أكدت وكالة (شينخوا) الصينية، أن مصر أمام "فرصة تاريخية" لحل مشكلة الزيادة السكانية التى تعانى منها منذ عقود، من خلال المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية، الذى أطلقته الحكومة ووفرت له جميع عوامل النجاح.
وأشارت الوكالة إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أطلق المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية، الذى تضمن عدة محاور لإدارة الزيادة السكانية، والتى اعتبرتها الحكومة "قضية أمن قومي"، بهدف خفض معدلات الإنجاب والارتقاء بالخصائص السكانية وجودة الحياة للمواطنين.
وفى هذا الصدد، قال الخبير السكانى الدكتور عمرو حسن إن "إطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية فرصة تاريخية لغلق ملف الزيادة السكانية، الذى قامت مصر بفتحه منذ عام 1965 فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عندما تم إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة".
وأضاف حسن، وهو مقرر المجلس القومى للسكان سابقا، "نحن الآن فى العام 2022، أى أن هذا الملف مفتوح منذ 57 عاما، وهناك دول بدأت معنا وانتهت من هذا الملف منذ 15 عاما، ما يعنى أن مصر متأخرة، لكن الدولة قادرة على النجاح فى هذا الملف، فى ظل توفر الإرادة السياسية القوية، وهذا ظاهر فى تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي".
وتابع أن "المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية يتميز بأنه مشروع تنموى شامل وليس تنظيم أسرة وصحة فقط، ويضم خمسة محاور منها التمكين الاقتصادى للمرأة وتنفيذ مشاريع اقتصادية تعمل بها، كما أنه مشروع يستهدف الأسرة وليس الأفراد، عكس كل المشروعات السابقة التى كانت تستهدف المرأة فقط"، ويتضمن المشروع عدة محاور، هى محور التمكين الاقتصادي، ومحور التدخل الخدمي، ومحور التدخل الثقافى والتوعوى والتعليمي، ومحور التحول الرقمي، إلى جانب محور التدخلات التشريعية.
وأردف الخبير المصرى أن "المشروع يستخدم لأول مرة سلاح لم تستخدمه الدولة المصرية قبل ذلك وهو سلاح الحوافز الإيجابية، حيث ستحصل الأسر الملتزمة بالمشروع على حوافز ومكافآت مالية".
ورأى أن "منح حوافز مالية للسيدات وتدريب مليونى سيدة على إدارة المشروعات وإتاحة وسائل الصحة الإنجابية بالمجان سوف يشجع المرأة على ضبط الإنجاب، لأن السيدات حينما يعملن سيكون دخلهن أفضل ولن يفكرن فى إنجاب ثلاثة وأربعة أطفال".
واستطرد: "هناك أيضا محور جديد فى المشروع القومى سيتم تنفيذه لأول مرة وهو محور التحول الرقمي، حيث ستكون هناك ميكنة للبيانات ومتابعة وتقييم للإجراءات وهو ما سيؤدى إلى التغلب على المشاكل السابقة، ويساعد على حوكمة ملف السكان وبالتالى تحقيق النجاح المطلوب".
وتوقع حسن "نجاح المشروع فى تحقيق أهدافه بسبب توفر عوامل النجاح وهي، أولا: الإرادة السياسية، وثانيا: إطار مؤسسى يدير ملف السكان، وثالثا: وجود استراتيجية وخطة واضحة، ورابعا: التمويل".
وقال "نحن ننظر إلى السكان فى مصر باعتبارهم أحد عناصر القوة الشاملة للدولة لكن هذا المبدأ ليس مطلقا بل مشروط بألا تتعدى معدلات الزيادة السكانية قدرة الدولة على توفير الخدمات الأساسية بالجودة المناسبة، وألا تؤثر معدلات الزيادة السكانية على متوسط نصيب الفرد من الموارد الطبيعية لاسيما المياه والطاقة والأرض الزراعية، وأن تتناسب مع قدرة الاقتصاد الوطنى على تحقيق مستوى مرتفع من التنمية البشرية وخفض معدلات البطالة".
وأضاف الخبير السكانى أنه "لكى نرتقى بنوعية حياة المواطن المصرى لابد من خفض معدلات الزيادة السكانية لإحداث التوازن المفقود بين معدلات النمو الاقتصادى ومعدلات النمو السكاني".
وحذر من أن "استمرار النمو السكانى على مستوياته الحالية سيؤدى إلى تراجع العائد من جهود التنمية، وسيقل نصيب الفرد من الإنفاق على الصحة والتعليم والإسكان والنقل، وكذلك نصيبه من الأرض الزراعية والمياه والطاقة، كما ستصعب عملية الحد من البطالة والأمية والاكتفاء الغذائي، ومن ثم فإن استمرار معدلات الإنجاب المرتفعة لن يؤثر مستقبلا فحسب على نوعية الحياة وإنما سيشكل أيضاً تهديدا للأمن القومى المصري".
وواصل "نحن الآن أمام خيارين إما تنظيم الإنجاب أو زيادة الفقر، ومصر لديها فائضا ضخما من السكان يزيد عن إمكانياتها الراهنة، لأن المجتمع المصرى يتناسل بصورة مذهلة تحرمه من أن يتمتع بمستوى معيشة المجتمعات العصرية".
وختم أن "مصر الآن أمام فرصة ذهبية لمواجهة حاسمة لمشكلة الزيادة السكانية، حيث تتوافر إرادة سياسية لحل هذه المشكلة المزمنة، خاصة أن الرئيس السيسى ألقى الضوء مرارا وتكرارا على ضرورة حل هذه المشكلة، وعنده طموح كبير وهدف واضح وهو خفض معدل الزيادة السنوية إلى 400 ألف نسمة، وهو حلم كبير لو تحقق سيساهم فى حل الكثير من مشاكل مصر".
من جانبه قال الخبير الاقتصادى الدكتور وليد جاب الله، إن إطلاق المشروع القومى لتنمية الأسرة المصرية مهم جدا فى هذا التوقيت لمواجهة ارتفاع التعداد السكانى الذى يلتهم النمو الاقتصادي.
ورأى جاب الله، وهو عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن "هذا المشروع يأتى فى إطار جهود الدولة للارتقاء بحياة المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم من خلال تدشين المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وهو مشروع متكامل يسهم فى الحد من الزيادة السكانية ورفع الوعى لدى المواطنين بخطورتها".
وأضاف أن "المشروع يهتم بتمكين المرأة اقتصاديا لتحصل على كافة حقوقها وتشارك فى النشاط الاقتصادى بشكل إيجابي، مما يسهم فى زيادة معدل النمو الاقتصادي، ويقدم فرص تدريب لنحو مليونى سيدة فضلا عن برنامج الحوافز المالية وهو ما يشجع المرأة على ضبط الإنجاب".
وأردف "اعتقد أن ما يميز هذا المشروع هو الإرادة السياسية القوية وسعى الدولة لنجاح هذا المشروع الذى لا يرتبط فقط بالزيادة السكانية وإنما يهتم بتنمية الأسرة المصرية وليس الأفراد، وأتوقع أن ينجح فى تحقيق أهدافه".