رصدت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية الانقسامات والانشقاقات داخل جماعة الإخوان، وتساءلت عما إذا كان باستطاعة التنظيم أن ينجو منها فى ظل خلافات بين الأجيال بداخله.
وفى التقرير الذى كتبه كلا من إريك تراجر ومارينا شلبى، قال الكاتبان إنه فى الأسابيع الأخيرة حاول يوسف القرضاوى التوسط لحل الأزمة، واقترح نائبه مؤخرا أن يؤسس الإخوان نظاما جديدا لإدارة التنظيم. لكن سيكون من الصعب لم شمل الجانبين مرة أخرى.. فعلى الرغم من أن الانقسام داخل الإخوان جلى إلى حد ما، إلا أنه يعكس أيضا اختلافات حادة بشأن أهداف التنظيم واستراتيجيته، وهل ينبغى أن يسعى إلى السلطة الآن، كما يطالب الشباب، أم فى المستقبل البعيد، كما يؤمن الحرس القديم أو من يطلق عليهم "القطبيين" وأيضا أيا الأدوات التى ينبغى استخدامها لتأكيد الحكم الإسلامى.
وتظل هذه الأسئلة نظرية على نحو متزايد. فقد طمست الحكومة التنظيم داخل مصر، مما يعنى أن الإخوان ليس لديهم فرصة واقعية فى السلطة فى أى وقت قريب، وليس لدى فصائلها حافز قوى للتوحد فى السعى لتحقيق الطموحات المشتركة. وأكد التقرير أن رؤية الإخوان لتأسيس دولة إسلامية فى مصر لن تتبخر، إلا أن الانضباط الداخلى الذى كان سمة اتخاذ القرار فى التنظيم أصبح شيئا من الماضى الآن، ونتيجة لذلك أصبح الرجل الحديدى من الماضى.
وقصد التقرير بالرجل الحديدى محمود عزت، المرشد الحالى للإخوان المسلمين. وقالت "فورين أفيرز" إن عزت اكتسب سمعة بالصرامة وباعتباره أحد أقوى مطبقى الانضباط داخل التسلسل الهرمى للتنظيم. وبعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسى فى يوليو 2013، نمت أسطورة عزت داخل الجماعة بعدما نجا من الحملة التى طالت أغلب قيادات التنظيم ودفعت بهم إلى السجون واختبئ داخل مصر فى الوقت الذى فر فيه إخوان آخرون خارجها.
ونقلت المجلة الأمريكية قول الناشط الإخوانى عمرو فراج فى مقابلة سابقة إن عزت لديه القدرة على الاختباء لأنه كان مسجون من قبل لعشر سنوات، وأنه يستطيع أن يجلس خمس سنوات مثلا دون أن يتحدث مع أحد، وأن يجلس فى غرفة مغلقة. وأشار فراج حينئذ إلى أن عزت طلب من رفاقه فى الإخوان عدم الاتصال لتجنب الكشف عن مكان وجوده داخل مصر.
وتتابع المجلة، قائلة إن استراتيجية عزت فى الحفاظ على الذات قد نجحت فى النهاية، فلم تلقى قوات الأمن القبض عليه. لكن فى غيابه انهار الانضباط الداخلى للتنظيم، وظهر شقاق داخلى شديد إلى العلن فى الربيع الماضى. وبعد محاولة حل هذه الانقسامات فى البداية من داخل مصر، ظهر عزت مرة أخرى فى تركيا فى منتصف نوفمبر، وأعلن نفسه القائم بأعمال المرشد. إلا أن الرجل الحديدى فقد لمسته ورفض كثير من الإخوان سلطته وتعمق الخلاف بشدة فى الأشهر القليلة الماضية.
ومضت المجلة قائلة إن فشل عزت فى تأكيد قبضته يعكس تغييرا كبيرا فى الثقافة الداخلية للتنظيم. فعلى مدار العقدين الماضيين، سيطر المتشددون المعروفون باسم القطبيين أتباع سيد قطب على التنظيم بينما مثل الإصلاحيون داخل التنظيم آلية دائما داخل القيادة فى الإخوان.