تقدم القاضى السحيمى بمحكمة قنا الابتدائية باستقالته، من القضاء إلى مجلس القضاء الأعلى على خلفية تصريحات وزير العدل المستشار الزند، حول إعدامات أنصار جماعة الإخوان، ووكل السحيمى المحامى حسين أحمد عبد الرحمن لتقديم الاستقالة لوزير العدل نيابة عنه .
جاء فى نص التوكيل:" أنا محمد عبد المنعم السحيمى وكلت عنى السيد حسين أحمد عبد الرحمن المحامى بتقديم استقالتى إلى وزير العدل أو من ينوب عنه قانونا أو تفويضا".
وكان وزير العدل، قد أطلق تصريحات مثيرة، مؤخرًا، قال فيها إنه سيتم تنفيذ حكم الإعدام بكل عناصر جماعة الإخوان الإرهابية حال الانتهاء من مراحل التقاضى وثبوت حكم نهائى ضدهم.
وقال الزند: “أقسم بالله العظيم أترك منصبى فوراً.. مصر لا تخاف وسجل علي، وإذا حدث غير ذلك قل فى ما تشاء.. أقسم بالله مرسى وغيره وكل من ثبت عليه حكم بات سيلقى مصيره المحتوم العادل”.
وأرجع القاضى السبب الرئيسى وراء الاستقالة، لأنه مستهدف من وزير العدل المستشار أحمد الزند بسبب معارضته بعض سياساته أثناء رئاسته لنادي القضاة، الأمر الذي ترتب عليه نقله لمحكمة قنا الابتدائية بعيدا عن محل سكنه وتحميله بآلاف القضايا، مما لا تتحمل طاقته الفصل فيها.
وجاء فى نص الاستقالة التى تقدم بها السحيمى أمس:" سيادة القاضى الجليل / رئيس مجلس القضاء الأعلى "وضعتم على صدورنا وشاح شرف العدل، و قد أقسمنا إقامته بين الناس أساسًا للمُلْك، و تلك مسئوليّةٌ تحملتها و أنا مدفوعٌ بعزمٍ أستمده من انتماءٍ إليكم، و هو الذي يبعث على الفخر، و انتماءٍ آخرٍ أحمل له في نفسي تقديرًا عميقًا، إذ فارقْتُه ليَلْقَىٰ ربه، و هو والدي، الذي أفنى من عمره خمسينَ عامًا بينكم، كان فيهم ربًّ لبيتٍ من بيوت القضاة، يقوم عليهم خادمًا و سيدا.
و لأن العدل أمانةُ السماء فإن أهل الأرض جميعهم مُؤْتمنون عليه أن يؤدوه فيما بينهم، لا تثريب على من لم يقدر، فَقِلّة الحيلةِ لا تنال من شرف الرجال، و إنما يهجر الأنبياءُ أرضَهم إذا اشتدت يد الشرك تنال عُصْبَتُه منهم، و إني ها هنا لا أشكو ضعف قوتي و لا هواني على وزير العدل، فإن قَدِرَ هو على ظُلْمي و ما خشيَ أن تحيط به ظلمات يوم القيامة فإنَّ لمثلي ربٌّ يردُّه، فإن أمهله في دنياهُ هذه فإنه لن يهمله في يومِ موقفٍ عظيم".
كان الوزير في يومٍ صوتَ القضاة، رئيسًا لناديهم، و قد عارضتُه في مَلَأِه حينئذ أشد معارضة، فأسرَّها في نفسه حتى إذا اعتلىٰ وزارتَه عاود الخصومة من ديوانها، فأضحى صوتُنا سوطًا علينا، فنبَّهني تنبيهًا يُوقفني عن ترقية، ثم أقصاني إلى الجنوب حيث محكمة قنا ليترصَّدني بأعباء العمل، فوزَّعه بين رفاقي من القضاة بغير عدل، حتى أصبح المنظور لديَّ من دعاوى الجنح يفوق في اليوم ألفًا و رَبَتِ الدعاوى المدنية فجاوزتِ الثلاثمائة و خمسين، فهل أكذب بعد كل هذا أنهم يتعجلون خلاصًا مني، بل أصدِّقُ أن الوزيرَ منتقمٌ غيرُ ذي عفوٍ، و إني لَأُعاجل عُنُقي بذبحٍ قبل أن ينالها بطعنه موتور.
شيخ القضاة الأكبر : إن القاضي الجزئي بمحكمة قنا لا قِبَل له بوزير العدل، لا يملك سوى نفسه و يملك الوزيرُ نفوسَ رجال، غير أن مِثْلي إذا اسْتُكْرِهَ على الأمر ما وسعه البقاء عليه. .شيخ القضاة الأكبر : إذا كان الوزير لا يحفظ عهد أبي، و قد رافقه لسنواتٍ يعبران عن ضمير القضاء في أحلك ما مرَّتْ به بلادنا، فهانت عندَه عظامُه إذ بَلَتْ – و إني من تلك العظامِ دمًا من دمٍ – فإنكم حفَّاظون للعهود أوفياءَ لها، لا تُضَيِّعون أصلابَ رجالكم، فما لمتجبرٍ من سلطانٍ عندكم إذا أَغَثْتُم الملهوفَ فصارَ ذا بأس، فإن بلغكم كتابي هذا عند مجلسكم فرُدُّوهُ، و ما تردُّون إلا نفسي إليَّ، أما إذا بلغكم و قد رضيتم فتلك استقالتي، أرفعها إليكم و ما يرفع النفوس سوى عزٍّ بأهله، فاقبلوها وإني لكم من الشاكرين.
القاضى / محمد عبد المنعم السحيمي
الرئيس بمحكمة قنا الإبتدائية