حضر الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم الجلسة الختامية للمؤتمر العام للحوار الوطني السوداني في الخرطوم، والتي شارك فيها أيضاً رؤساء تشاد وأوغندا وموريتانيا، بالاضافة إلى أمين عام جامعة الدول العربية وعدد من ممثلي الدول والمنظمات الإقليمية والدولية.
وألقى الرئيس كلمة بهذه المناسبة فيما يلى نصها:
أود في البداية أن أعرب عن بالغ سعادتي لوجودي اليوم بين أهلنا من أبناء السودان لأكون شاهداً علي هذه المحطة الهامة في تاريخ السودان الحديث.. والتي جاءت بمبادرة كريمة من فخامة الرئيس البشير، وبعد جهدٍ كبير بذله كافة الأخوة الأشقاء في السودان لإجراء حوار وطني يجمع مختلف أطياف وكيانات المجتمع السوداني.. ملتفين حول زعامةٍ قوية.. ورؤية ثاقبة.. وهدف مشترك ..لإعلاء مصلحة السودان وتحقيق السلام والاستقرار في ربوعه.
لقد أولت مصر دوماً أهمية كبرى لعلاقاتها بالسودان الشقيق، وهي الدولة الشقيقة والجارة التي تجمعنا بها حدود مشتركة، وترابط ثقافي واندماج بشرى فريد من نوعه يضرب بجذوره في أعماق التاريخ.
في هذا الإطار، تحرص مصر كل الحرص على تكثيف التعاون مع السودان والعمل على ترسيخ المصلحة المشتركة في شتى المجالات، بما يسهم في تعزيز مساعينا نحو التنمية والرخاء، وبما يحقق الأمن والاستقرار لشعبينا وشعوب المنطقتين العربية والإفريقية. وأود أن أعرب في هذا السياق عن سعادتي وارتياحي لما انتهت إليه من نجاح أعمال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين التي عُقدت للمرة الأولى على المستوى الرئاسي في القاهرة خلال الأسبوع الماضي، وصولاً إلي التوقيع علي "وثيقة الشراكة الاستراتيجية" بين البلدين، وأثق في أننا سنبنى على ذلك النجاح سوياً صوب مزيد من تعميق هذا التعاون الوثيق وتوسيع حجم المصالح المشتركة بين بلدينا.
لقد دعمت مصر كافة الجهود التي بذلتموها لإرساء الاستقرار والسلام في أرجاء بلدكم العزيز. وكانت مصر من أولى الدول التي رحبت بدعوتكم لإقامة حوار وطني مجتمعي شامل يجمع كافة الأحزاب والحركات والكيانات السياسية والمجتمعية في السودان، ويعمل علي ترسيخ بنية الدولة السودانية الحديثة القائمة علي مبادئ المشاركة والديمقراطية، بما يكفل الاستمرار فى حماية الحقوق والحريات، ويسهم في تحقيق الأمن والرخاء لكافة المواطنين السودانيين...
كما رحبت مصر بمبادرتكم الكريمة بالتوقيع علي خارطة الطريق المقدمة من آلية الوساطة الأفريقية في مارس الماضي، وحرصكم علي الاستجابة للمساعي الإقليمية والدولية الهادفة لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في كافة أنحاء السودان، وتأكيدكم علي الترحيب بفتح باب الحوار لكافة القوى والفصائل السودانية.
أخي الرئيس:
إني إذ أشيد مجدداً بشجاعتكم كرجل دولة في اتخاذ القرارات المصيرية التي يكون من شأنها الحفاظ على مصالح السودان العليا، وإذ أنوه بالتقدير بمبادراتكم الوطنية من أجل العمل على تحقيق وحدة الصف السوداني، لأثق في أن حكمتكم المعهودة ستمكنكم مجدداً من حشد كل القوى المخلصة لأبناء السودان واستكمال الطريق باتجاه تحقيق ما تم التوافق عليه في إطار الحوار الوطني من العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تستأنف جهود تطوير الأوضاع الاقتصادية والسياسية، والإشراف على عملية الإصلاح الدستوري، بما يضمن تحقيق آمال الشعب السوداني في الاستقرار والسلام.
ويطيب لى فى ذلك السياق أن أنوه بالجهود الإقليمية والدولية المبذولة لدعم السودان لاستعادة استقراره، وأن أؤكد دعم مصر التام للجهود التي تقوم بها الآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة الرئيس تابو مبيكي.
كما أضم صوتى إليكم فخامة الرئيس فى دعوتكم لكافة القوى المخلصة من أبناء السودان لدعم جهودكم لإيجاد مجال سياسي أرحب ومظلة سياسية متفق عليها، يتحرك في إطارها كل وطني يبتغي تحقيق آمال أبناء السودان، وكذا دعوتكم لكافة الحركات للالتحاق بهذه الجهود، بما يتيح لأشقائنا السودانيين في دارفور وفي النيل الأزرق وجنوب كردفان وفي كافة ربوع السودان أن ينعموا بالسلام والرخاء، وبحيث يكون أهل السودان جميعاً على قلب رجل واحد متجهين معا لتحقيق ما تم التوافق عليه من إعلاء لمبادئ المواطنة، باعتبارها أساساً للحقوق والواجبات المتساوية لكل السودانيين، واحترام حقوق الإنسان وحمايتها، والفصل بين السلطات، وأن يلتف الشعب كله حول جيشه الوطني... وبما يتيح لكل الأشقاء في السودان أينما كانوا أن يعيشوا في كنف وطن موحد، تعلو فيه الهُوية الوطنية السودانية على ما عداها، في ظل استقرار سياسي واقتصادي، وفي ظل الحفاظ على الشرعية الدستورية الجامعة التى تنبع من إرادة الشعب.
هذا، وأود أن أشدد في هذا السياق على استعداد مصر للقيام بكل مسعى، ولبذل كل جهد، بهدف دعم كافة السودانيين للمضي يداً بيد في هذا الطريق.
اسمحوا لي في الختام أن أهنئكم مجدداً على هذه الخطوة الهامة في سبيل تعزيز استقرار السودان ورخائه، وأن أؤكد لكم دعم مصر الكامل للسودان الشقيق العزيز على قلب كل مصرى، وحرصها الدائم علي تحقيق السلام والتنمية والازدهار في ربوعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.