أكد السفير المصرى لدى الخرطوم أسامة شلتوت، أن العلاقات المصرية السودانية، أزلية وتاريخية وتضرب بجذورها فى أعماق التاريخ ، وتتمتع بخصوصية مشتركة لا مثيل لها بين دول الجوار.
وقال شلتوت، فى حوار خاص مع مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بالخرطوم اليوم السبت، إن علاقات البلدين شهدت تطورا كبيرا ونقلة نوعية، منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي سدة الحكم، حيث قام، فى أول جولة خارجية له بزيارة السودان، ومنذ ذلك التاريخ عقد 15 لقاء مع الرئيس السودانى عمر البشير، لافتا إلى اللقاء السادس عشر المرتقب بينهما فى القاهرة هذا الأسبوع ، حيث يترأسان قمة اللجنة العليا المشتركة، والتى تم ترفيعها إلى المستوى الرئاسى.
وأضاف أن اللجنة العليا بين البلدين، حدث بها طفرة كبيرة هى الأخرى، حيث أصبحت تضم 30 لجنة مشتركة، تم تقسيمها إلى قطاعات وهى، السياسى والأمنى والقنصلى، العسكرى ، الاقتصادى والمالى، النقل، التعليم والثقافة، الخدمات، والزراعة والموارد المائية، موضحا أن اجتماعات اللجنة العليا، ستعقد بالقاهرة بدءا من 2 و3 أكتوبر على مستوى الخبراء، ثم اجتماع على مستوى الوزراء يوم 4 أكتوبر ، ثم اجتماع القمة بين الرئيسين يوم 5 أكتوبر.
وأشار إلى أن هناك تكريما خاص للرئيس عمر البشير أثناء زيارته لمصر، من قبل الرئيس السيسى، فى احتفالات أكتوبر، وذلك تقديرا لدوره البارز فى دعم مصر ومشاركته فى حرب الاستنزاف، وأيضا حرب العبور عام 1973.
وقال شلتوت، إنه من المقرر أن يتم خلال اجتماعات اللجنة العليا، توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذى بين البلدين، ويشهد الرئيسان مراسم التوقيع، وتشمل الاتفاق الإطارى بين جامعة القاهرة ووزارة التعليم العالى بالسودان بشأن عودة بعثة الجامعة فرع الخرطوم، البرنامج التنفيذى لمذكرة التفاهم الموقعة فى مجال التجارة بين الجانبين، بجانب مقترح البرنامج التنفيذى لبروتوكول التعاون بين وزارتى التجارة السودانية والتموين والتجارة الداخلية المصرية، اتفاقية للتعاون فى مجالى النفط والغاز، اتفاقية للتعاون فى التعليم العالى، البرنامج التنفيذى للتعاون فى مجال الشباب، وآخر فى الرياضة، برنامج عمل بين وزارتى الصحة، مشروع برنامج للتعاون الثقافى، اتفاق خدمات النقل الجوى، مذكرة تفاهم للتعاون فى إدارة الأزمات والأحداث الطارئة والكوارث، واتفاقية التعاون القانونى والقضائى.
وأشار إلى أن القمة بين الرئيسين، ستركز على تفعيل كافة مسارات التعاون الثنائى وتذليل العقبات، كما سيتم تناول القضايا والتحديات الإقليمية والدولية، التى تواجه الأمة العربية، وتنسيق المواقف بين البلدين لمواجهتها.
وأكد أن هذه القمة سيكون لها أثر واضح فى تفعيل كل ما اتفق عليه فى مجال العلاقات الثنائية، وأيضا فى التنسيق فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، خاصة وأن مصر والسودان تتشاركان فى عضوية العديد من المحافل الدولية.
وأوضح أن هناك تفاهما وتشاورا دائمين بين مصر والسودان، فيما يتعلق بالشأن الليبى، باعتبارهما من دول الجوار، لتحقيق الاستقرار فى هذا البلد الشقيق، ولكون الاضطرابات فى ليبيا تؤثر على الأمن القومى للبلدين، لافتا إلى التنسيق المتواصل بين الجانبين فى القضية الفلسطينية، وجهود تحقيق السلام فى الشرق الأوسط، وكذلك حول الوضع فى سوريا واليمن، وأمن البحر الأحمر فى إطار عضويتهما فى جامعة الدول العربية.
وتوقع شلتوت أن يتم التنسيق نحو تفعيل التعاون الثلاثى مع إثيوبيا، والتباحث حول عقد قمة بين الرؤساء الثلاثة مطلع العام القادم، تنفيذا لمخرجات القمة الثلاثية التى عقدت بشرم الشيخ للتعاون الإقليمى بين الدول الثلاث.
وقال إن التزام مصر والسودان وإثيوبيا، بنتائج الدراسات الفنية حول تأثير سد النهضة، على دولتى المصب لنهر النيل، والتى تم توقيعها مؤخرا بالخرطوم، وذلك فى إطار اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين زعماء الدول الثلاث، سيؤسس لتعاون إقليمى فيما بينها فى شتى المجالات، وإحداث نقلة نوعية فى العمل الثلاثي بما فى ذلك إنشاء صندوق لدعم المشروعات المشتركة والتعاون فى قطاعات النقل وتطوير الطرق والتبادل التجارى والاستثماري والفنى التقنى، بما يخدم إقليم شرق أفريقيا بكامله.
وأشار إلى أن اجتماعات اللجنة السياسية على مستوى الخبراء، سوف تناقش خلال اجتماعات القاهرة اتفاقية الحريات الأربع الموقعة بين مصر والسودان، وكيفية تفعيلها بالكامل بما يحقق طموحات الشعبين، نحو تكامل اقتصادى وتنسيق سياسى شامل بين الدولتين الشقيقتين.
وأوضح أن مصر ترتبط مع السودان، بعدة اتفاقيات تعاقدية ومنها اتفاقية الحريات الأربع، وهى التنقل والإقامة والعمل والتملك، وقد حدث تقدم كبير نحو تنفيذ بعضها، ومازال جزء منها تحت الدراسة، حيث أن القوانين والتشريعات فى كلا البلدين لابد من مواءمتها مع بنود الاتفاقية، حتى يتسنى تفعيلها بالكامل، مبرزا أن القانون المصرى يتيح الملكية الحرة، أما السودانى فيقر بحق الانتفاع ، وكذلك يسمح السودان للمصريين دخول أراضيه دون الحصول على تأشيره مسبقة، فيما تمنح مصر تأشيرات بالمجان، للسودانيين ما بين سن 16 وحتى 50 عاما، من الذكور فقط وتعفو النساء.
وقال شلتوت إنه على الرغم من هذه العلاقات القوية التاريخية بين مصر والسودان، فإن حجم التبادل التجارى، لا يعكس الإمكانيات والموارد المتاحة للبلدين، حيث لا يتجاوز مليار دولار سنويا، لذا نعمل جاهدين من خلال وضع التشريعات والأطر والاتفاقيات للنهوض بهذا القطاع، لافتا إلى أن هناك توجهات لإنفاذ طموحات الشعبين على أرض الواقع، ومنها افتتاح معبري قسطل - أشكيت، وأرجين، وهو الطريق القارى الذى يربط بين الإسكندرية ومدينة كيب تاون فى جنوب أفريقيا، وسيكون له أثر كبير على تنشيط حركة التجارة الخارجية للجانبين، نحو أفريقيا وأوروبا.
وأكد شلتوت حرص مصر على التنمية الصناعية والاقتصادية بالسودان، ويبلغ حجم الاستثمارات المصرية هناك مليارين و600 مليون دولار، وتوقع زيادتها بعد الزيارة وتوقيع الاتفاقيات المقررة.
وأوضح أن هذه الاستثمارات تمثل 78 مشروعا تم تنفيذهم بالفعل، فى صناعة الأسمنت والبلاستيك والرخام والأدوية ومستحضرات التجميل والأثاث والصناعات الحديدية والمواد الغذائية، لافتا إلى تصديق وزارة الاستثمار السودانية على 151 مشروعا باستثمارات تتجاوز 8 مليارات جنيه.
وتابع أن اجتماعات اللجنة العليا، سيكون لها أثر إيجابى كبير، نحو تفعيل عدة مشروعات استراتيجية بين مصر والسودان، مثل مشروع الاستثمار الزراعي بمساحة 100 ألف فدان، فى الدمازين بولاية النيل الأزرق، والذى أنشئت شركة لإدارته منذ عام 1975، وجارى حاليا إحياؤه، وكذلك مشروع استراتيجى للحوم فى ولاية النيل الأبيض بمساحة 40 ألف فدان سيتم تخصيصها لإنشاء مزارع متكاملة للثروة الحيوانية.
وأضاف أنه، تجرى دراسة إبرام عدة اتفاقيات لإنشاء مناطق حرة لتيسير وزيادة التبادل التجارى بين البلدين، فى إطار عضوية البلدين فى التجمعات الاقتصادية، مثل اتفاقية التجارة العربية الكبرى ،والكوميسا ، وكذلك الاستفادة من موقع السودان فى قلب أفريقيا وصلتها بدول الجوار الأفريقية، فضلا عن تفعيل تجارة الترانزيت للسودان من خلال استغلال المعابر الحدودية ، واستغلال الموانئ المصرية للتصدير سواء لدول الاتحاد الأوروبى أو الدول الآسيوية.