ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن القمة العربية الأوروبية التى انعقدت بشرم الشيخ تحت عنوان "الاستثمار فى الاستقرار" على مدى يومى 24 و25 فبراير الجارى، تؤسس لآلية جديدة للفوز المشترك، وتسلط الضوء على رغبة الجانبين فى تكثيف العمل المشترك تحقيقا للاستقرار والتنمية فى المنطقة انطلاقا من ملفين رئيسيين، وهما: مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب.
وأضافت الوكالة - فى تقرير بثته اليوم الثلاثاء، أن أول قمة للجامعة العربية والاتحاد الأوروبى، والتى عقدت فى مصر ذات الدور المهم والثقل فى المنطقة، شكلت حدثا رفيع المستوى على نحو غير مسبوق مع مشاركة قادة دول عربية وأوروبية فيها، من بينهم العاهل السعودى وأمير دولة الكويت والرئيس التونسى والمستشارة الألمانية ومستشار النمسا ورئيس المجلس الأوروبي، كما أنها رسمت مسارا جديدا للتنسيق والحوار بين العالم العربى وأوروبا حول قضايا فى غاية الأهمية.
ووصفت القمة بأنها "قمة الفوز المشترك"، مشيرة إلى أنه نظرا للقرب الجغرافى بين الوطن العربى وأوروبا يصعب على أى من الجانبين أن يقوم بمفرده بحل مشكلتى الإرهاب والهجرة غير الشرعية اللتين كانتا من أبرز الملفات الحاضرة فى القمة، إذ أن معالجتهما تتطلب تأسيس آلية للتبادل والتواصل من أجل مواجهة هاتين القضيتين اللتين تشكلان تهديدا لاستقرار المنطقة وأمنها.
وقال ما شياو لين الأستاذ فى جامعة الدراسات الأجنبية ببكين "إن الجانبين العربى والأوروبى تربطهما علاقات وثيقة ومصالح مشتركة، ويحتاج كل منهما للتعاون مع الآخر، منوها إلى أهمية قيام أوروبا بضخ استثمارات فى الوطن العربى على نحو يسهم فى انتعاش اقتصادات بلدان المنطقة وتحقيق استقرارها وتحسين معيشة شعوبها، وهى ثلاثة أمور متصلة اتصالا وثيقا بالأمن الأوروبى".
وأضاف أن الهجرة غير الشرعية مشكلة ذات اهتمام مشترك فى المنطقتين، فبسببها خسرت بلدان عربية أعدادا كبيرة من العمال الشباب النازحين، فيما واجهت أوروبا مشكلات أحدثت شقاقا وأضعفت من درجة الوحدة الأوروبية، مؤكدا أن الاستقرار من العوامل الجوهرية للقضاء على مشكلة الهجرة غير الشرعية من جذورها.
وأوضح أن معظم اللاجئين غير الشرعيين فى أوروبا جاءوا من بلدان عانت من اضطرابات وحروب وترد فى الأوضاع المعيشية، وأن تعزيز التنسيق والتعاون بين الجانبين الأوروبى والعربى سيسهم فى تحقيق الأمن والنمو الاقتصادى كونهما متصلان اتصالا وثيقا بالتنمية، ومن ثم معالجة مشكلة الهجرة غير الشرعية.
وحول مكافحة الإرهاب التى تدخل مرحلة جديدة بعد هزيمة تنظيم (داعش) الإرهابى فى العراق وسوريا، قال الأستاذ فى جامعة الدراسات الأجنبية ببكين "إن تركيز القمة على هذا الموضوع يعبر عن مدى ضخامة التحدى الذى تشكله آفة الإرهاب وضرورة سعى الجانبين معا إلى القضاء عليها، محذرا من أى تدخل يمكن أن تقوم به قوى خارجية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، وكذلك من اتخاذ العناصر الإرهابية ورقة مساومة سياسية".
واتفق ليو تشونغ مين مدير مركز دراسات الشرق الأوسط فى جامعة الدراسات الدولية بشنغهاى مع ما ذهب إليه لين، حيث أكد أن القمة تمثل نقطة انطلاق للعمل العربى الأوروبى على دفع الإصلاحات الاقتصادية فى الدول العربية، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتحقيق التنسيق والتعاون بين قوات الجيش والشرطة فى الجانبين.
ويرى الخبيران الصينيان أنه مع اتفاق الزعماء الأوروبيين والعرب على إقامة الدورة الثانية من القمة العربية الأوروبية فى عام 2022 ببروكسل، فإن ملامح آلية جديدة للتنسيق والتواصل تتشكل بين الجانبين.
ولفت مدير مركز دراسات الشرق الأوسط فى جامعة الدراسات الدولية بشنغهاى إلى أن الاتحاد الأوروبى حاول مرات عديدة قبل هذه القمة إنشاء نوع من التواصل بين الدول العربية والأوروبية المطلة على البحر الأبيض المتوسط للتغلب على التحديات المشتركة، ولكنه لم يخرج بنتائج بارزة.
وأضاف "ولكن هذه المرة، من المتوقع أن تصبح القمة آلية جديدة تحفز التبادل التجارى والتعاون الاقتصادى بين الجامعة العربية والاتحاد الأوروبى لتحقيق التكامل بين الجانبين، مشيرا إلى أن ما تحظى به أوروبا من تقنيات تكنولوجية وخبرات إدارية وتمويل يمكن أن يفيد المنطقة العربية، وفى المقابل يمكن أن تعمل الدول العربية على تأمين توفير الطاقة لأوروبا".
وأوضح أن مواجهة المنطقة العربية من ناحية لأزمة تصدير النفط مع تقليل الولايات المتحدة اعتمادها على المنطقة فى استيراد الطاقة إلى جانب انخفاض أسعار النفط منذ عام 2014، واحتياج أوروبا من ناحية أخرى لمزيد من واردات الطاقة من العالم العربي، وخاصة فى ظل المعوقات التى يشهدها الاتفاق النووى الإيراني، فإن التكامل يبدو واضحا بين الجانبين فى هذا الصدد.
وحول المستقبل، يرى الخبيران الصينيان أهمية تضافر عمل جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبى بما يصب فى صالحهما المشترك، لاسيما عندما تعمل القمة العربية الأوروبية كآلية طويلة المدى تضع خططا وأهدافا محددة وتجسدها على أرض الواقع.