بدأت منذ قليل الندوة الثانية من الصالون المصرى بالمقر الرئيسى الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى بمنطقة وسط البلد، لمناقشة رحلة المصريين لوضع دستور دائم لمصر بحضور عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق، وتدور الندوة حول دستور 54، ولماذا لم يظهر للنور، وكواليس دستور 71 ولماذا سُمى بالدستور الدائم، كما تتطرق الحلقة للنقاش حوال دستور 2012 والدستور الحالى دستور 2014 .
وقال عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق، أن المحتل البريطانى كان فى كل الحركات الثورية يصدر بيان يدعو لعدم المساس بالاجانب لتبرير تدخله لقمعها، وأن المشروعات الأجنبية كانت أكثر تطورا فكانت الشعارات السياسية أثناء ثورة 19 لدعم المنتج المحلى و إنتاج رأس مال محلى ينافس الاجنبى، موضحا أن الجانب المصرى كان دائم المطالبة بالجلاء ، فالمكالبة بالاستقلال التام ظهرت عقب ثورة 19 لأن المحتل منح المصريين استقلال منقوص (شكلى).
وأضاف أبو غازى أن اللورد كرومر كان لايرحب بوجود الدستور فى الدول المحتله، والذى ظهر بجانب المطالبة بالاستقلال التام، فكلا من قيادات حزب الامه والحزب الوطنى عملوا من أجل إنشاء مشروع الجامعة ولتطوير الصحافة، ومع بداية الحرب العالمية الأولى كانت انجلترا تعترف بالسلطة العثمانية فى مصر ووضعت علمها بدلا من علم الخديوى إسماعيل منذ احتلالها لمصر، وكان الخديوى عباس حلمى أعلن عن نواياه إنشاء دستور، ولكن تم عزله من قبل انجلترا وأعلنت حمايتها وفرضت وصايتها على مصر.
وأشار "أبو غازى " الى انه عقب نهاية الحرب العالمية الأولى قبل ثورة 19 قدموا الإنجليز مشروع دستور لمصر ليتوافق مع القوانين الانجليزية ، فقامت قيادة الوفد بالتصدى لهذا المشروع، وبرر سعد زغلول ذلك بأنه سيؤدى إلى خلل فى المنظومة القانونية لمصر ، التى تعمل بالقوانين الفرنسية منذ سنوات طويلة .
واستطرد "أبو غازى" انه مع نجاح الخطوة الأولى في الثورة ، أصبح هناك ضغط على سلطة الاحتلال للإعلان عن حل للمشكلة المصرية ،وعمل الملك فؤاد بنصيحة الإنجليز فقرر تشكيل لجنه مكونه من 30 عضو لوضع الدستور ، وتم إعلان المملكة المصرية ، وكان الدستور متميز جدا ،بنى على غرار الدستور البلجيكى،وتبنى حرية الفكر والتعبير والاعتقاد و حق تكوين الأحزاب السياسية ،و حرمة الحياة الخاصة ،وفى حال تطبيقة بشكل سليم يظل الملك يملك ولا يحكم ، فسلطاته يباشرها من خلال الحكومة ، فعندما انتهت اللجنة من عملها ماطل الملك لشهور ،إلى أن أصدر فى أبريل سنة 1923 .
وتابع وزير الثقافة الأسبق،أن أول صدام بين الملك وسعد زغلول بدأ حول كيفية اختيار أعضاء مجلس الشيوخ وتعيين رئيس الديوان الملكي،وأن تاريخ مصر من عام 1923 حتى 1936 شهد مراحل من الانقلاب الدستورى أولها سنة 1925 عندما حل الملك فؤاد البرلمان بعد فوز الوفد ، وبعد وفاة سعد زغلول عام 1927 أتت حكومة النحاس وحدث صدام بينها وبين الملك وقام بحلها ثم أتت حكومة محمد باشا محمود وتم تعطيل الدستور لمدة 3 سنوات.
وأضاف "أبو غازى " أن حكومة محمد باشا محمود لم تكمل مدة ال 3 سنوات وتمت إقالتها عقب ضغط الشارع ،وتمت إجراء انتخابات فاز بها الوفد بالأغلبية وشكل الحكومة وتم الضغط عليه من الملك للاستقالة وهو ما حدث فعطل الملك البرلمان الذى كان يساند النحاس ، وان الفترة من عام 1930 حى 1935 توالت على مصر 3 حكومات لا تتمتع الشعبية وأصدرت العديد من القوانين التعسفية، وتعرض مثقفي مصر للاضطهاد خلالها ، مشيرا انه فى خلال تولى الملك فاروق السلطة لم يتم تعطيل الدستور ، ولكن تم التلاعب في نتائج بعض الانتخابات، ومن عام 1944 حتى 1950 قاطع الوفد الانتخابات ، وخاض انتخابات عام 1950 ونجح بالأغلبية ، حتى جاء الظباط الأحرار وأعلنوا ثورة 23 يوليو 1952 .
وأوضح " أبو غازى " انه كانت هناك إشكالية دائمة بشكل قضية السودان وتم الموافقة على اتفاقية الجلاء سنه 54 عقب إعطاء حق تقرير المصير للشعب السودانى ، مشيرا إلى أن دستور 1956 اول من روج للاستبداد السياسى .
جاء ذلك خلال ندوة الصالون المصرى بالحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى لمناقشة مشوار المصريين من أجل وضع دستور دائم للبلاد بمشاركة عماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق، وسوف تتناول ندوات الصالون القادمة دساتير 1971 ، 2012 ، 2014 والفرق بينهما.