الواقع والحقيقة يؤكدان أن هناك أيام قلائل تفصلنا عن تنفيذ خطة وزارة الداخلية ووزارة العدل بشأن أزمة كتابة محاضر جمع الإستدلالات التى تحررها وزارة الداخلية بمعرفة أقسام الشرطة، التى يدونها أمناء الشرطة وتحقيقات النيابة العامة التى يدونها سكرتارية تحقيق ومحاضر الجلسات التى يدونها أمناء السر الذين لا يزالون يكتبون بـ«خط اليد» .
وفى واقع الأمر، أن المحامين والمتقاضين عانوا كثيراَ ولا يزالون يعانون من مسألة افتقار المحاضر إلى كثير من المرجعية القانونية، التي تساعد جهات التحقيق اللاحقة في هيئة التحقيق والادعاء العام والجهات الإجرائية والضبطية الأخرى من قراءة تلك المحاضر، وفق معايير علمية وشرعية وقانونية تعتمد على مرجعية مقررة ومعتمدة، وتستند إلى نظام الإجراءات الجزائية المعمول به حالياً، فضلاَ عن مسألة التلف والضياع والتعديل التى تتعرض لها .
فقد، أعلن اللواء صلاح الدين فؤاد مساعد وزير الداخلية لقطاع حقوق الإنسان، منذ عدة أيام أن هناك خطة تطوير متدرجة لأقسام الشرطة وفقًا للمواصفات الدولية، بخصوص مسألة كتابة المحاضر على الكمبيوتر من خلال نموذج واحد لحادث "السرقة، والقتل، والاغتصاب"، حيث توجد أسئلة ثابتة يتم وضع الإجابات فقط لها من خلال سؤال الشاكى أو المتهم، وترسل للنيابة والتى ترد فى الحال وتصدر القرارات لسرعة إنجاز المهام.
كما انتهت وزارة العدل برئاسة المستشار حسام عبد الرحيم وزير العدل رسميا من خطة ميكنة المحاكم على مستوى الجمهورية لتطبيق الإدارة الفعالة ودور التكنولوجيا فى تطوير إجراءات التقاضى، وتفعيل منظومة فرض وإنفاذ القانون بجميع محاكم مصر .
يرى العديد من الخبراء القانونيون أن الصفحات الورقية تعتبر قابلة للتلف والضياع، وذلك لعدم استخدام واستثمار التقنية الإلكترونية في تدوين محاضر التحقيق، وبالتالي فإن وجود هذا التفاوت والنقص في المعلومة والآلية قد يعطي فرصة لمرتكبي المخالفات والجرائم للهروب من العقوبة، وضياع حقوق أصحاب الدعاوى .
كما أن العديد من أمناء الشرطة المتواجدين داخل الأقسام يفتقرون إلى حسن الخط، والإحاطة باللغة وبعض العبارات وما تؤدي إليه، ومن هنا قد تكون القضية لم تأخذ حقها، مما يصعب كثيراً عمل هيئة التحقيق، لأنّه ليس من مهام الهيئة الوقوف على مواقع الأحداث والجرائم بعد انتهائها أو ارتكابها، إلاّ إذا كان من شأن ذلك إضافة أمر هام إلى الدعوى، من حيث تركيز الإدانة من عدمها.
يقول محمد عثمان، نقيب محامين شمال القاهرة السابق، أن من الوسائل المهمة التي يجب اتباعها استخدام التكنولوجيا الحديثة، مؤكداَ أن كل البلاد العربية الآن تستخدم هذه التكنولوجيا خلال إجراء المعاينات، خاصة فيما يتعلق بالشقين المادي والفني، وكذلك القولي، فلا يتم عمل أي شيء بدون استخدام الكمبيوتر، والذي بات استخدامه الآن ضرورة ملحة لسرعة إنجاز سير التحقيقات والمعاينات، مضيفاَ أن فك رموز حجر رشيد أسهل أحياناَ من حل ألغاز المحضر .
وأضاف "عثمان" فى تصريح لـ"انفراد" أنه لابد من حُسن اختيار القائمين علي وظيفة سكرتير الجلسات وكذلك أمناء الشرطة المكلفين بكتابة المحاضر، في ضرورة أن يكون من أصحاب الخطوط المقروءة، بدلاً من وقوع معظم سكرتيري الجلسات في الكثير من الأخطاء وعلي رأسها الأخطاء الإملائية بالإضافة إلي رداءة الخطوط، مشيراَ الى أن استخدام الثورة التكنولوجية في التحقيقات والمعاينات التي تجريها النيابة، بات من الأهمية بمكان في هذا الزمن، لضمان سرعة انجاز سير التحقيقات وعدم الوقوع في أخطاء أهمها علي الاطلاق وجود قصور في الأدلة.
كما قال على أيوب المحامى، صاحب دعوى بطلان اتفاقية تيران وصنافير، أن مركز المعلومات القضائى بوزارة العدل وكذلك مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء قد أعد كلاً منهما دراسة فنية انتهت إلى استخدام الحاسب الآلى فى كتابة مسودة الأحكام لا يؤثر على سرية المداولة وإنه يؤدى إلى سهولة التحرير والمراجعة والتعديل قبل طباعة المسودة بجانب توفير أكبر فرصة للقاضى للتأمل الهادئ فى الموضوع الذى يعالجه وإن استخدام القاضى لجهاز الكمبيوتر فى كتابة مسودة الحكم لا يعدو أن يكون مجرد وسيلة من وسائل الكتابة لترجمة ما استقر فى وجدانه، فالقلم والكمبيوتر كلاهما وسيلة للتعبير، ولن تتغير طبيعة المسودة وسريتها إنها كتبت بخط اليد أم على الآلة الكاتبة أو على الحاسب الآلى لأن السرية ليس لها علاقة بوسيلة الكتابة .
وتابع "أيوب" فى تصريح لـ"انفراد": "تتوقف على إفشاء سر المداولة من أحد القضاة الذين حضروا المداولة ووقعوا على المسودة وأنه فى حالة استخدام القاضى لجهاز الحاسب الآلى فى كتابة المسودة ، حيث توجد برامج للسرية تمنع غيره من الاتصال أو الاطلاع أو استرجاع ما سطره بمسوده الحكم مادام هو الذى يستخدمه بنفسه ويستحيل على غيره أن يطلع على ما دونه على حاسبه بدون استخدام كلمة السر التى لا يعلمها غير القاضى" .
بينما، أكد أسامة الطويل، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن تجربة وزارة الداخلية لا تزال قيد الإقتراح لتوحيد الأسلوب فى الكتابة والصياغة، مشيراَ الى أن التجربة قد تكون صعبة فى بادئ الأمر إلا أنها ستنجح عند تنفيذها .
وأضاف "الطويل" فى تصريح لـ"انفراد" أن المواطن هو المستفيد الرئيسى من تطبيق مثل هذة التجربة المُطبقة فى معظم دول العالم .