قال الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، إن قرض صندوق النقد الدولى يعتبر عبئًا ثقيلاً على أى دولة، وليس على الجيل الحاضر فقط، بل على الأجيال القادمة المتعاقبة، بما يتبعه من التزامات مالية، وتبعية سياسية، من شأنها تكبيل القرار السياسى، والتحكم فى إرادة الشعوب.
وأضاف فى بيان للحزب :"أعلنت الحكومة عن بدء مفاوضات مع صندوق النقد الدولى، بغرض توقيع اتفاق، تحصل مصر بمقتضاه، على قروض تبلغ قيمتها 21 مليار دولار، منها 12 مليار من صندوق النقد الدولى، و9 مليارات من مؤسسات مالية دولية أخرى، ونحن نعلم ما تمر به مصر من أزمة اقتصادية صعبة، بل فى غاية الصعوبة، ارتفع فيها الديّن الداخلى والخارجى إلى مستوى غير مسبوق ،وكذلك العجز فى الموازنة، ونسبة البطالة مع تدنى قيمة الجنية المصرى".
وتابع مخيون :"لقد لجأت الحكومة لهذا القرض لحلحلة الأزمة، ورفع تصنيف مصر الائتمانى والحصول على شهادة ثقة، لجلب مزيد من الاستثمارت، ولكن هل رفع تصنيف مصر الائتمانى؟ ، وهل كسب الثقة العالمية ليس له طريق إلا الاستدانة والاقتراض من صندوق النقد الدولى والمؤسسات المالية العالمية؟".
وأوضح أن الواقع يشهد أن غالبية الدول -إن لم تكن كل الدول- التى تعاملت مع مثل هذه المؤسسات المالية ورضخت لشروطها، والتزمت بتوصياتها انتهى بها الأمر إلى تفاقم الأزمة والفشل والإنهيار، وربما إعلان الإفلاس، ولم تر هذه الدول نموًا ولا تقدمًا ولا استقرارًا، ولمصر تجربتان سابقتان عام 1977 وعام 1991.
واستطرد مخيون :" غالبًا ما تتجه السياسات الاقتصادية التى تفرضها أو توصى بها هذه المؤسسات المانحة إلى سياسة الخصخصة، وبيع القطاع العام، وتقليص دور الدولة فى السيطرة على السوق الإنتاجى، وكذلك تخفيض قيمة العملة، ورفع الدعم عن السلع الأساسية، وزيادة الضرائب، مما يكون لهذه الإجراءات من أسوأ الأثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، وسيطرة رأس المال الطفيلى على السوق".
وتابع رئيس حزب النور:": حكومة أوصلتنا إلى هذه الأزمة، وفشلت فى إدارة معظم الملفات، فهل تنجح فى تدوير هذا القرض، والإستفادة منه بما يعود بالنفع على المواطن المصرى المطحون؟ أم سوف يزيد البلاء بلاءً؟، وقبل ذلك كله هذا القرض الذي يحدد فائدة ثابتة يعتبر ربًا صريحًا، لا يجوز الإقدام عليه إلا باعتبار الضرورة، فهل فعلاً وجدت الضرورة وفق تقدير أهل الخبرة والاختصاص من الاقتصاديين؟".
وقال مخيون :"نحن جميعًا حريصون على أن تخرج مصر من هذه الأزمة، وأن يتعافى الاقتصاد المصرى، وأن تضع مصر قدميها على طريق النمو، وأن يتمتع المواطن المصرى بعيشة آدمية كريمة، ولكن لابد من التنبيه على بعض الأمور أبرزها أن الإصلاح الاقتصادى، قرين الإصلاح السياسى، فهما قرينان وتوأمان لا ينفصلان، فلا يمكن تحقيق إصلاح اقتصادى بدون إصلاح سياسى، يقوم على الشفافية والمشاركة الحقيقية والعدالة الاجتماعية بل العدل بكل صوره، وإعلاء قيمة الحريات وحقوق الإنسان والانحياز للفقراء والطبقات المهمشة المعدومة:.
وأوضح أنه لابد من قطع أذرع الفساد واقتلاع جذوره التى تغلغلت فى كل مؤسسات الدولة، بصورة تعيق كل فرص التغيير، وتقطع كل أمل فى الإصلاح، وأعتقد أننا لو اقترضنا كل ما فى خزينة المؤسسات المالية العالمية سوف تبتلعها بالوعات الفساد المفتوحة على مصراعيها، ولن يكون نصيب المواطن من هذه القروض إلا دفع الفاتورة".
وتابع مخيون :" مع الإصلاح الاقتصادى، يجب إصلاح المنظومة القيمية، والأخلاقية للشعب المصرى، التى أصابها كثير من الخلل والتصدع، بل والإنهيار، فبناء الإنسان مقدم على رفع البنيان، وبناء البشر قبل بناء الحجر، فالإنسان هو الركيزة الأولى والرئيسة لأى منظومة إصلاح".
وأشار إلى أن الأمر يحتاج إلى حوار مجتمعى حقيقى، وإلى إنشاء مجلس متخصص أو مجموعة اقتصادية، أو ورشة عمل - تحت أى مسمى - ، تجمع خبراء اقتصاد مصريين من الداخل والخارج، وسياسيين، ومستثمرين، ورجال أعمال، على اختلاف توجهاتهم، للخروج برؤية اقتصادية واضحة، تسير عليها البلاد، وتوضع أمام متخذى القرار، لذا يجب التحرك السريع وتضافر الجهود لإنقاذ مصر من مصير، ندعو الله ألا تصل إليه.