حددت دراسة حديثة صادرة عن برنامج الدراسات المصرية بالمركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، الملامح العامة المتوقعة للجلسة الإجرائية لمجلس النواب المقرر عقدها فى العاشر من يناير الجارى، وقالت إن تلك الجلسة سيكون لها تأثير كبير على الصورة الذهنية التى سيشكلها المواطنون عن أداء البرلمان المقبل، خاصة أن تلك الجلسة قد تشهد منافسة بين العديد من النواب الذين أعلنوا عن ترشحهم على منصب الرئيس والوكيلين.
وطرحت الدراسة عدة تساؤلات هى: هل تشهد الجلسة الإجرائية منافسة حقيقية على منصب رئيس البرلمان؟ وهل يمكن أن تتفق الأحزاب الكبيرة مع ائتلاف "دعم مصر" على مرشحها أم أنها تتخوف من تغول "دعم مصر" على مجلس النواب؟ وما هو السيناريو الأرجح لمشهد الجلسة الإجرائية؟.
وأجابت الدراسة التى حملت عنوان " كيف تنتهى الجلسة الإجرائية لبرلمان 2016" بان الجلسة الإجرائية ستنقسم إلى ثلاث مراحل؛ تتمثل الأولى فى حلف النواب لليمين الدستورى الذى نصت عليه المادة (104) من الدستور،و الثانية بإجراءات انتخاب رئيس المجلس والوكيلين، ويفوز بمنصب الرئيس من يحصل على الأغلبية. ووفقًا لنص المادة (117) من الدستور يُنتخب الرئيس والوكيلان لمدة فصل تشريعى كامل. أما المرحلة الثالثة والأخيرة فى الجلسة الإجرائية فيتم فيها تسليم إدارة المجلس إلى الرئيس المنتخب والوكيلين.
ولفتت الدراسة إلى أن معركة انتخاب رئيس المجلس ستكون أقل حدة من اختيار الوكيلين، خاصةً مع إرباك قائمة المعينين لحسابات الأحزاب والقوى الممثلة فى مجلس النواب بسبب خلوها من الأسماء التى خلقت تقاربًا بين قوى كانت مختلفة حول اختيار الرئيس.
وأضافت الدراسة إن الاضطرابات التى خلقتها كتلة "دعم مصر"، بالإضافة إلى غياب من يستطيع من المعينين إحداث تفاعلات بينية تحت قبة البرلمان - سيؤدى إلى أن تعيد كثير من الأحزاب الممثلة فى البرلمان حساباتها، الأمر الذى ينتهى بوجود أكثر من مرشحين على كل منصب، مما يجعل الاتفاقات تلعب دورها.
ووضعت الدراسة تصورا لشكل المنافسة على تلك المناصب فى الجلسة الإجرائية على النحو التالي: فيما يتعلق بمنصب رئيس مجلس النواب، هناك ثلاث جبهات: منها ما تشكل، ومنها ما هو قيد التشكل ستحاول الدفع بمرشحيها، هى: مرشح كتلة "دعم مصر" الدكتور على عبد العال، حيث اتخذت هذه الكتلة، منذ إعلان أسماء قائمة المعينين وخلوها من الرئيس السابق المستشار عدلى منصور، خطى ثابتة، وأعلنت عن موقفها بصراحة، وهو رفضها أن يكون رئيس البرلمان من المعينين، وبالتالى سيحاول ائتلاف "دعم مصر" توسيع ثوب لائحته الداخلية حتى يستطيع جذب أكبر عدد من النواب والأحزاب الصغيرة الممثلة فى المجلس.
وتابعت: مرشح كتلة "تحالف العدالة الاجتماعية" النائب كمال أحمد، وهو يترشح معتمدًا على سيرته الذاتية، وعلى تاريخه البرلمانى، وما زالت الكتلة التى تدعم ترشحه قيد التشكل، لكن من المحتمل أن تكون أركانها الرئيسية الهيئة البرلمانية لحزب النور، ومجموعة النواب الحزبيين والمستقلين الذين يشكلون تحالف "العدالة الاجتماعية" تحت قبة البرلمان، بالإضافة إلى احتمال دعمه من تحالف نطاقه الجغرافى المتمثل فى كتلة نواب الإسكندرية وبعض نواب غرب الدلتا.
وأضافت، إعادة هندسة انتخابات الرئيس، وهو ما يعنى أن تُعيد بعض الأحزاب الكبيرة مثل: المصريين الأحرار، ومستقبل وطن، والوفد، حساباتها فى اللحظات الأخيرة، وتتخوف من تغول "دعم مصر" على البرلمان، وتحاول إفشال تجربة سيطرة وقيادة تكتل قياداته من المستقلين على الأحزاب، وبالتالى من المحتمل أن تتفق هذه الأحزاب على ترشيح مرشح من المعينين قد يلقى قبول الكثير، وهو المستشار سرى صيام لمنافسة مرشح "دعم مصر" إذا لم تتحرك الاتفاقات على المناصب البديلة المتمثلة فى تقسيم اللجان المهمة.
وقالت: فيما يتعلق بمنصب الوكيلين فهى ما زالت غامضة، ولم تعلن مواقف رسمية تعبر عن شكل المنافسة التى تشهدها الجلسة الإجرائية باستثناء ما أعلنه حزب الوفد، وهو عدم ترشحه على منصب أى من الوكيلين، لذلك قد يشهد الترشح على منصب الوكيلين عددًا كبيرًا من المرشحين، سواء من المستقلين أو من الحزبيين، وذلك قد يتوقف على شكل المنافسة على منصب الرئيس ومدى مرونة الاتفاقات بين القوى ذات التمثيل الكبير بالبرلمان.
أما ملامح السيناريو الأرجح فى ظل غياب شخصية متفق عليها من المعينين، وإعلان بعض المستقلين والحزبيين أنه من الأفضل أن يكون رئيس البرلمان من المنتخبين، فجاء على النحو التالى: من المرجح أن يكون طرفا المنافسة على منصب رئيس البرلمان مرشح "دعم مصر" ومرشح "تحالف العدالة الاجتماعية"، وهو أمر يثرى الجلسة الإجرائية ويعنى تقارب الأحزاب التى تنادى بالعدالة الاجتماعية، المتمثلة فى (المصرى الديمقراطى، وحراس الثورة) مع بعض المستقلين وحزب النور الذى يصوت ضد مرشح "دعم مصر".
وسوف ينتهى هذا المشهد بنجاح مرشح "دعم مصر" بفارق كبير من الأصوات إذا تقاربت مع هذا الائتلاف الأحزاب الثلاثة الكبيرة (المصريون الأحرار، ومستقبل وطن، والوفد)، فى حالة عدم اتفاقها على مرشح منافس وعدم قدرتها على إقناع المستشار سرى صيام بالترشح، وبالتالى يتحول تدريجيًّا ائتلاف "دعم مصر" إلى كتلة صلبة متماسكة تلعب دور المايسترو فى البرلمان.
وأضافت: يتمثل الملمح الثانى لهذا السيناريو المرجح فى أن المنافسة على الوكيلين ستنتهى بأن يذهب منصب أحد الوكيلين لائتلاف "دعم مصر"، والمنصب الآخر سيكون لأحد الأحزاب التى تبادر بالاتفاق مع ذلك الائتلاف فى حالة استقراره.
وتنتقل المنافسة بعد انتهاء الجلسة الإجرائية على اللجان المهمة التى ستخلق منافسة شرسة عليها من المستقلين والحزبيين وبين الأحزاب وبعضها، خاصة أن أغلب الراغبين فى الترشح على رئاسة اللجان أعلنوا عن الترشح على نفس اللجان، وهو ما يعنى أن معركة اللجان هى الأصعب فى ظل احتمالية عدم التنسيق الكامل بين المتنافسين.
وخلصت الدراسة إلى إن استقرار ائتلاف "دعم مصر" وإصرار مرشح تحالف العدالة الاجتماعية على الترشح على منصب الرئيس، سينعش الجلسة الإجرائية، وقد يؤدى أيضا إلى تخوف الأحزاب الكبيرة من سيطرة "دعم مصر" على البرلمان، خاصة أن هذا الائتلاف يقوده مستقلون، إلى أن تظل حسابات هذه الأحزاب من دعم مرشح "دعم مصر" مرهونة حتى اللحظات الأخيرة.