قال مرصد دار الإفتاء فى تقرير له، أنه ثبت من دراسة الجماعات والتنظيمات المتطرفة أن لديها عوامل مشتركة فى جذب أنصارها وتجنيد عناصرها، كما وجدت الدراسة أن أبرز هذه العوامل ثلاثة وهى النساء وتغييب العقل والجنة الموعودة.
العامل الأول: الجنة الموعودة
تعمل جميع هذه الجماعات والتنظيمات على تصدير خطاب دينى واحد من خلال وعد الأتباع بدخول الجنة الموعودة حال الاستشهاد أثناء الجهاد ضمن صفوف تلك الجماعات دون غيرها، وهى السردية الجهادية التى تستقطب عددًا كبيرًا ممن يفتقرون إلى الإحساس بالهوية أو الانتماء من الشباب صغير السن والذى يرغب بالمغامرة فى إطار إسلامى دون فهم ولا بصيرة.
والواقع أن السردية الجهادية هذه تحتل مكانة بارزة فى الدعاية لجميع الفرق والتنظيمات المتطرفة على مر العصور، فهى تمثل حافز قوى، حيث الفرصة والرغبة فى الشهادة ودخول الجنة، ففى حالة فرقة "الحشاشين" صنع حسن الصباح جنة فيها حدائق وأنهار وخمور ونساء يغنين ويرقصن كأنهن الحور العين، وفى العصر الحديث نجد أن تنظيم "داعش" يروج لهذه الفكرة أيضًا فقد ظهر فى أحد عناصر التنظيم فى أحد الفيديوهات ليؤكد أنه رأى الحور العين، ويصف جمال وأنوثة الحور العين بعد إصابته فى أحد المعارك، إذ يقول إنه رأى جنة داخلها حورية جميلة جداً، كما أنه يؤكد أنه رأى رسول الله وطالبه بالبقاء فى الدولة الإسلامية لأنها الحق!.
العامل الثانى: النساء
تعتبر النساء عنصرًا هامًا فى جذب العناصر لمثل هذه التنظيمات التى تبرز هذه العنصر، ما يسهم فى زيادة الأعداد المنضوية تحت لوائها، ففى حالة فرقة "الحشاشين" نجد أن حسن الصباح وجماعته كانوا شديدى الولع بالنساء والغلمان، فوفر لهم صاحبهم هذا العنصر ليبقوا حوله ويطيعوا أمره، وفى حالة تنظيم "داعش"، نجد انتشار ظاهرة "نكاح الجهاد" وانتقال كثير من الفتيات من تونس والجزائر وبلجيكا وفرنسا إلى سوريا والعراق لينضممن إلى ذلك التنظيم الإرهابى.
وما تحكيه تلك الفتيات حول ما تعرضن له من اغتصاب باسم الجهاد والإسلام لهو خير دليل على استغلال هذا التنظيم للنساء بغية تحقيق أهدافه من خلال تفسيرات خاطئة لمفهوم الجهاد فى الإسلام ليلبس على قليلى العلم والعقل من شباب المسلمين دينهم.
وبحسب تقرير صدر عن الأمم المتحدة، حوّل تنظيم "داعش" 1500 امرأة وبنت قاصرة وأيضاً بعض الشبان إلى "عبيد للجنس"، حتى أن بعض النساء تم بيعهن كسبايا.
العامل الثالث: تغييب العقل
كما نجد أن هذه الجماعات تعتمد على تغييب عقول أتباعها وإذهاب أفهامهم ليكونوا أداة طيعة فى يد قادتهم وأمرائهم، بحيث يأمرونهم فيمتثلوا حتى إنهم ليقدموا على قتل أنفسهم دون تردد.
ففى حالة جماعة "الحشاشين" نجد أن حسن الصباح قد اتخذ من الأفيون والحشيش أداة لتغييب عقول أتباعه ليسهل سيطرته عليهم، ما انعكس على أفعالهم وطاعتهم العمياء لأوامره وإيمانهم بقدرته الكاملة على النفع والضرر لهم.
وفى حالة تنظيم "داعش" نجد أن القائمين على التنظيم يستخدمون وسائل تكنولوجية حديثة ومواقع التواصل الاجتماعى ليؤثروا على أتباعهم ويجذبوا عناصر جديدة إلى صفوفهم، حيث تلعب هذه المواقع دورًا فعالاً للغاية فى نشر الفكر المتطرف العنيف، حيث تبدو الصورة المرسومة على هذه المواقع بأنها مرحبة ومطمئنة وتعالج مخاوف العناصر الجديدة من الأشياء غير المألوفة، فعلى سبيل المثال هناك العديد من المقاتلين ينشرون صورًا لهم مع القطط والحيوانات الأليفة.
وعلى الرغم من أن هناك الكثير من مقاطع المتاحة تظهر مقاتلى الجماعات المتطرفة – وبعضهم أجانب – وهم يرتكبون أفعال مروعة من القتل والقمع، فإن الصورة العامة التى يقدمها مقاتلو "داعش" عن حياتهم توحى بالصداقة الحميمة، والروح المعنوية الجيدة والنشاط الهادف، وجميعها ممزوج بشعور من البطولة المزيفة، والمصممة لجذب المزيد من الأتباع والأنصار.
عوامل أخرى:
وأكد التقرير أيضاً، أن هناك عوامل أخرى متعددة تستخدمها تلك الجماعات والتنظيمات لجذب مزيد من العناصر والمقاتلين إلى صفوفها، إلا أنها عوامل ثانوية، منها محاولة تلك التنظيمات إبراز الروح البطولية فى تنفيذ عملياتها وتحفيز حب المغامرة لدى من تريد استقطابهم، من خلال نشر وإذاعة تفاصيل عدد كبير من عملياتها وتوصيف تلك العمليات بأوصاف جذابة ورنانة وتمجيد من قاموا بتنفيذ تلك العمليات سواء الأحياء فيطلقون عليهم ألقاب البطولة والشجاعة وغيرها أو الذين قتلوا فيصفونهم بالشهداء ويزعمون أنهم فى جنة الخلد.
وهناك عامل جذب آخر لدى هذه الجماعات وهو تطبيق حدود الله وشريعته وتحقيق الخلافة الإسلامية فى الأرض، حيث يعانى العديد من المجندين الجدد من ماضٍ مضطرب وعلاقات متأزمة مع أسرهم، فيتفاعلون بشكل جيد تجاه القواعد والاتساق المتفق عليها عند تطبيقها، ولأن معرفتهم بالدين غالباً ما تكون سطحية فهم لا يشككون مطلقًا فى سلطة قادتهم ويصدقون ما يقال لهم، والأكثر نضجا من بينهم هم فقط من يدركون أن واقع الحياة فى ظل جماعة متطرفة أبعد بكثير عن أى مثالية دينية، وهذا هو أحد الأسباب التى تؤدى إلى رجوع بعض المقاتلين إلى أوطانهم أو الهروب من تلك التنظيمات إلى أى مكان آخر.