كشف مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية عن خطورة تمدد تنظيم القاعدة واستفادته من اتجاه أنظار العالم نحو تنظيم "داعش"، وتركيزه على القضاء عليه، لفتح معسكرات تدريب جديدة لتصبح أرضية خصبة لتفريخ مزيد من عناصر القاعدة الإرهابيين، وإعادة العلاقة مع التنظيمات المحلية القريبة منها.
وشدد مرصد الإفتاء في تقرير جديد له بعنوان "القاعدة وداعش .. طبيعة العلاقات ومستقبلها" أن العلاقة بين القاعدة وداعش باتت معقدة ومرتبطة بالعديد من المتغيرات الأيديولوجية، والسياقات الإقليمية والدولية، إلا أن التحالف بين التنظيمين قد يكون غير مستبعد خاصة مع نجاح الضربات العسكرية في إضعاف تنظيم "داعش" وإفقاده الكثير من قواته وموارده، وهو أمر يمكن أن يدفع التنظيم إلى التحالف مع القاعدة لمواجهة الهجمات التي يتعرض لها، وأيضًا لتخفيف الضغوط عليه وتشتيتها بين مقاتليه ومقاتلي القاعدة.
وأوضح التقرير أن الخلاف الأيديولوجي وصراع النفوذ بين تنظيمي القاعدة و"داعش" سيبقى ما بقي التنظيمان يتنافسان على الساحة، ولم تحدث بينهما حالة من التوافق والتحالف، وهو أمر يتطلب تخلي البغدادي عن طموحاته الجامحة، وتراجع تنظيم القاعدة عن إصراره على عودة تنظيم "داعش" المنشق تحت رايته.
وتناول التقرير أبرز العوامل التي أدت إلى إضعاف "داعش" وخسارتها للكثير من مواردها، موضحًا أنه بدلاً من استقراره لتوطيد خلافته المزعومة في الأراضي التي يسيطر عليها، سعى التنظيم إلى التوسع العسكري والسيطرة على المزيد من الأراضي، حيث ربط التنظيم الجدوى الاقتصادية بالتوسع العسكري، واعتمد في اقتصاده على فرض ضرائب على السكان وسرقة النفط، محاولاً تكرار نموذج التتار والمغول في اعتمادهم على النهب والاستحواذ على مقدرات الأمم والشعوب لتقوية اقتصادهم وتوفير موارد مالية تدعم مسيرتهم القتالية الهمجية، فكلما ازدادت العمليات العسكرية واحتلال البلاد كلما زادت مواردهم الاقتصادية .
وأكد تقرير مرصد دار الإفتاء أن عوامل الضعف لدى تنظيم "داعش" تمثل فرصة ذهبية لتنظيم "القاعدة" لاستعادة نفوذه القديم والاستفادة من الأخطاء التي وقع فيها تنظيم "داعش" لإعادة بناء العلاقات مع التنظيمات المحلية المتطرفة، وضمان ولائها له، وإعادة فتح معسكرات جديدة لبناء قواته عسكريًّا في مناطق سيطرته في أفغانستان، وهو ما سعى له التنظيم لتأكيد أنه التنظيم الأم الذي انشق عنه "داعش"، وأنه سيظل الأب الروحي لكافة التنظيمات "الجهادية" حول العالم، خاصة وأنه أدرك أن أكبر تهديد يواجهه ليس الولايات المتحدة أو الأنظمة العربية، بل التنظيم المنشق عنه والمسمى بتنظيم "داعش" الذي يضغط على الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة للانضمام إليه.
وحذر المرصد من تداعيات الصراع بين "القاعدة" و"داعش" على مستقبل المنطقة، وما يحمله هذا الصراع من احتمالية ظهور تنظيمات "جهادية" جديدة في غاية التشدد والتطرف بسب حالة الصراع الفكري والخلاف العقدي الدائر بين التنظيمين، والذي سيؤدي إلى حالة من الاضطراب الفكري بين الجماعات المسلحة، ذلك لأن التيار المسلح دائمًا ما يهرب من الخلافات الفكرية باللجوء إلى التشدد الفكري، وهو ما يعني أن المرحلة القادمة يمكن أن تشهد ظهور تنظيمات مسلحة في غاية العنف والتطرف، يتضاءل بجوارها التطرف والتشدد الذي تمارسه التنظيمات المتواجدة حاليًّا على الساحة.