يحيى العالم، غدًا الاثنين، الذكرى الخامسة والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، والذى يصادف الاحتفال باليوم العالمى لمكافحة التصحر والجفاف لعام 2019 تحت شعار "لننمى المستقبل معا"، حيث يسلط الضوء على التقدم الذى أحرزته البلدان فيما يتصل بالإدارة المستدامة للأراضى.
ويؤدى التصحر إلى بور 120 ألف كيلومتر مربع من الأراضى فى العالم كل عام، أى ما يعادل نصف مساحة المملكة المتحدة، وتنتشر ظاهرة تدهور الأراضى هذه فى المناطق الجافة التى تمتد على 40% من مساحة الكرة الأرضية ويقطنها مليارا نسمة.
ويمثل التصحر كارثة تتواصل بصمت وتؤدى إلى عواقب وخيمة على الطبيعة والنساء والرجال الذين يعيشون فى المناطق المتضررة منه، أى تدمير نظم إيكولوجية كاملة، وتسريع وتيرة تغير المناخ، وإعاقة التنمية، وارتفاع معدلات الفقر فى البلدان المعرضة بيئتها للخطر، وأشارت أمانة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى احتمال هجرة 135 مليون شخص فى العالم بحلول عام 2030 بسبب تدهور أراضيهم، وتتركز القضايا الرئيسية لحملة هذا العام فيما يلى:
* الأراضى والجفاف: أنه بحلول عام 2035 سيعانى 1.8 مليار فرد من ندرة المياه ، وسيعيش ثلثا سكان العالم فى ظروف الإجهاد المائي. وهناك كذلك الخطر الطبيعى والمعقد والبطيئ الذى ترافقه آثار بيئية واقتصادية واجتماعية كبيرة يمكن أن تتسبب فى مزيد من الوفيات وتشريد أناس أكثر عددا من أى كارثة طبيعية أخرى.
* الأرض والأمن البشري: بحلول عام 2045، سينزح زهاء 135 مليون فرد بسبب التصحر، ولتحقيق حياد أثر تدهور الأراضي، سواء عن طريق إصلاح الأراض المتدهورة بالفعل، أو توسيع نطاق الإدارة المستدامة للأراضى وتسريع مبادرات الاستعادة هو السبيل لتحقيق أكبر قدر من المرونة والأمن للجميع.
* الأرض والمناخ: إن استعادة تربة النظم الإيكولوجية المتدهورة ستمكن من تخزين ما يصل إلى 3 مليارات طن من الكربون سنويا، ويمثل قطاع استخدام الأراض زهاء 25 % من إجمالى الانبعاثات، وبالتالى فإن إعادة تأهيل ذلك القطاع وإدارته إدارة مستدامة هو أمر بالغ الأهمية لمكافحة تغير المناخ.
وكانت الجمعية العامة قد اعتمدت القرار 115/49 فى ديسمبر 1994، باعتبار يوم 17 يونيو للاحتفال باليوم العالمى لمكافحة التصحر والجفاف، لأن التصحر والجفاف من المشاكل ذات البعد العالمى حيث إنهما يؤثران على جميع مناطق العالم، وأن العمل المشترك من جانب المجتمع الدولى ضرورى لمكافحة التصحر والجفاف، وبخاصة فى أفريقيا.
والغرض من هذا اليوم العالمى هو تعزيز الوعى العام بتدهور الأراضى وجذب الانتباه إلى تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، ولتحقيق أقصى قدر من التأثير، تدعو أمانة اتفاقية مكافحة التصحر جميع الدول ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية وأصحاب المصلحة إلى لفت الانتباه إلى قضايا الأراضى وتثقيف الجمهور بشأن الأساليب الفعالة لتحقيق حياد تدهور الأراضى من خلال الأفلام الوثائقية وتنظيم المؤتمرات واجتماعات المائدة المستديرة والحلقات الدراسية والمعارض المتعلقة بالتعاون الدولى لمكافحة التصحر وآثار الجفاف.
وقد اختير يوم 17 يونيو، حيث يمثل التاريخ الذى اعتمدت فيه الجمعية العامة اتفاقية مكافحة التصحر، وهو الاتفاق الدولى الوحيد الملزم قانوناً الذى يربط البيئة والتنمية بالإدارة المستدامة للأراضي، ويتناول على وجه التحديد المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة شبه الرطبة، المعروفة باسم الأراضى الجافة، حيث يوجد بعض النظم الإيكولوجية والشعوب الأكثر ضعفاً، ويعمل الأطراف فى الاتفاقية وعددهم 195 طرفاً من أجل تحسين الظروف المعيشية للناس فى الأراضى الجافة، والحفاظ على إنتاجية الأراضى والتربة واستعادتها، والتخفيف من آثار الجفاف.
واتفاقية مكافحة التصحر ملتزمة بشكل خاص بنهج من القاعدة إلى القمة، وتشجع مشاركة السكان المحليين فى مكافحة التصحر وتدهور الأراضي، وتيسر الأمانة التعاون بين البلدان المتقدمة النمو والبلدان النامية، ولاسيما حول المعرفة ونقل التكنولوجيا من أجل الإدارة المستدامة للأراضى، وبما أن ديناميات الأرض والمناخ والتنوع البيولوجى ترتبط ارتباطاً وثيقاً، فإن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر تتعاون تعاوناً وثيقاً مع اتفاقيتى ريو الأخريين، واتفاقية التنوع البيولوجي، واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، لمواجهة هذه التحديات المعقدة بنهج متكامل واستخدام الموارد الطبيعية على أفضل وجه ممكن.
والتصحر ظاهرة تصنف بين أكبر التحديات البيئية فى عصرنا ولكن معظم الناس لم يسمعوا عنه أو لا يفهمونه، وعلى الرغم من أن التصحر يمكن أن يشمل تعدى الكثبان الرملية على الأرض، إلا أنه لا يشير إلى تقدم الصحارى، وبدلاً من ذلك، فإن السبب فى تقدم الصحارى هو التدهور المستمر للنظم الإيكولوجية للأراضى الجافة بسبب الأنشطة البشريةبما فى ذلك الزراعة غير المستدامة، والتعدين، والرعى الجائر، وقطع الأراضى بوضوح وتغير المناخ.
والتصحر، يحدث عندما يتم إزالة الشجرة والغطاء النباتى الذى يربط التربة، ويحدث ذلك عندما يتم تجريد الأشجار والشجيرات من الحطب والأخشاب أو لتطهير الأرض للزراعة، تأكل الحيوانات الأعشاب والتربة السطحية مع حوافرهم، الزراعة المكثفة حيث تستنزف العناصر الغذائية فى التربة، ويؤدى تعرية الرياح والماء إلى تفاقم الضرر حيث تُحمل التربة السطحية ويترك وراءها مزيجاً من العقم والرمل، هذا هو مزيج من هذه العوامل التى تحول الأراضى المتدهورة إلى الصحراء.
وتشير تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2018، أن التصحر يعتبر قضية عالمية لها آثار خطيرة على حياة البشر واقتصادهم، إذ يهدد التصحر سبل عيش أكثر من مليار شخص يقيمون فى 100 بلد ، كما أنه يؤثر على رفاهية الأشخاص وعلى الوظيفتين الأساسيتين للأرض، وهما إنتاج المواد الغذائية الأولية وإعادة تدوير المغذيات، والتصحر هو النتيجة الحتمية لتأثير تدهور الأراضى على المناطق القاحلة، أما الجفاف فيتعلق بتوافر المياه أو ندرتها.
ووفقاً لسيناريو تغير المناخ، سيعيش، فى عام 2030، ما يقارب من نصف سكان العالم فى مناطق تعانى من ندرة المياه بصورة كبيرةن وتشير الأرقام الصادرة عن المنظمات الدولية بوضوح إلى المخاطر التى يحتمل أن يواجهها كوكب الأرض مستقبلاً، إذ تضم الأراضى الجافة 50% من الثروة الحيوانية عالمياً، وتمثل 44% من الأراضى الصالحة للزراعة وتضم 46% من احتياطى الكربون العالمى.
وقد نبهت الدراسات الدولية إلى ضرورة زيادة إنتاج الغذاء العالمى بنسبة 70% بحلول عام 2050، وقالت إن الدول ذات الأراضى الجافة ستكون أكثر عرضة للأزمات الغذائية فى المستقبل، ما لم يتم التدخل المبكر لمعالجة الجفاف والتصحر بالإجراءات والخطوات العملية المطلوبة قبل فوات الأوان.
وتشير البيانات الصادرة عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر فى البلدان التى تعانى من الجفاف الشديد أو التصحر، إلى أن هذه الظاهرة تفاقمت بشكل كبير، حيث طال التصحر اليوم 168 دولة، فى حين كانت فى التسعينات 110 دولة فقط، بينما يقدر عدد الأشخاص الذين يعانون من العواقب بشكل مباشر، بنحو 850 مليون شخص.