أصدرت محكمة جنايات القاهرة، التى حكمت فى القضية المعروفة إعلامياً بـ"التخابر مع قطر" حيثياتها فى تبرئة الرئيس المعزول وآخرين من اتهام "الحصول على سر من أسرار الدفاع عن البلاد بقصد تسليمه وإفشائه إلى دولة أجنبية ".
وذكر نص الحيثيات أنه فيما يتعلق بالجريمة المنسوبة للمتهمينَ الأول "محمد مرسى" والثانى "أحمد عبد العاطى- مدير مكتب المعزول"، والثالث "أمين الصيرفى – سكرتير الرئيس المعزول"، فضلاً عن المتهمين الخامس والثامنة، من حصولهم على سر من أسرار الدفاع عن البلاد بقصد تسليمه وإفشائه إلى دولة أجنبية (دولة قطر) ومن يعملون لمصلحتها، فإن الأمر مؤثم بالمادة (80) من قانون العقوبات والتى تنص على أن " يعاقب بالإعدام كل من سلم لدولة أجنبية أو لأحدٍ ممن يعملون لمصلحتها أو أفشى إليها أو إليه بأية صورة وعلى أى وجه وبأى وسيلة سرًا من أسرار الدفاع عن البلاد أو توصل بأية طريقة إلى الحصول على سر من هذه الأسرار بقصد تسليمه أو إفشائه لدولة أجنبية أو لأحد ممن يعملون لمصلحتها وكذلك كل من أتلف لمصلحة الدولة الأجنبية شيئًا يعتبر سراً من أسرار الدفاع أو جعله غير صالح لأن ينتفع به".
وورد بالحيثيات: هذه الجريمة تتطلب ركنًا ماديًا يتمثل فى الحصول على السر، أى التوصل إليه، والتمكن من حيازته بأى وسيلة وعلى أى وجه، وذلك بالإضافة إلى ركنها المعنوى الذى يتمثل فى أن الجانى هو خائن أو جاسوس يسعى للاستحواذ عليه بأية طريقة بقصد تسليمه أو إفشائه لدولة أجنبية، ولذلك فقد اكتفى القانون فى تمام مادية الجريمة مجرد الحصول على السر، متى قامت هذه النية لدى الجانى، حتى ولو لم يحصل تسليمه أو إفشائه للدولة الأجنبية فعلاً .
والقصد الجنائى فى هذه الصورة خاص، فيجب فوق علم الجانى بأنه يتوصل إلى الحصول على سر للدفاع أن تكون غايته من وراء ذلك تسليم السر إلى دولة أجنبية أو إلى أحد ممن يعملون لمصلحتها، ولا عبرة بعد ذلك بالبواعث الدافعة له على ارتكاب الفعل، ولم يُفرق المشرع فى استحقاق العقاب بين من حصل على السر ومن توسط فى توصيله إلى الدولة الأجنبية أو من يعمل لمصلحتها، وجاء نصًا عامًا حين ذكرت تسليم سر من أسرار الدفاع عن البلاد بأية صورة وعلى أى وجه وبأية وسيلة لدولة أجنبية أو لأحد مأموريها أو لشخص آخر يعمل لمصلحتها.
لما كان ذلك وكان القصد الجنائى فى هذه الجريمة هو قصدٌ خاص، فيجب فوق علم الجانى بأنه يتوصل إلى الحصول على سر من أسرار الدفاع أن تكون غايته من وراء ذلك تسليم السر إلى دولة أجنبية أو إلى أحد ممن يعملون لمصلحتها، ومع التسليم بتوصل المتهمين إلى الحصول على وثائق ومستندات تحوى أسرار الدفاع على نحو ما أشارت إليه المحكمة سلفاً، إلا أن الأوراق جاءت خلوًا مما يشير بيقين إلى أن حصولهم على تلك الأوراق كان بقصد تسليمها إلى دولة قطر أو إلى من يعملون لمصلحتها، فلم يثبت على وجه القطع حدوث اتصال مباشر أو غير مباشر بين أى من المتهمين الخمسة سالفى الذكر، وبين أى ممن يعملون لمصلحة الدولة الأجنبية (قطر)، بحيث يكون حصوله على تلك المستندات بقصد تسليمها إليهم.
ومن ثم فقد انتفى الركن الخاص بهذه الجريمة، وتكون قد فقدت ركنًا من الأركان اللازمة لانطباق النص القانونى على هذا الفعل، ولا يقدح فى ذلك ما ورد بالتحريات من أنه صدرت تعليمات من التنظيم الدولى للإخوان إلى المتهمين محمد محمد مرسى العياط (الأول)، وأحمد محمد محمد عبد العاطى(الثانى)، وأمين عبد الحميد أمين الصيرفى (الثالث) بنقل الأوراق والوثائق والتقارير الخاصة بمؤسسة رئاسة الجمهورية والواردة إليها من الجهات السيادية بالبلاد، إذ أن ذلك جاء مرسلاً لم يقم عليه دليل يؤيده، فالتحريات تكون معززة لغيرها من الأدلة وليست دليلاً بذاتها على ثبوت واقعة معينة، ولا ينال من جديتها ولا يعيبها ولا ينال منها تجزئة المحكمة لها وعدم التعويل على جزء منها لعدم قيام دليل آخر بالأوراق على صحة ما ورد بهذا الجزء منها.
وإذ كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع تقدير الأدلة واستخلاص ما ترى أنها مؤدية إليه من براءة أو إدانة بغير معقب عليها فى ذلك، وهى ليست ملزمة فى حالة البراءة أن ترد على كل دليل من أدلة الاتهام، وفى إغفال التحدث عن بعض هذه الأدلة ما يفيد أنها أطرحته.
وإذ كان ما تقدم، وكانت المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها، فإنها تقضى ببراءة المتهمين سالفى الذكر من هذا الاتهام لعدم كفاية أدلة الثبوت التى قام عليها.
يٌذكر أن "مرسى" قد قٌضى بمعاقبته بالسجن المؤبد والسجن لخمسة عشر عاماً، على اتهامين آخرين ضمتهم قائمة اتهاماته بالقضية.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد شيرين فهمى، وعضوية المستشارين أبو النصر عثمان، وحسن السايس، وسكرتارية حمدى الشناوى.