تعودنا فى أحوال بلادنا أن نتعامل مع الحدث أو الفعل بعد وقوعه، ففى كل مره تحدث حادثه طريق يخرج علينا المحللين وأصحاب الرأى بإنه كان شئ متوقع نظرا لوضع الطريق السئ أو المخالفات المرورية أو كفاءة الانشاء والكبارى، وكأن كل هذه الأشياء حدثت فى تاريخه وليست تراكمات، ويخرج علينا أيضا كثيرون ينددون ويشجبون بحوادث الاٍرهاب، وكأنهم لا يعلمون أننا أوينا الارهابيين منذ عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وفى احيانا اخرى نجد الكثير مستاء من ملفات الفساد والكسب الغير مشروع والرشاوى.
هناك أيضا ملف الصحة الذى يعلم الكل بلا استثناء مدى تدهور المستشفيات والخدمات الصحية بشكل عمومى فى بلادنا، والغريب أن الغالبيه العظمى تتعايش مع كل هذه المشاكل بشكل تلقائى، وكأن هذا هو الطبيعى حتى يحدث حادث أو كارثة أو مشكلة، وهنا الجميع يتصرفون بكم عال من التوتر مما يؤدى الى اتخاذ قرارات خاطئة او متهورة قد تسئ من الوضع عامة او قد تفجر مشاكل اخرى كنّا فى غنى عنها.
دائما كنت أسأل نفسى لماذا يتقدم الغرب عن بلادنا رغم ذكاء عقول اولادنا المشهود به فى العالم اجمع، وهنا فقط ادركت أن هذه الشعوب لا تنتظر الأزمات حتى تقع لكنهم يتعاملون بشكل مستمر على الاستعداد فى حل الأزمات (سياسه الصيانة الوقائية)، وهنا يحضرنى مثالاً عشته بنفسى فى صعيد مصر، حين ضرب مصر زلزال قوى مصر فى أوائل التسعينيات، فقد أصيب أحد اصدقائى بنزيف حاد وارتجاج فى المخ لأنه دُهس تحت ارجل التلاميذ بل والمعلمين ايضا حين اضطر كل منهم الهرب لحياته، وكاد هذا الزميل ان يفقد حياته فقط بسبب سياسة رد فعل الغير حيث اننا لم ندرب على التعامل مع تلك المواقف.
على النقيض فى الولايات المتحدة الامريكية يتم التدريب فى المدارس والمؤسسات على إخلاء المبانى فى أوقات قياسيه للتدريب على الاخلاء السريع والمنظم فى حاله الحرائق الحقيقية، حيث يعلم كل شخص أين أقرب باب خروج وكيف يساعد الآخرين على الخروج فى حال الطوارئ، وكنت احيانا اسخر منهم واعتبرهم يعطون الأمور اكثر من حجمها، لكنى سرعان ما ادركت انى كنت مخطأً ففى يوم ١١ سبتمبر نجا الكثير من موظفى مبنى التجاره العالمى بنيويورك بسبب تدريباتهم السابقة للهروب فى حال الحريق او الطوارئ فمن كان يعلم ان برجان بهذه القوة والشموخ ينهارا بهذا الشكل.
لقد ذكرت الحريق كمثال للتوضيح فقط لكن هناك امثله كثيرة للأسف نتعامل معها بسياسة رد الفعل، فقد أيدت ثورة ٢٥ يناير قلباً وقالباً ولكنى أردت ان أعطى الرئيس الأسبق مبارك الفرصه كما أراد وأعتقد انه كان لابد منحه فرصه الستة أشهر التى طال بها لتسليم السلطة بشكل سلمى، وكنّا قد تفادينا موت ابرياء كثيرين كما تفادينا السنه المظلمة لحكم الاخوان وهذا نتيجة سياسة رد فعل الغير محسوبة.
فى السنوات الثلاث الاخيرة رأينا تخريب متعمد لبعض دول الشرق الأوسط وللأسف وقعت كثير من الدول مثل العراق وسوريا وليبيا فى الفخ نتيجة سياسة اللحظه وقله الخبره فى التعامل مع الأزمات، أعلم بالطبع انه كان هناك عده عوامل لكنى اريد ان اركز على سياسة اللحظه و سياسات رد الفعل، ارى ايضا وزراء ومسئولين فى الحكومات السابقة يخرجون علينا بتبريرات غير منطقيه او معقولة للرد على مشاكل واضحة وكأنهم يخاطبون شعب بلا عقل او فكر، وهذا ايضا وليد التعامل مع الطوارئ بسياسة اللحظه ورد الفعل الغير محسوب.
هدفى الذى أرجو تحقيقه هو ان نتعلم سياسة الفعل وليس رد الفعل، أؤمن ان الانسان يستطيع بقدراته ان يخلق المحيط الذى حوله فالإنسان له حرية الارادة وقد يستخدم هذه الحرية فى ان يخلق حوله مناخ يستطيع من خلاله ان يخطط للمستقبل حتى لا يضطر للجوء لسياسة رد الفعل بل يكون متحكّما فى الفعل نفسه.
أرجو من أعضاء ومسئولى الحكومة ان يتبنوا فكرة الفعل وليس رد الفعل، والقرار المدروس وليس القرار وليد اللحظه، وإذا نجحنا فى هذا فسوف ننجح فى إدارة الأزمات حينما وجدت، وسوف نرتقى بمصرنا الحبيبه فى هذا الوقت المهم.
تحيا مصر