المستشار سري محمود حسين صيام، رئيس محكمة النقض الأسبق، والذي تم تعيينه بقرار من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بمجلس النواب والذي كان أبرز الأسماء المرشحة بقوة لتولي رئاسة برلمان ما بعد 30 يونيو وهو أيضا الاسم الذي أحدث جدلا كبيرا عقب تقدمه باستقالته التي تمت الموافقة عليها في جلسة اليوم بموافقة 301 نائبا وبذلك يكون هناك مقعدا شاغرا من المقاعد المخصصة لرئيس الجمهورية بتعيينها من نسبة الـ5% التي حددتها المادة المادة 102 من دستور 2014، حيث تعطى المادة رئيس الجمهورية الحق فى تعيين عدد من النواب شرط ألا يزيد عددهم عن 5% من نواب البرلمان.
أزمات عديدة دعت قاضي القضاة صاحب اللقب الشعبي الوحيد لقاضي تربع على منصة القضاء كما أطلقه محبوه وهو الذي يعتبر نفسه قاضيًا غير عاديًا، وهو الشيء الذي تؤكده شهادته والمناصب التي وصل إليها الي كتابة تلك البرقية البليغة والمعلمة في فن كتابة الاستقالات المسببة.
"دارت التساؤلات بداخلي بشأن قيام رئيس الدولة بتعييني في المجلس للاستفادة بخبراتي في الجانب التشريعي وليس الرقابي بحكم عملي في القضاء لأكثر من نصف قرن، وبالتالي فأنا لم يتم اختياري لتقديم استجوابات أو بيانات عاجلة أو طلبات إحاطة، ولكن عندما يتم إعداد اللائحة وهي أهم عمل للمجلس فى الفترة الحالية وأول مرة ستصدر بقانون ويتم استبعادي، فمتى تكون الاستفادة من خبراتي".
كانت هذه جزء من نص استقالة المستشار سري صيام، من مجلس الشعب، احتجاجا على تجاهل ضمه تشكيل قائمة إعداد اللائحة الداخلية لمجلس النواب وهي القشة التي قصمت مجلس النواب وأعلنت صراحة عن وجود خلاف قوي بين قامتين قانونيتين وهما المستشار سري صيام والدكتور والفقيه الدستوري رئيس المجلس.
بيد أن هناك خلاف حاد بين الطرفين سالفي الذكر بدليل أنه كان المتسبب في منع جلسات البرلمان من الاذاعة المباشرة على الهواء مباشرة رغم ما تكبده ذلك من خسائر مالية بحسب التقارير المتعلقة بالاعلانات المذاعة على القنوات الفضائية، وذلك لانتقاد المستشار سري صيام للدكتور علي عبد العال في أولى جلسات المجلس، بعد حرمان وكيليه من حق التعريف بأنفسهم خلال جلسة انتخابهم قائلا: "لا يجوز أنْ يُجرى تقليدان برلمانيان مختلفان فى اجتماع واحد فالدستور ساوى بين انتخاب الرئيس والوكيلين ومن ثم إذا كان رئيس الجلسة الأولى اجتهد فأعطى لرئيس المجلس المنتخب ومن ترشح معه ثلاث دقائق للتعريف بنفسه، فلا يجوز أن يحرم رئيس المجلس المرشحين لمنصب الوكيلين من هذه الفرصة".
خلاف اخر ربما لم يدركه الكثيرين وهو الغيرة التي ربما تسللت إلي الفقيه الدستوري الدكتور علي عبد العال من المستشار سري صيام والذي كان المرشح الأبرز لرئاسة البرلمان خلفا للمستشار عدلي منصور الذي أعلن رفضه رئاسة المجلس صراحة عقب لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي ، فما كان من صيام الا ان انتهج نهج منصور ولكن بصياغة اخرى قائلا "اعتذر عن قبول رئاسة المجلس، وسأسعى لتقديم خبرتي في الحياة القانونية"
مناوشات مع رئيس المجلس وانتقادات حادة واجهها من زملائه النواب، بالرغم من باعه الطويل في المجال التشريعي والسلك القضائي على مدار السنوات السابقة، فدائما ما كان يواجه النقد للدكتور علي عبدالعال، وهو ما لم يعجب غالبية الأعضاء.
"أنا نائب ولست عضوا، ولا وجه للتفرقة في نداء المُعينين بالعضو، والمنتخبين بالنائب"، هذه أولى كلمات صيام تحت قبة البرلمان في الجلسة الافتتاحية في 10 يناير الماضي، لتعج القاعة بأكملها بالتصفيق تحية له، ولم تمر الجلسة إلا بصدام بينه وبين رئيس المجلس، المستشار بهاء أبو شقة في حينها، وذلك بعد وصفه له بأنه يجتهد بشكل شخصى فى تفسير النصوص الخاصة بانتخابات المواقع القيادية بالمجلس، إلا أنه أعلن عدم قصده في إحراج أبو شقة.
في جلسة 11 يناير غضب المستشار صيام من رئيس مجلس النواب بعد طلب الكلمة منه لأكثر من مرة، في حين أعطى الدكتور علي عبد العال الكلمة لنواب طلبوا الحديث بشكل سريع، وتبعها بجملة "أنا أتعجب منك"، وذلك بعد أن وجد اسمه على رأس إحدى اللجان المنوطة بمراجعة القوانين الصادرة في غياب مجلس النواب، دون علمه ودون إجراء انتخابات، لكن رد عليه عبد العال بأن الإجراءات تمت وفق الدستور.
في جلسة 20 يناير الماضي استمرت المناوشات بين صيام ورئيس المجلس، فبعد أن أذن عبد العال له بالحديث رد عليه قائلا: "لأ ما طلبتش الكلمة"، لتكون هذه المواقف إشارات سابقة للقرار الذي اتخذه بالتقدم بالاستقالة السبت 6 فبراير 2016 قائلا "أنا مرتاح الضمير وراضٍ عن نفسي، وعندما قبلت عضوية مجلس النواب كنت سعيد بهذه النيابة باعتبار أني كنت أريد أن أقدم لبلدي شيئا في هذه المرحلة الدقيقة، وكنت عازفًا عن رئاسة المجلس أو حتى رئاسة لجان، ولكن عندما خضت هذه التجربة وجدت أن من يقول الحق يعاق"، بهذه الكلمات أوضح سري صيام سبب التقدم باستقالته، ليعلن بعدها عزوفه عن الظهور بوسائل الإعلام، ليتوارى "قاضي القضاة" عن المشهد السياسي.
قيمة وقامة كبرى خسرها مجلس النواب في حين يشكوا الكثيرين من استحواذ من ليسوا أهلا لتقلد منصب نائب الشعب، على كافة مقاليد الأمور في المجلس.
عندما تطالع السيرة الذاتية لقاضي القضاة تعرف كيف خسر لن نقول البرلمان المصري وانم ادعنا نحدد المواطن المصري خبرة قوية ليس فقط في كونه قاضيا شامخا وصل الى منصب نائب رئيس محكمة النقض بل انه شغل منصب مساعدًا لوزير العدل لشئون التشريع لمدة 11 عاما ورئيسًا لمجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال، ونائب رئيس الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، كما شغل منصب رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ورئيس اللجنة القومية لتحديث التشريعات الاقتصادية وعضو مجلس إدارة الجمعية الدولية لقانون العقوبات ومقرها باريس منذ عام 2009 ، ووكيل التفتيش القضائى للنيابة العامة وعضو المجالس القومية المتخصصة وعضو لجنة تدوين التقاليد البرلمانية، كما له العديد من الكتب والأبحاث من بينها التفسير القضائى وحماية حقوق المتهم الإجرائية، الحبس الاحتياطي في التشريع المصـري في ظل الضمانات المستحدثة بالقانون، إضافة إلى مدونة التقاليد البرلمانية منذ بدء الحياة البرلمانية في مصر وحتى سنة 1982، وموسوعة المبادئ الدستورية أربعة أجزاء "مطبوعات مجلس الشعب" المسح الاجتماعي الشامل للمجتمع المصري.