أكدت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، على أن حجية الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة تعلو حتى على قواعد النظام العام، وأن هذه الأحكام متمتعة بحجية الأمر المقضى من تاريخ صدورها حتى ولو تم الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا، فالطعن لا يوقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك.
وقضت المحكمة برفض 3 إشكالات مقدمة من رئيس مجلس إدارة التأمين الصحى ضد ثلاثة أحكام صادرة من المحكمة لعلاج ثلاثة أطفال من مرض نادر، وبتغريمه مبلغ 2400 جنيه بواقع 800 جنيه فى كل إشكال (الحد الأقصى الذى نص عليه القانون) وألزمته المصروفات.
وكانت المحكمة قد أصدرت الحكم الاول بعلاج الطفل وليد غيث من مرض نادر والحكم الثانى بعلاج الطفلة سحر سعيد على من مرض نادر آخر والحكم الثالث للطفلة رمزية عبد المجيد بصرف مصاريف الانتقال من منزلها للتأمين الذى تجرى فيها الغسيل الكلوى، إلا أن التأمين الصحى استشكل فى تنفيذها.
وقالت المحكمة، إن حجية الأحكام الصادرة من محاكم مجلس الدولة تعلو حتى على قواعد النظام العام، وأن هذه الأحكام متمتعة بحجية الأمر المقضى من تاريخ صدورها حتى ولو تم الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا، فالطعن لا يوقف التنفيذ ما لم تأمر المحكمة بذلك، وطالما لم تلغى بحكم قضائى بات بحسبان أن مجرد الطعن فى هذه الأحكام لا يوقف تنفيذها أو حجيتها، وبالتالى لا يوقف تنفيذها من باب أولى، إلا طبقا لما قرره القانون.
ولما كانت إشكالات التنفيذ تتعلق بما أوجبه القانون من شروط يتعين توافرها لإجراء التنفيذ وليست تظلما أو طعنا فى الحكم المراد تنفيذه، وكانت الأسباب التى ساقها المستشكل لوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه، لا تصلح سندا يحول دون تنفيذ هذا الحكم، وبالتالى لا يجوز المساس بالحجية المتمتع بها بأى وجه من الوجوه - باعتبار أنها تتعلق بأمور سابقة على صدور الحكم المستشكل فى تنفيذه - ومن ثم يكون الحكم المستشكل فيه واجب النفاذ قانونا، ويتعين لذلك القضاء برفض الإشكال.
وأضافت المحكمة، أن إشكالات التأمين الصحى الثلاثة شيدت على أسانيد لا تعدو أن تكون من قبيل أوجه طعن وتعقيب على الحكم المستشكل فى تنفيذه، فإن هذا من شأنه أن يهوى بالإشكالات فى حمأة الانعدام على نحو يجعله والعدم سواء، وتكون مجرد عقبة مادية وضعت فى سبيل تنفيذ الأحكام المستشكل فى تنفيذها ممن صدر ضده هذا الحكم، والمنوط به النهوض إلى تنفيذها، ومثل تلك العقبة وإن كانت عديمة الأثر وليس من شأنها قانونا أن تحول دون السير فى تنفيذ الأحكام، ولكل صاحب شأن ألا يقيم لها وزنا، إلا أن وجودها فى الواقع يقتضى من هذه المحكمة وقد اتصل الأمر بها، أن تزيل تلك العقبة من طريق الأحكام حتى يؤتى أكلها بتقديم الحماية القضائية القضائية إلى من لاذ بالقضاء واحتمى به.
واختتمت المحكمة، إن المادة 315 من قانون المرافعات فى المواد المدنية التجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 والمعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ثم بالقانون رقم 18 لسنة 1999 ثم بالقانون رقم 76 لسنة 2007 تنص على أنه :"إذا خسر المستشكل دعـواه جاز الحكم عليه بغرامة لا تقل عن مائتى جنيه ولا تزيد على ثمانمائة جنيه..... ".وإذ خسر التأمين الصحى إشكالاته الثلاثة، ولما كان مسلك المستشكل يفصح بجلاء عن قصده تعطيل تنفيذ الحكم دون مبرر مشروع وذلك باستغلال الطرق القانونية التى نص عليها القانون لتدارك ما قد يستجد من أسباب بعد صدور الأحكام القضائية، وذلك فى غير الأغراض التى قصدها المشرع بإقامته الإشكال أمام هذه المحكمة فى غير ما شرعت له، إهدارا لطاقات القضاء والجهات المعاونة له واستهانة بمصلحة المريض الصادر له الحكم دون أن يكون عابئا لما يرتبه تصرفه من تعريض حياته للخطر، وهى جريمة جنائية يحاسب عليها إذا ما ترتب على استمرار امتناعه عن تنفيذ الحكم وفاته، ومن ثم فإن المحكمة تقضى بتغريم المستشكل بصفته مبلغ ثمانمائة جنيه الحد الأقصى فى القانون عن كل إشكال من الإشكالات الثلاثة لكل مريض منهم، فيصبح جملة ما تم تغريمه 2400 جنيه .