تحت شعار "القدس عاصمة فلسطين".. عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان خامس فعالياتها على هامش الدورة 37 لمجلس حقوق الإنسان فى الأمم المتحدة حول "تداعيات النزاعات المسلحة على فئة الشباب فى المنطقة العربية"، بقصر الأمم المتحدة فى جنيف.
وتأتى فعاليات المنظمة العربية لحقوق الإنسان خلال هذه الدورة ضمن برنامج أنشطة المنظمة خلال لـ2018 فى سياق الاحتفالات بالعام السبعين لليوم العالمى لحقوق الإنسان، وتحت شعار "القدس عاصمة فلسطين" فى سياق الرد على قرار الإدارة الأمريكية غير الشرعى بنقل السفارة الأمريكية لدى الاحتلال الإسرائيلى إلى مدينة القدس الفلسطينية المحتلة.
ووفقا لبيان صادر عن المنظمة اليوم الأربعاء، فقد أدار النقاشات وتحدث فيها "علاء شلبى" الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، واستمع المشاركات والمشاركين لشهادات من اليمن وسوريا قدمها "بغداد القادرى" عضو المنظمة وعضو فريق اليمن الدولى للسلام، و"أمل ناصر" الخبيرة فى شؤون المرأة والأطفال.
اهتم "شلبى" باستعراض أوضاع الشباب فى مجمل المنطقة العربية، منوها بأنهم يشكلون الشريحة الأكبر فى الهرم السكانى للمجتمعات العربية، وأنه من المؤسف أنهم يشكلون وقود الحروب والنزاعات والارهاب، كما يشكلون القسم الأكبر من الضحايا، وبشكل ظاهر فى المعاقين واللاجئين والنازحين، فضلا عن كونهم الجوهر الأساس للهجرة غير النظامية، والشريعة الأعظم بين المتعطلين فى مجمل المنطقة العربية.
واختص "شلبى" بأوضاع الشباب فى فلسطين المحتلة، منوها بمعاناتهم المتواصلة فى ظل الاحتلال الإسرائيلى الذى يعد آخر قلاع الاستعمار والعنصرية حول العالم، مشيرا إلى أرقام الأسرى، وإلى معدلات الفقر والبطالة السائدة فى الأراضى المحتلة، داعيا لعدم التغافل عن معاناة فلسطينيى 1948 واللاجئين الفلسطينيين فى الشتات.
وأضاف "شلبى" أن معدلات البطالة فى الضفة الغربية وقطاع غزة تبلغ أكثر من 48%، وأنه بينما تقع الأغلبية فى قطاع غزة فى ظل الحصار غير القانونى وغير الأخلاقى، فإن الغالبية تتركز فى الضفة الغربية فى الخليل ومربع قلقيلية وطولكرم وحنين ونابلس، مذكرا بأن الفلسطينيين محرومين من مزاولة أى نشاط اقتصادى فى 60% من إجمالى مساحة الضفة الغربية فى المناطق المعروفة بمناطق "أ" فضلا عن القيود على الحركة في المناطق "ب" والعدوان الإسرائيلى المتواصل على مناطق "ج"، وخنق الفلسطينيين المقدسيين اقتصاديا بهدف إبعادهم من القدس المحتلة، فى ممارسات تشكل جرائم حرب.
وقال إن أخطر الظواهر الجديدة تتمثل فى وقوع بعض الشباب الفلسطينى ضحية لمخاطر الهجرة غير النظامية فى ظل الانتقاد للأمل فى تحرير أراضيه فى المستقبل المنظور.
ودعا "شلبى" إلى تحمل مؤسسات المجتمع المدنى لمزيد من الأعباء عبر العمل على تقديم بدائل لمساندة مختلف الضحايا وإعادة تأهيلهم وتمكينهم من استعادة مقومات العيش ومتابعة التعليم والرعاية الصحية، معربًا عن أسفه لخذلان المجتمع الدولى للضحايا عبر صراعات النفوذ وحروب الوكالة.
وجدد الدعوة للحكومات الأوروبية للمساهمة بإخلاص فى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى الأراضى العربية، وفى التسوية السلمية للنزاعات الأهلية فى المنطقة العربية ودعم استعادة قدرة الدولة الوطنية بديلا عن الشكوى من أزمات اللجوء والهجرة غير النظامية.
وفى مداخلتها، قالت بغداد القادرى" عضو المنظمة وعضو فريق اليمن الدولى للسلام، إن قضية الشباب لا تقتصر على الذكور دون الإناث، مذكرة بنضالات ونجاحات المرأة اليمنية ومساهماتها فى الحراك السياسى والمحافظة على السلمية، مشيرة إلى التراجع الحاد الذى واجه المرأة اليمنية منذ انقلاب ميليشيا الحوثى على الشرعية وتجميد المسار الانتقالى وجهود استكمال بناء النظام السياسى، والاعتداء السافر على النساء فى الساحات خلال العام 2014 ومطلع العام 2015 ضمن جرائم ترويع المجتمع التى ارتكبوها، ووصولا إلى الاعتداء على عضوات حزب المؤتمر فى شارع السبعين بعد اغتيال الرئيس السابق "على عبد الله صالح" قبل نهاية 2017.
وأضافت "القادرى" أن التجنيد القسرى للشباب مع الأطفال يشكل أزمة كبرى فى اليمن فى سياق الوضع الراهن، فكل الشباب والأطفال من سن التاسعة وحتى منتصف العشرينيات عرضة لتجنيد قسرى متزايد من قبل ميليشيا الحوثي الانقلابية، محذرة من ممارسات الميليشيا لعمليات بناء فكر مذهبى متطرف على الأطفال والسباب حديثى السن بما يؤثر على التماسك الاجتماعى للمجتمع اليمنى.
وقالت "القادرى" إن نموذج تجنيد واستغلال الفتيات والشابات فى ميليشيا الحوثى الانقلابية من خلال كتيبة "الزينبيات" وفق استراتيجية الحرس الثورى الإيرانى هى واحدة من الأدلة القاطعة على انتهاكات الميليشيا بحق الشباب.
واختتمت "القادرى" بأن الشباب فى ظل التدهور الاقتصادى والأوضاع الإنسانية يجعل الشباب هدفا سهلا للمتصارعين وللجماعات الإرهابية.
وفى مداخلتها، أشارت "أمل ناصر" الخبيرة فى شؤون المرأة والأطفال إلى تجربتها الشخصية خلال الاحتجاز والتى كان يرافقها خلالها 70% من المحتجزين من شريحة الشباب والشابات، وأن الاحتجاز فى أحد المراكز أجهزة الأمن العسكرية التابعة للنظام سجل سقوط أكثر من 1500 ضحية فى هذا المركز حتى العام 2014، منوها أن هذا المركز هو واحد من بين 130 مركز احتجاز.
وأضافت "ناصر" أن نفس الممارسات التى ارتكبها النظام تورطت فى ارتكابها جماعات المعارضة المسلحة التى اكتست بتنظيمات إرهابية دولية.
وقالت "ناصر" إن أسوأ نتائج الصراع الدامى في سوريا هو انقسام المجتمع وتطييف الصراع والنيل من حقوق الجماعات الاثنية العربية والدينية والمذهبية.
ونددت "ناصر" بدور الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسى فى الصراع، وعلاقتهما وتورطهما مع طراف الصراع المحلى والإقليمى، منددة بالنيل من المدنيين من كافة الأطراف المتصارعة كما هو جارى الآن فى الغوطة الشرقية وفى عفرين.
وأشارت "ناصر" إلى ظهور بعض المبادرات الإيجابية لتوعية الشباب وإبعادهم عن تورط الأطراف المتصارعة والجماعات الارهابية، داعية إلى مساندة هذه المبادرات وتطويرها.
وخلال النقاشات، أكد المشاركين على أهمية العمل على معالجة النزاعات المسلحة الأهلية فى المنطقة العربية فى سياق عربى، لا سيما وأن خبرة المنطقة العربية انتهت إلى أن التدخلات الدولية فى النزاعات الأهلية لم تكن حميدة ولم تنتج سوى استمرار الصراعات والدماء.
وطالب المشاركون بحماية طالبى اللجوء فى أوروبا من مخاطر الترحيل القسرى ومن أنماط الاحتجاز وسوء المعاملة، داعين للاهتمام بقضايا حماية اللاجئين والمهاجرين.
وثمن المشاركون دعوة المنظمة العربية لحقوق الإنسان لتمسك مؤسسات المجتمع المدنى وجماعات حقوق الإنسان بالحياد والموضوعية والخروج من دوائر الاستقطاب السياسى والإنجازات الاثنية بما يوفر المقومات الضرورية لتحمل أعباء مساندة الضحايا والجماعات المجتمعية المضارة من النزاعات، والمساهمة فى إعادة التأهيل والتمكين واستئناف سبل العيش فى ظل تراجع الحكومات والمجتمع الدولى عن النهوض بواجباته.