إسلامية" تعمل فى مجالات التدريب والدعم العسكرى الخارجى على غرار (بلاك ووتر) الأمريكية وهو ما اعتبره المراقبون إيعاز من جانب المسئول التركى بإنشاء تنظيم دينى مسلح ذى غطاء سياسي.
وفى إشارة إلى أردوغان قال المسئول التركى "إن جهودنا موجهة فى الأساس إلى فتح الطريق أمام ما وصفه بالزعيم المهدى المخلص الذى العالم الإسلامى ينتظر عودته "و هو ما اعتبره المحللون إشارة إلى الرئيس التركى الذى تسكنه أطماع السيطرة على العالم الإسلامى و فى القلب منه العالم العربى و منطقة الشرق الأوسط.
وأكد تقرير صدر اليوم عن معهد نورديك ريسيرش نتوورك المتخصص فى محاربة التطرف - ومقره ستوكهولم - أن الأفكار المتطرفة التى عبر عنها كبير مستشارى أردوغان كانت مناسبة جدا لكى يبثها عبر قناة Akit TV التليفزيونية فى الثالث والعشرين من الشهر الجارى وهى قناة تركية معروف عنها التطرف و معاداة الأديان السماوية الأخرى كالمسيحية واليهودية، كما ينظر إلى تلك القناة فى عالم الإعلام و الصحافة التركية على أنها لسان حال حزب أردوغان وماكينته الدعائية للترويج لأفكار التدخل العسكرى والهيمنة التركية الجديدة على العالمين العربى والإسلامي.
وأشار التقرير الأوروبى أن كبير مستشارى أردوغان العسكريين يمتلك ويدير لحساب الدولة التركية منظمة تركية للخدمات شبه العسكرية "منظمة ميليشياوية" تدعى SADAT للخدمات المسلحة والأمنية وأن هذه المنظمة تتبنى أفكارا متطرفة تؤمن بنهج العنف ومعادات أصحاب الديانات الأخرى وإقامة دولة الخلافة الإسلامية بقوة السلاح بحسب زعمه مع القناة التركية التى تحدث إليها.
تجدر الإشارة إلى أن البرلمانى التركى المعارض نيكاتى يلمظ عضو حزب الشعب الجمهورى قد تقدم باستجواب فى العام 2016 حول قيام مؤسسة SADAT التركية السابق الإشارة إليها بتدريب عناصر تنظيم الدولة فى العراق والشام (داعش) تحت سمع وبصر جهاز الاستخبارات التركي.. متسائلا عن ارتباط نشاط تلك المؤسسة بجهاز الأمن والاستخبارات التركى.
وكشفت ميرال إسكينير زعيمة حزب İYİ (Good) التركى المعارض فى العام 2018 عن قيام مؤسسة SADAT السابق الإشارة إليها بتنفيذ برامج للتدريب العسكرى والقتالى لمنتسبى حزب العدالة والتنمية التركى الذى يقوده أردوغان بقصد تشكيل ميليشيات مسلحة تعمل كجناح عسكرى للحزب، وقالت المعارضة التركية إن تلك التدريبات تتم فى مدينتى "قونية" و"توكات" التركيتان بصورة منتظمة وأن السلطات الأمنية التركية تغض الطرف عن ذلك.
وكان كبير مستشارى أردوغان متحدثا رئيسا فى اجتماعات مجلس الاتحاد الإسلامى العالمي؛ وهى الاجتماعات التى أشرف على تنظيمها على مدار الأسبوع الماضى المركز التركى للدراسات الاستراتيجية للمدافعين عن العدالة (ASSAM) وهى منظمة تحض على الكراهية لأصحاب الديانات الأخرى، وفى كلمته قال كبير مستشارى أردوغان إن المسلمين يتعين عليهم أن ينتجوا سلاحهم بأيديهم إذا كانوا صادقين فى محاربة "غير المسلمين" لأنه لا يمكن أن نقاتل غيرنا بسلاحه، وأشار إلى أنه وفق هذا التصور تتحرك تركيا، متوقعا أن تحقق بلاده اكتفاء ذاتيا تسليحيا بدءا من العام 2023 بحسب زعمه بما يمكنها من تحقيق أهدافها بقوة السلاح.
وكشف التقرير أن اجتماعات مجلس الاتحاد الإسلامى العالمى الذى أسسته و ترعاه الإدارة التركية منذ العام 2017 ستتواصل حتى العام 2023 لمناقشة موضوعات محددة، وقد عقدت اجتماعات المجلس خلال العام 2019 تحت عنوان كبير واحد هو "بناء القدرات العسكرية المشتركة و فق مبادئ الاتحاد الإسلامي" وشارك فيها ممثلون عن منظمات "متأسلمة" معروف عنها الاتجاه الراديكالى من 44 دولة إسلامية، وجميعها – بحسب ما أشار إليه التقرير – منظمات تتماهى فى أيديولوجيتها مع نهج "الراديكالية" الذى تسير عليه إدارة أردوغان والذى يحض على كراهية أصحاب الديانات الأخرى ومناصبتهم العداء.
ورصد التقرير كيف أن الدولة التركية بكامل أجهزتها قد عبأت قدراتها لدعم مؤتمرات ما يعرف بالاتحاد الإسلامى العالمي، كاشفة بذلك عن دعمها لأفكاره المتطرفة، فقد كان على رأس رعاة اجتماعات هذا المجلس الخطوط الجوية التركية Turkish Airlines (THY) المملوكة للدولة التركية وهى المؤسسة التى انفضح تورطها فى نقل أسلحة وعتاد إلى حركة بوكو حرام النيجيرية الإرهابية فى العام 2014.
كذلك كان من بين رعاة اجتماعات المجلس الإسلامى مؤسسة الصناعات الإلكترونية العسكرية التركية Aselsan والمؤسسة التركية للصناعات الدفاعية الجوية Havelsan and Turkish Aerospace Industries (TAI) ورعاة آخرين من أصحاب المشروعات ورجال الأعمال فى البلديات التركية التى يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا والذى يقوده الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.
وأكد التقرير انه لم يعد خافيا أن منظمة "المجلس الإسلامى العالمي" باتت هى المعبر عن أيديولوجية التطرف التى تتبناها القيادة التركية الحالية ورأس حربة أردوغان فى معركة نشر أفكاره المعادية للغرب والطامحة فى السيطرة على مقدرات العالم الإسلامى وإعطاء صبغة دينية لأطماع تركيا فى السيطرة من جديد على منطقة الشرق الأوسط والعالم العربى وخلق مظلة تحرك للمنظمات الإرهابية حول العالم، وفضلا عن ذلك يعمل المجلس للنيل من "منظمة المؤتمر الإسلامي" والقفز على دورها وهو ما تبدّى بوضوح فى قمة ماليزيا الأخيرة.
ووفقا للتقرير قام المجلس الذى يدعمه نظام أردوغان خلال العام الجارى بصياغة مسودة دستور ما أسماه "الدولة الإسلامية الاتحادية Islamic confederal state" ينص على أن تكون إسطنبول مقرها ولغتها الرئيسة هى اللغة العربية، لافتا إلى أن غالبية بنود دستور تلك الدولة الاتحادية المزعومة – والذى يقع فى 63 صفحة – تتطابق مع بنود الدستور التركى وأنها فى مجملها تعبر عن "إمبراطورية الخلافة" التى يحلم بها أردوغان.