أكد مستشار مفتى الجمهورية، الأمين العام الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، الدكتور إبراهيم نجم ، أن دار الإفتاء نجحت فى مواجهة الفراغ الدينى الناجم عن تعليق فتح المساجد بسبب كورونا، والإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الدولة لحماية المواطنين وسلامة المجتمع ، وذلك من خلال الحرص على زيادة التفاعل في القضايا الوطنية والشرعية للنهوض بالوطن ومواجهة الجماعات المتطرفة من خلال الفتاوى المنضبطة وهو ما ظهر جليا في شهر رمضان وأزمة مواجهة الفيروس.
وقال الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية - في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأحد، إن المؤسسات الدينية تضطلع بدور مهم على الصعيد الوطني والديني سواء في المناسبات الدينية أو الظروف الطارئة أو الأحوال العادية ، ومن هذه المؤسسات دار الإفتاء المصرية بدورها الديني والوطني على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي في كل الأزمات من منطلق أن الوقوف إلى جانب الوطن في وقت الشدة واجب شرعي، وهو ما ظهر جليا من خلال ما حققته صفحات دار الإفتاء على مواقع التواصل الاجتماعي حيث حققت الصفحة 42 مليون مشاهدة خلال شهر رمضان، والتفاعل 36 مليون، كما حققت زيادة في عدد المتابعين نحو 260 ألف متابع.
وأوضح أن دار الإفتاء حريصة منذ بداية جائحة انتشار فيروس كورونا المستجد على أن تدعم كافة الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الدولة لمواجهة الوباء، وأكدت أنه يجب شرعًا على المواطنين الالتزامُ بتعليمات الجهات الطبية في مواجهة فيروس كورونا ، كما أصدرت مجموعة من الفتاوى المتعلقة بالوباء والأمور المترتبة عليه كفتوى تعجيل إخراج الزكاة لمساعدة العمالة غير المنتظمة التي تأثرت بالأمر وحث الأغنياء ورجال الأعمال على مساعدة الفقراء وسد حاجتهم.
وتابع أن دار الإفتاء أصدرت فتوى أخرى حول المتوفين بفيروس كورونا ، أكدت أن الوفاة بسبب فيروس كورونا تدخل تحت أسباب الشهادة الواردة في الشرع الشريف، كما ردت الدار على مجموعة من الشائعات المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل وجود بعض آيات من القرآن كدليل على أن فيروس كورونا موجود في القرآن غير صحيح، وغيرها من الأمور التي انتشرت في هذه الفترة.
وأضاف أن دار الإفتاء حسمت الجدل حول دعوات الخروج في مسيرات للدعاء، وحذرت الدار من دعوات تجمع المواطنين في الشوارع، مشددة على أن أي دعوة لتجمع المواطنين الآن في الشوارع وفي أي مكان وتحت أي شعار وبأي ذريعة هي دعوة خبيثة وحرام شرعاً ولا يراد بها وجه الله، وأن الالتزام بما تقرره السلطات المختصة لحماية الناس من الأوبئة والأمراض واجب شرعي ووطني ومن يخرج عن هذه الإجراءات تحت أي ذريعة آثم شرعاً .
وأوضح نجم، أن دار الإفتاء أكدت في فتوى أخرى أن صيام رمضان فريضة لا تسقط بالخوف من المرض، خاصة وأن الأطباء أكدوا أن الصوم لا يكون سببًا للإصابة بالفيروس وأنه يقوي المناعة، وبينت أن للمرضى المصابين بالفيروس وكذلك الأطقم الطبية العاملة في مواجهة هذا المرض يرخص لهم الإفطار إذا ما قرر الأطباء ذلك وأن الصوم يؤثر على صحتهم.
وأشار إلى أن دار الإفتاء أيضا قامت بحملة التوعية التي تبنتها للتحذير من خطورة التنمر ضد المرضى والمتوفين بوباء كورونا وبينت الحكم الشرعي من هذا الأمر، كذلك تبنت دار الافتاء مبادرة مهمة بدعوة من كانوا ينوون أداء العمرة هذا العام بأن يتبرعوا بقيمتها للفقراء والمحتاجين والمتضررين من العمالة اليومية وأطلقت هاشتاج "#الصدقةأولى ، #كأنى اعتمرت " وذلك في إطار الجهود الرامية إلى مساعدة المواطنين في ظل هذه الأزمة، وهي الحملة التي لاقت قبولًا كبيرًا في مصر وخارجها.
وعلى صعيد الإفتاء والخدمات الإفتائية في ظل أزمة كورونا التي تقدمها الدار لطالبي الفتوى فقد وضعت من بداية الأزمة استراتيجية متكاملة لتسهيل تقديم خدماتها الإفتائية إلى الناس عبر الاعتماد بشكل أكبر على التكنولوجيا الحديثة والفضاء الإلكتروني، حيث عززت من أعداد علماء الدار في الموقع الإلكتروني لها وكذلك الفتوى الهاتفية.
كما قامت الدار بتكثيف ساعات البث المباشر على صفحة دار الإفتاء الرسمية، والتي يقوم علماء الدار باستقبال أسئلة المتابعين أثناء البث والرد عليها مباشرة، بالإضافة إلى ظهور عدد من علماء دار الإفتاء المصرية في بعض البرامج التلفزيونية المباشرة للرد على استفسارات المشاهدين، كما جاء تفعيل استقبال الفتاوى عبر التطبيق الإلكتروني الخاص بها على الهواتف الذكية ميسرا التواصل بين السائلين ودار الإفتاء المصرية حيث يعد استكمالا لمسيرة دار الإفتاء نحو تذليل عقبات وصعوبات عملية حصول المستفتين على إجابات لفتاويهم من ذوي الخبرة والتخصص.
أما عن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم فهي كذلك لم تأل جهدًا في القيام بدورها وواجبها في ظل أزمة كورونا لخدمة الفتوى وقضايا المسلمين حول العالم شرقًا وغربًا في هذا الظروف الطارئ، ومن ثَمَّ زيادة فعاليتها في مجتمعاتها حتى يكون الإفتاء أحد عوامل التنمية والتحضر للإنسانية، وتكمن أهمية الأمانة العامة في سياق زمانها ومكانها.
وقد أظهرت أزمة فيروس كورونا ضرورة التكاتف والتعاون الدولي وقيام كل مؤسسة بدورها وواجبها في التوعية وحث الناس على الالتزام بالتدابير والقرارات الاحترازية التي تقررها الجهات المختصة في الدول ومواجهة بعض الأفكار التي يخرج بها المتشددين والتي تدعو إلى مخالفة هذه القرارات خاصة فيما يتعلق بالأمور المرتبطة بالعبادات الجماعية مثل صلاة الجماعة في المساجد وغيرها.
وقال مستشار مفتي الجمهورية، "كنا في الأمانة حريصين على القيام بواجب الوقت في هذه الأزمة العالمية فأصدرنا العديد من البيانات التي تتعلق ببعض المستجدات الفقهية المرتبطة بهذه الأزمة مثل جواز تعليق الجمع والجماعات في المساجد حفاظًا على أرواح الناس من الإصابة بفيروس كورونا وكذلك تعليق العمرة وحرصنا على بيان صحيح رأي الدين في مثل هذه المسائل".
وأضاف "ومن خلال الأذرع الإعلامية للأمانة أيضًا تناولنا عبر نشرة "جسور" وهي النشرة الشهرية الناطقة باسم الأمانة العديد من الموضوعات والمسائل الفقهية المستجدة والتي برزت مع انتشار هذا الوباء القاتل، فخصصنا العددين الأخيرين من نشرة "جسور" لمناقشة أهم هذه المسائل، حيث كتب فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة مقالًا مهمًا تناول فيه التعامل الأمثل للمسلمين خاصة في شهر رمضان مع مثل هذه الجوائح، واللجوء إلى العبادات الفردية بديلًا عن الجماعية مثل صلاة التراويح وموائد الرحمن وغيرها، وأيضًا تناولنا بالتفصيل مسألة جواز تعجيل إخراج الزكاة وتوجيهها إلى الفقراء والمحتاجين والعمالة الغير منتظمة التي تضررت من الإجراءات الاحترازية للتقليل من ذلك الأثر السلبي".
كما قامت الأمانة العامة ومن خلال المؤشر العالمي للفتوى في هذا العدد بتحليل الفتاوى التي صدرت فيما يخص جائحة انتشار فيروس كورونا، مع عرض توصيات للمؤسسات الإفتائية تتعلق بالتعامل مع مثل هذه الأزمات، وكذلك بينت استغلال الجماعات الإرهابية والمتطرفة لأزمة كورونا لنشر فكرهم الشاذ وحث أتباعهم على نشر المرض، وكذلك أسباب استقطاب داعش لأصحاب المعاطف البيضاء من الأطباء.
وأشار إلى ما قدمته الأمانة باللغتين العربية والإنجليزية حول شهر رمضان المعظم في ظل أزمة كورونا ، حيث أكدت أنه يجب أن ندرك ونعي كمسلمين أن عدم إقامة الشعائر الجماعية في ظل هذه الظروف من الناحية الشرعية واجب شرعًا وهو أمر الله تعالى الذي لا تصح مخالفته أو التحايل عليه لأي سبب،
وأوضحت أنه لا يجوز استغلال العاطفة الدينية لدى عامة الناس وتعريض حياتهم للخطر وربما للموت، بحجة إقامة سنة التروايح أو غيرها، واستعرضت أيضًا بعض الأحكام الفقهية المرتبطة بالجوائح والأوبئة في كتاب "بذل الماعون" للإمام ابن حجر العسقلاني، وغيرها من الموضوعات، كما تعرضت الأمانة لبعض المسائل الفقهية المرتبطة بهذه الجائحة والتي أثيرت مؤخرًا منها مسألة صلاة الجماعة خلف الراديو والتلفزيون، وغيرها.
ولفت إلى أنه من خلال نشرة "دعم" التي تصدر مركز دعم البحث الإفتائي التابع للأمانة وموجهة للباحثين في الحقل الإفتائي تم اقتراح فكرة لأطروحة إفتائية يمكن للباحثين دراستها، تحت عنوان "مناهج ونظم مؤسسات الفتوى في أوقات الجوائح"، وبيان فكرة الأطروحة، والأطر العامة لها.