أكد اللواء محمد إبراهيم الدويرى، نائب المدير العام للمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة الأمريكية الإفريقية، التى عقدت فى واشنطن خلال الفترة من 13 - 15 ديسمبر الحالي، تتماشى تماماً مع ما تتحمله مصر من مسئولية تجاه القارة الإفريقية، وهو الأمر الذى تجلى بوضوح فى العديد من المناسبات الدولية الهامة التى شارك فيها الرئيس وعكست مدى الإهتمام المصرى فى الدفع بإتجاه أن تتبوأ إفريقيا المكانة التى تستحقها فى ضوء ماتمتلكه من قدرات وإمكانيات.
وذكر اللواء الدويرى - فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الجمعة، أن الرئيس السيسى طرح خلال رئاسة مصر لاجتماعات الإتحاد الإفريقى عام 2020 ومؤتمر قمة المناخ بشرم الشيخ فى نوفمبر الماضي، رؤية مصر لدعم القارة الإفريقية من خلال العمل على دمجها فى الإقتصاد العالمى وجذب الإستثمارت الأجنبية إليها، فضلاً عن نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة وحل المشكلات المتعلقة بالتأثيرات المناخية والأمن وتوفير مناخ الإستقرار وإنشاء البنية الأساسية اللازمة لإنجاح جهود التنمية.
وقال أن الرئيس السيسى كان شديد الوضوح عندما طرح خلال جلسة تعزيز الأمن الأمن الغذائى وتعزيز النظم الغذائية، التى عقدت أمس الخميس، الرؤية المصرية المتكاملة للتعامل مع أزمة الغذاء فى ظل الظروف الراهنة، حيث أكد على مجموعة من المبادئ الواجبة التنفيذ من أهمها تخفيف أعباء الديون الخارجية للدول الإفريقية وتكثيف الإستثمارات الزراعية الموجهة لإفريقيا وتعزيز التكامل بين دول القارة والإرتباط الوثيق بين الأمن الغذائى والأمن المائي، بالإضافة إلى جهود التكيف المناخى وضرورة الإلتزام بمخرجات قمة شرم الشيخ للمناخ، مع تأكيد إستعداد مصر لمشاركة تجربتها مع دول القارة فيما يتعلق بتعزيز أمن مصر الغذائي، كما طالب الرئيس السيسى الولايات المتحدة والمؤسسات الدولية بتحمل مسئولياتها وإستثمار ثقلها الإقتصادى فى حل أزمة الأمن الغذائي.
وأشار إلى أن المشاركة المصرية الفعالة فى القمة الإفريقية تمنح لمصر القدرة ليس فقط على مستوى طرح القضايا الهامة التى تعانى منها القارة الإفريقية وإنما أيضاً إقتراح الحلول المناسبة والواقعية لهذه القضايا والتى تستند على مبدأ الشراكة الإستراتيجية الكاملة القائمة على العدالة وذلك فى إطار القناعة المصرية التامة بأن الوقت قد حان من أجل أن نرى هذه القارة الكبيرة تحظى بمكانتها التى تتناسب مع وضعيتها الجيوسياسية.
وشدد اللواء محمد ابراهيم - فى الوقت ذاته - على أنه يمكن النظر للقمة الأمريكية الإفريقية، بإعتبارها نقلة نوعية فى التاريخ الحديث للعلاقات بين الولايات المتحدة والقارة الإفريقية، مضيفا أن كافة النتائج المبدئية لهذه القمة تشير إلى أن المرحلة المقبلة سوف تشهد تطورات إيجابية فى هذه العلاقات مقارنة بالفترة السابقة التى شهدت عام 2014 القمة الأمريكية الإفريقية الأولى، إلا أنه لم يكن لها تأثير ملحوظ فى مسار العلاقات بين الجانبين.
وقال "وبالرغم من أن إدارة الرئيس الأمريكى الأسبق "باراك أوباما" كانت حريصة على أن يكون لها السبق فى عقد أول قمة مع إفريقيا وذلك منذ ثمان سنوات إلا أن أهم ما إتسمت به القمة الحالية الثانية أنها عقدت فى ظل مجموعة من المتغيرات الجديدة من بينها تصاعد التنافس الأمريكى الصينى على المستوى الدولى، ونجاح الصين فى تدعيم علاقاتها الإقتصادية مع إفريقيا بشكل تفوقت فيه على الولايات المتحدة بصورة غير مسبوقة، بالإضافة إلى أن ماشهده العالم من جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية دفع الولايات المتحدة إلى إعادة مراجعة سياساتها على مستويات جغرافية مختلفة ومن بينها بالقطع القارة الإفريقية".
ولفت إلى حرص الإدارة الأمريكية على أن توفر لهذه القمة العديد من عوامل النجاح حتى يمكن البناء عليها خلال الفترة القادمة من بينها التوقيع على مذكرة تفاهم مع الأمانة العامة لمنظمة التجارة القارية الإفريقية من أجل إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم بإستثمارات تصل إلى حوالى ثلاثة ونصف مليار دولار، وكذا تأكيد الرئيس الأمريكى على أن يكون لإفريقيا مقعد فى مجموعة العشرين إبتداء من الإجتماع المقبل للمجموعة المقرر عقده فى العام القادم 2023 إضافة إلى التعهدات الأمريكية لتوفير دعم مادى كبير للقارة الإفريقية فى مجالات متعددة من بينها قضايا المناخ والطاقة والأمن الغذائى والصحة والتعليم والتجارة والتنمية، كما أن هناك حديثاً جاداً حول أن يكون لإفريقيا مقعداً فى مجلس الأمن .
وتابع أنه وإذا كانت القارة الإفريقية لم تستطع أن تستفيد حتى الآن من الولايات المتحدة وخاصة فى المجال الإقتصادى بالصورة المفترض أن تكون عليها علاقات الجانبين، إلا أن هذه القمة أصبحت تمثل فرصة كبيرة لإفريقيا من أجل نقل المواقف الأمريكية من خانة التعهدات أو حتى الدعم المتواضع أو المحدود إلى خانة مايمكن أن نسميه الشراكة الإستراتيجية نظراً لما تتميز به هذه القارة من سوق إستثمارية واعدة وموارد طبيعية ومصادر بشرية وسوق إستهلاكية ضخمة وهى كلها عوامل لو تم إستثمارها بالشكل المناسب سوف تنقل القارة الإفريقية إلى وضعية مميزة من المؤكد أنها تستحقها .
وأوضح أنه وفى الوقت الذى حرص فيه الرئيس السيسى على أن ينقل الرؤى والمشاغل الإفريقية إلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولى، فقد كان حريصاً أيضاً على إستثمار هذه المشاركة الهامة فى القمة الأمريكية الإفريقية فى عقد العديد من اللقاءات مع المسئولين الأمريكيين وبعض المؤسسات الهامة من أجل تحقيق هدفين رئيسيين أولهما دعم العلاقات الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة فى كافة المجالات والهدف الثانى تمثل فى بحث بعض القضايا الرئيسية وتأكيد الرئيس السيسى على ضرورة التوصل إلى حلول سياسية لها من أجل تحقيق الإستقرار فى منطقة الشرق الأوسط مع التركيز على قضايا السد الإثيوبى والقضية الفلسطينية والأزمة الليبية بإعتبار أن هذه القضايا هى من أولويات الأمن القومى المصري.
وشدد على أن الإجتماعات التى عقدها الرئيس السيسى مع المسئولين الأمريكيين (وزيرا الخارجية "أنتونى بلينكن" والدفاع "أوستن لويد" - الأعضاء البارزين فى الكونجرس من الحزبين الديمقراطى والجمهورى - تجمع أصدقاء مصر فى الكونجرس - عدد من القيادات الجمهورية فى مجلس النواب - قادة المنظمات اليهودية الأمريكية) عكست مدى القناعة الكاملة لدى هؤلاء المسئولين الأمريكيين بأهمية العلاقات الإستراتيجية مع مصر وضرورة تطويرها نظراً لما تمثله الدولة المصرية من ركيزة أساسية فى إستقرار منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية وجهودها الناجحة فى مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف.
واختتم اللواء محمد ابراهيم بالتأكيد أن مشاركة مصر فى مثل هذه المحافل الهامة تظل خطوة رئيسية تضاف إلى الرصيد الإيجابى الذى تمتلكه مصر على المستوى الدولى بصفة عامة وعلى المستوى الإفريقى بصفة خاصة، حيث أن هذا الرصيد يتيح للقيادة السياسية المصرية أن يكون لها دورها المميز والمرحب به فى أن تتحمل المسئولية كدولة إقليمية عظمى وأن تساهم بقوة وفاعلية فى حل المشكلات على المستويين الإقليمى والدولي.