قالت وكالة "أسوشيتد برس" إن عمليات التنقيب عن الذهب والمعادن يمكن أن تمثل نعمة لمصر فى الوقت الراهن الذى تحتاج فيه إلى العملة الأجنبية وتوفير فرص عمل للسكان، مشيرة إلى أن التكنولوجيا الحديثة تسهل عمليات الحفر لمساحات عميقة للغاية.
ويرى عمال المناجم والخبراء بحسب تقرير الوكالة الأمريكية، الخميس، أن التشريعات الحالية لا تمنح ما يكفى من الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية، وقال مارك كامبل، رئيس شركة ألكسندر النوبة الكندية للتنقيب، إن التعدين بدأ فى مصر منذ 5 آلاف سنة، مشيرًا إلى أن التنقيب عن الذهب والمعادن فى مصر اليوم فى ظل التكنولوجيا الحديثة بات أسهل.
وتحدد الشركة الكندية ستة مواقع محتملة للتعدين فى الصحراء الشرقية فى منطقة تشغلها الوديان القاحلة وصخور السربنتين الوردية المعروفة باسم الدرع العربى النوبى، التى تمتد جنوبًا إلى إريتريا وشرقًا إلى المملكة العربية السعودية، ويقول التقرير إنه بينما تم تنقيب بقاع التعدين هناك فى العصور الماضية من قبل الفراعنة والرومان حتى المستعمرين البريطانيين، فإن المواقع لا تزال زاخرة بالذهب فى أعماق بعيدة وبات يمكن استخراجه بالآلات الثقيلة، وفى الوقت الحالى، يجرى فريق كامل أعمال حفر لعينات يتم إرسالها للتحليل فى رومانيا.
وتوضح الأسوشيتد برس أن الذهب لا يمكن دائمًا رؤيته بالعين المجردة، وتضيف أن المنطقة واعدة بما يكفى للفريق المكون من 20 مستكشفًا ومختصًا لافتتاح أول منجم جديد فى مصر بحلول عام 2019.
ويقول الخبراء إن قطاع التعدين فى مصر راكدًا إلى حد كبير، إذ أنه ضحية لسياسات عفا عليها الزمن. وعلى الرغم من بعض الإصلاحات التى دخلت حيز التنفيذ العام الماضى وسط وعود الحكومة بخلق قوانين استثمارية أكثر ملائمة، فإن التشريعات الخاصة بالتعدين لا تزال بعيدة عن المعايير الدولية، وقد فشلت محاولات الحكومة لجذب الاستثمار الأجنبى إلى حد كبير.
وقال يوسف الحسينى، المحلل بقسم التعدين لدى مجموعة هيرمس المالية، إن الإعداد المثالى هو حق الانتفاع والضرائب بدلاً من حق الانتفاع وحصة الأرباح كما هو الوضع فى الوقت الراهن، مشيرًا إلى أن النظام الحالى يجبر شركات التعدين على دفع ما لا يقل عن نصف أرباحها للدولة بالإضافة إلى حق انتفاع سنوى استنادًا إلى أرقام المبيعات، بينما فى معظم البلدان الأخرى تتراوح الضرائب المفروضة على الشركات فى قطاع التعدين بين 25-50%.
وعلق مارك تايلر، مصرفى استثمارى ببنك فى لندن، إن مصر تحتفظ بتاريخ طويل من التعدين لكن على نطاق ضئيل، وهذا مؤشر جيد بأنه لا تزال هناك معادن فى المنطقة، ومع ذلك، أضاف تايلر، إن القوانين المنظمة للصناعة قاسية.
وتشير الأسوشيتد برس أن الاستثناء الوحيد فى مصر هو منجم السكرى، الذى زادت أرباحه فى السنوات الأخيرة. وعقدت شركة "سنتامين" المطورة للمنجم اتفاقًا خاصًا تمت الموافقة له من قبل البرلمان خلال حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، لكن مع قيام ثورة يناير وصعود الإخوان المسلمين للسلطة، شهدت عمليات التعدين فى المنجم اضطرابات، وتم تعليق رخصة الشركة بالعمل فيه خلال حكم محمد مرسى.
ولا تزال قضية منجم السكرى عالقة فى المحكمة حيث من المقرر البت فيها نهاية مايو المقبل. وتعتقد شركة "سنتامين" أنها فى وضع جيد، بالنظر إلى تشريع جديد يعزز حقوق الملكية.
وتقول الأسوشيتد برس إن منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى، فإنه وعد بحكومة ملائمة للأعمال التجارية من شأنها حماية وترشيد الاستثمارات، وهو ما دفع شركة "سنتامين" للتفاؤل.
وتحدثت الحكومة الحالية عن مشروع "مثلث الذهب" الخاص بتطوير المنطقة، وهو أحد المشروعات الضخمة التى تشعل النمو الاقتصادى السريع. غير أن إصلاحات قانون الاستثمار التى أعلنتها الحكومة فى 2015، لم تدخل نطاق التنفيذ حتى الآن وما زال المستثمرون يشكون من الروتين الذى لا نهاية له.
وتخلص الوكالة الأمريكية تقريرها مشيرة إلى أن اللاعبين الحاليين فى صناعة التعدين داخل مصر متفائلين بشدة. فكلا من كامبل ورئيس مجلس إدارة سنتامين، جوزيف الراجحى، يتصوران مستقبلاً واعدًا مع تطوير مناجم جديدة فى أنحاء مصر.
ووصف كامبل، الذى أشرف على التعدين والتنقيب عن النفط فى 12 بلدًا خلال سنوات ماضية، مصر بأنها "ديزنى لاند" مشيرًا إلى أنها أرض طيبة للغاية من الناحية الجيولوجية.
وأضاف ليونارد كار، الخبير الجيولوجى بشركة كامبل، عمل طيلة 36 عامًا فى صناعة التعدين والذى قام بجولة فى الصحراء الشرقية، أنه حال وضع تشريعات أكثر ملائمة، فستكون هناك العشرات من الشركات العاملة فى أنحاء المنطقة.